قالت اليونيسيف إن معدلات السمنة بين الأطفال والمراهقين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تضاعفت منذ عام 2000، متجاوزة معدلات نقص الوزن، محذرة من "ثقل مزدوج من سوء التغذية" في منطقة يواجه فيها ملايين الأطفال حمية غير صحية وجوعاً يهدد حياتهم.
أرقام صادمة حول السمنة بين الأطفال والمراهقين
وفقًا لتقرير اليونيسيف الجديد "الاستفادة من التغذية: كيف تفشل بيئات الغذاء الأطفال"، يعيش 52 مليون طفل دون سن 19 في المنطقة بزيادة وزن أو سمنة، بينهم 22 مليون يعانون من السمنة. بين عامي 2000 و2022، ارتفعت نسبة السمنة بين الأطفال والمراهقين من 7.5٪ إلى 16٪، وهو أحد أعلى معدلات الزيادة على مستوى العالم.
الأزمات الغذائية تزيد الطين بلة
يأتي التقرير في وقت تشهد فيه أجزاء من المنطقة أزمات غذائية حادة تجعل الأطفال يعانون من الجوع وسوء التغذية الشديد. في السودان، دمرت أكثر من عامين من النزاع القاسي نظم الغذاء، مما أدى إلى نزوح ملايين الأشخاص وارتفاع خطر الوفيات بين الأطفال في مناطق قريبة من حافة المجاعة، بينما تحدث المجاعة بالفعل في مناطق عدة.
وفي قطاع غزة، أدت الحرب المستمرة لنحو عامين والقيود الشديدة على المساعدات إلى منع الأسر من الوصول إلى غذاء مغذٍ كافٍ، مع تأكيد حدوث مجاعة في محافظة غزة ومن المتوقع انتشارها إلى مناطق أخرى خلال الأسابيع القادمة.
تأثير الأطعمة المعالجة على صحة الأطفال
قال إدوارد بيجبيدر، مدير اليونيسيف الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا: "التباين لا يمكن أن يكون أكثر وضوحًا. بينما يتناول ملايين الأطفال في المنطقة أطعمة معالجة تؤثر سلباً على نموهم الصحي، يذهب آخرون للنوم جائعين، في مناطق الحروب. هذه هي الصورة الحقيقية لسوء التغذية في المنطقة اليوم".
وأشار التقرير إلى أن الوجبات عالية المعالجة هي سبب رئيسي في ارتفاع معدلات الوزن الزائد والسمنة بين الأطفال والمراهقين. فقد تناول 47٪ من المراهقين بين 15-19 عامًا مشروباً غازيًا في اليوم السابق، و73٪ أكثر من نوع واحد من الأطعمة أو المشروبات السكرية، و37٪ أكثر من نوع واحد من الأطعمة المالحة المصنعة.
نقص التغذية لدى الأطفال الصغار
أكثر من 30٪ من الأطفال بين 6-23 شهرًا لم يتناولوا فواكه أو خضار في اليوم السابق، بينما لم يتناول 40٪ بيضًا أو لحومًا – وهي مصادر أساسية للبروتين والعناصر الغذائية الدقيقة. وتساهم الإعلانات المكثفة للأطعمة المعالجة في هذه الأنماط الغذائية، حيث يواجه المراهقون في العراق ولبنان معدلات تعرض للإعلانات تصل إلى 82٪ و81٪ على التوالي.
تدهور الغذاء في أوقات الأزمات
تزداد سوءًا في أوقات الأزمات، حيث تكافح الأسر اللاجئة والنازحة للحصول على غذاء مغذٍ بأسعار معقولة. المحلات ومطاعم الوجبات السريعة تزود الأطفال بكميات كبيرة من الأطعمة المعالجة، بينما تعتمد الأسر على المساعدات الغذائية التي تركز غالبًا على السعرات الحرارية وليس الجودة، مما يزيد من مخاطر الهزال والتقزم والأضرار التنموية طويلة المدى.
جهود لتحسين بيئات الغذاء للأطفال
بعض الدول بدأت خطوات مهمة لتحسين البيئة الغذائية للأطفال، مثل لبنان الذي حظر ترويج الأغذية التجارية التكميلية للأطفال دون سن الثالثة، وفرض قيودًا على الترويج المشترك مع بدائل حليب الأم، وفرض ملصقات داعمة للرضاعة الطبيعية، وهي إجراءات تحسن بيئة الغذاء للأطفال الصغار.
دعوة عاجلة للعمل لحماية الأطفال
لمنع تفاقم سوء التغذية في المنطقة، هناك حاجة إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية للأطفال في مناطق النزاع، وتوفير غذاء آمن ومغذٍ وميسور التكلفة لكل طفل، من خلال حماية أقوى ضد التسويق الضار للأغذية، وبيئات مدرسية صحية، وملصقات واضحة على العبوات، وحماية اجتماعية موسعة للأسر.
قال بيجبيدر: "لكل طفل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الحق في النمو بصحة جيدة – لا أن يكون ناقص التغذية أو يعاني من السمنة أو محرومًا من الأطعمة التي تغذي الجسم والعقل. نحن بحاجة إلى تحرك عاجل مع شركائنا والحكومات لبناء بيئات غذائية صحية ومستقبل أقوى لكل الأطفال".