بعد جهود مضنية قد تمتد لأيام بل لأشهر من العمل المتواصل في تخطيط وإعداد مادة علمية ممنهجة يحين وقت إظهارها، لتلقّي نتيجة تقييم ذلك العمل بعد أن يرى النور، ولكن ما يعرقل نجاح هذا الجهد هو رهبة الوصول إلى المرحلة أو الفقرة الأخيرة المتمثلة في تقديم العمل وشرح تفاصيله أمام شريحة مستهدفة من الحضور كما هو معروف بـ«البرزنتيشن»، تلك التي تؤرق الكثير من أصحابها ويُوسِمها البعض بـ«يكرم المرء أو يهان»، وحقيقة هذه العبارة لا تذكر مناسبتها خلال فترة الامتحانات الدراسية فقط، بل في كل موقف حاسم يمر في حياة الأفراد.
وتتفاوت حدة التوتر أثناء تقديم العرض من شخص لآخر، قد تبلغ ذروتها لدى البعض فتظهر عليه أعراض لافتة مثل الملامح المضطربة والنظرات المشتتة والكلام الملبك المصحوب بالتأتأة خلال التقديم والإطالة في الكلمات وتكرارها مع صعوبة الانتقال إلى المحاور التي تليها، ما يؤدي إلى إطالة وقت تقديم العرض بحديث لا طائلة له ويضع الشخص في موضع الإحراج.
كما هو معروف بأن البيئات التعليمية والمهنية لا تخلو من العروض التقديمية «البرزنتيشن» التي لا مفر منها، بل أصبحت متطلبات أساسية في عمليات التعليم وفي سير الأعمال المهنية الأخرى، لذا يجب تخطي حاجز التوتر للتغلب على العراقيل التي تفسد نجاح العرض أمام الحضور.
ويكمن تعزيز الثقة بالنفس في نسيان المخاوف والتوتر، ومحاولة التركيز على المادة المحدد طرحها بدلاً من الاهتمام إلى نظرات الحضور وتعليقاتهم الجانبية التي من شأنها إرباك مواصلة الحديث خلال التقديم، وأيضاً التهيئة الفسيولوجية لها أهمية لا يغفل عنها كالتنفس العميق وأخذ قسط كافٍ من الراحة والنوم وتناول الوجبة الصحية، ومن بينها شرب كميات كافية من الماء تحفيزاً لطاقة البدن على إنجاز المهام بكامل النشاط والحيوية.
كما أن للاستعداد المسبق دوراً فعالاً في نجاح العرض التقديمي، عندما يقوم الشخص بتكثيف تحضيره وتدربه على تقديم المحاور أولاً مع ذاته، ومن ثم يبدأ بتقديمها أمام أسرته وأمام زملائه، وتقبّل آرائهم وملاحظاتهم للتعرّف على مَواطن القصور والأخطاء التي يجب تصحيحها تجنباً للوقوع فيها خلال التقديم الفعلي، وفتح باب الحوار والنقاش معهم حول المادة المطروحة، ليتسنى له معرفة الأسئلة المتوقعة من لجنة التحكيم أو الحضور للاستعداد لها، ما يجعل تجاوبه مع الاستفسارات سلساً وبعيداً عن التخبطات المحرجة.
إن الطرق والحلول العلاجية لأزمة التوترات خلال التقديم كثيرة ويطول الحديث عنها، ولكن يجب على مقدم العرض اتباعها، لنبذ المخاوف وتخطيها، وتعزيز الثقة بالنفس التي من شأنها إنجاح العرض وإبهار الحضور، ما يعقبه الاستمرارية في بذل المزيد من الإنجازات التي تطور مستويات البيئات التعليمية والمهنية.