ناقشت الجلسة الثانية التي بعنوان: "Cyber Threat Intelligence Without Borders"، ضمن فعاليات النسخة الثالثة من المؤتمر والمعرض العربي الدولي للأمن السيبراني (AICS 2025)، أهمية تعزيز تبادل البيانات والخبرات بين الدول والمؤسسات المختصة لمواجهة تنامي الهجمات الإلكترونية عالمياً، وذلك بمشاركة نخبة من القيادات والخبراء في مجال الأمن السيبراني من المنطقة والعالم.
وذكر الرئيس التنفيذي للأمن السيبراني الماليزي د. حاجي عبدالوهاب أن طبيعة الهجمات الرقمية اليوم أصبحت أكثر تعقيداً وتطوراً من أي وقت مضى، بحيث لم تعد تقتصر على مؤسسات بعينها، بل تستهدف البنى التحتية الحيوية، والقطاعات المالية، وقطاعات الطاقة والصحة والتعليم.
وأكد أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تعاوناً عابراً للحدود، وتأسيس آليات مشتركة لمشاركة معلومات التهديدات على نحو آمن وسريع، بما يتيح للدول الاستجابة المبكرة وتقليل الأضرار المحتملة.
من جهته أشار رئيس قطاع الأمن السيبراني (الخليج) في المملكة المتحدة ويليام ثاير، إلى أن المنطقة تشهد تحولاً رقمياً واسعاً يشمل الخدمات الحكومية والتجارية والمصرفية، وهو ما يزيد أهمية رفع جاهزية البنى التحتية الرقمية وتطوير الكوادر الوطنية القادرة على إدارة الحوادث السيبرانية.
ولفت إلى أن الأمن السيبراني ليس مجرد أنظمة تقنية، بل منظومة متكاملة تحتاج تدريباً مستمراً وتقييماً دورياً لمستوى المخاطر".
من جانبه، أكد الرئيس العالمي للدفاع السيبراني في شركة «باراماونت»، بالاجي فينكاتيشوار، أن الذكاء الاصطناعي أصبح في طليعة التحديات والفرص في آن واحد داخل مشهد الأمن السيبراني العالمي.
وقال فينكاتيشوار إن التقنيات الحديثة "أعادت تشكيل بيئة التهديدات السيبرانية بصورة متسارعة"، موضحاً أن الذكاء الاصطناعي بات يُستخدم اليوم في محاكاة الهجمات، وخلق بيئات متطورة للاختبار، الأمر الذي يتطلب تطويراً موازياً في قدرات الدفاع الرقمي.
وأشار إلى أن "وتيرة تطور الهجمات الإلكترونية أصبحت تفوق سرعة بناء الأنظمة الدفاعية التقليدية"، لافتاً إلى حاجة الدول والمؤسسات للتحول إلى نماذج أمنية متقدمة تقوم على المرونة، والقدرة على التكيف، والتحديث المستمر للأنظمة المعلوماتية.
وأفاد فينكاتيشوار بأن تبادل الخبرات والتعاون الدولي يمثلان عاملاً حاسماً في مواجهة التهديدات العابرة للحدود، معتبراً أن بناء شراكات قوية بين الجهات الحكومية والخاصة سيسهم في تعزيز جاهزية البنى الرقمية وتحصينها ضد الهجمات.
كما نبّه إلى أن إحدى الإشكاليات المتنامية تتعلق بتحسين قدرات إخفاء وتعقيد الهجمات، حيث أصبحت عمليات الاختراق أكثر ذكاءً وذات قدرة على التسلل عبر ثغرات دقيقة لا يمكن رصدها بالوسائل التقليدية، مؤكداً أن الاستثمار في القدرات البشرية والتوعية يعد عنصراً مكملاً للتقنية.
وشدّد فينكاتيشوار على ضرورة بناء منظومات سيبرانية قادرة على استيعاب التطور الرقمي الهائل، مشيراً إلى أهمية الاستعداد المستقبلي ووضع سيناريوهات استباقية للتعامل مع الهجمات، إلى جانب تطوير حلول مبتكرة ترتكز على الذكاء الاصطناعي والتحليل المتقدم للبيانات.
بدوره، ذكر مدير مجلس أمن البيانات في الهند أتول كومار، أن المعرفة البشرية والكفاءات الوطنية تمثل خط الدفاع الأول في مواجهة الهجمات الرقمية، داعياً إلى إطلاق برامج تدريب إقليمية مشتركة تستهدف الطلبة والمهندسين والكوادر الفنية. وأضاف أن توفر المعلومات لم يعد مشكلة، ولكن التأكد من مصدرها وموثوقيتها هو التحدي الحقيقي في عصر تضخم البيانات.
واتفق المتحدثون المشاركون على أن الأمن السيبراني أصبح ركيزة للثقة والاقتصاد والاستقرار السياسي، وأن التعاون الدولي في مجال تبادل معلومات التهديدات، وتطوير قدرات الكشف المبكر، والاستثمار في الذكاء الاصطناعي والأمن السحابي، هو السبيل الأمثل للتصدي للهجمات الإلكترونية المعقدة التي تتخطى الحدود الجغرافية، ولا تميز بين دولة كبيرة أو صغيرة.
واختتمت الجلسة بالتأكيد على أن المرحلة القادمة تتطلب شراكات إقليمية ودولية أوسع، واستراتيجية تعليم وتدريب طويلة المدى لتعزيز الأمن الرقمي في دول مجلس التعاون والمنطقة العربية والعالم.