لطالما عالجت هوليوود موضوع التهديد النووي الذي يواجه الولايات المتحدة بطريقة سينمائية ثابتة تقوم على قاعدة واضحة وهي فشل التهديدات بشكل كارثي.
سواء كانت هذه التهديدات صادرة عن دول كبرى أو ميليشيات وجماعات "مارقة" تتربص بالأمريكيين، فإن السينما الأمريكية عادة ما تصور انتصار الخير وهزيمة الشر بلا منازع.
على هذه الخلفية، يمكن فهم الضجة التي أحدثها فيلم A House Of Dynamite الذي يُعرض حاليا على شبكة "نتفليكس" بعنوان تجاري هو "على حافة الانفجار"، رغم أن الترجمة الحرفية له "بيت من الديناميت" لا تقل تشويقا أو إثارة.
ويغرّد الفيلم خارج السرب، ويقدم رؤية صادمة تشاؤمية تتنبأ لأول مرة بنجاح ضربة نووية شاملة ومميتة تستهدف الأراضي الأمريكية وتحديدا مدينة شيكاغو، ما يؤدي إلى فقدان 10 ملايين روح من الأبرياء في غضون دقائق معدودة.
ويؤدي الفنان إدريس ألبا دور الرئيس الأمريكي الذي يُفاجأ وهو يشارك في مباراة سلة بين طالبات المدارس ضمن أنشطته الروتينية بحرسه الشخصي يحملونه فجأة إلى خارج الملعب، ويصطحبونه إلى موقع آمن حيث يجري اتصالاته المخيبة، ويتلقى توضيحات مخيبة للآمال.
يتبين أن صاروخا نوويا يتوجه نحو الولايات المتحدة، ولم يتبق على زمنه وصوله إلى 7 دقائق، وأن الإجراءات الدفاعية فشلت أكثر من مرة في اعتراضه، ولذا أصبح وقوع الكارثة وشيكا وحتميا.
ما يعمّق من حدة الأزمة أن خبراء وزارة الدفاع "البنتاغون" يفشلون في تحديد مصدر الصاروخ، روسيا أم الصين أم كوريا الشمالية، ولذا تتضاءل القدرة على الرد الحاسم في ظل حالة "اللا يقين" المحبطة التي تضرب الجميع.
نجحت مخرجة العامل كاثرين بيغلو في نقل صورة حقيقية نابضة لشكل المؤسسات الأمريكية في دقائق حاسمة على بعد لحظات من كارثة غير مسبوقة، من حيث اضطراب الموظفين والتماسك الهش للقادة العسكريين، والمشاعر الإنسانية المكبوتة تحت السطح.
حين يصبح الانفجار وشيكا، يتذكر كل مسؤول رفيع أحباءه المعرضين للخطر بدرجة أو بأخرى، لا سيما نائب الرئيس الأمريكي الذي يهاتف ابنته المقيمة بشيكاغو، لكنه لا يستطيع أن يحذرها؛ لأنه فات الأوان، فيقدم على الانتحار بعدها وعيناه مليئتان بالدموع.
تم بناء الفيلم دراميا بشكل دائري غير تقليدي، من خلال تقسيمه إلى 3 أجزاء يتناول كل جزء نفس الحدث، ولكن من وجهة نظر شخصيات أخرى في أماكن أخرى، تتراوح بين كبار الموظفين ومستشاري الرئيس وخبراء البنتاغون.
ربما يكون محبطا للمتلقي أن الفيلم تجنب التعرض لمشاهد الدمار والقتل إثر التفجير النووي، وتركها لمخيلة الجمهور، لكن رسالة صناع العمل كانت واضحة في أن كبار القوم يحتمون في النهاية بالملاجئ النووية، ويتركون المواطن العادي يلقي مصيره المحتوم.
الرسالة الأخرى والأهم التي يحملها الفيلم هو أنه بدلا من الركون إلى أن الولايات المتحدة تمتلك وسائل أمان تقيها شر الصواريخ أو القنابل النووية، عليها أولا أن تزيل أسباب التهديدات والصراعات مع الآخرين، وتسعى لسلام حقيقي وشامل، وليس مناورة، مع مختلف أطراف اللعبة.