فقد محمد علي جاسم زايد الوعي والإدراك مدة شهرين، بعد أن تعرض لحادث سير أليم سبب له ارتجاجاً ونزيفاً بالدماغ ومضاعفات أخرى خطيرة، قبل أن يُعالج بمستشفى المحرق للمسنين وقدمت له خدمات علاجية ورعائية منحته أملاً جديداً بالتعافي والشفاء.وحقق المستشفى إنجازاً لافتاً في حالة محمد زايد، ووفر له العلاج المناسب والخدمة التشخيصية المطلوبة، حيث فقد المصاب القدرة على النطق والمشي والبلع إضافة إلى مشكلات صحية أخرى وتراخٍ في العضلات، وسلوك عدواني تجاه الأطباء والممرضين.الخدمات العالية المقدمة لمحمد ومتابعة حالته الصحية باستمرار من قبل المختصين، مكّنته أخيراً من النطق والمشي وبلع السوائل بمساعدة الفريق الطبي، ويستطيع حالياً ممارسة الألعاب السهلة مع بقية المرضى المحيطين به كلعب الورق، والتغلب على سلوكه العدواني تجاه المحيطين به. ويقول والد المريض علي جاسم زايد «كنت متشائماً من أخذ ابني للعلاج إلى مستشفى المحرق للمسنين للعلاج، وكانت لدي فكرة خاطئة حول الخدمات الصحية المقدمة في المستشفى، وكنت خائفاً جداً على ابني، وأجريت اتصالات عديدة لإخراجه من المستشفى والتوجه به للعلاج في الخارج، ولم أعلم بالمستوى الراقي من الاهتمام والرعاية الموجودة في المستشفى رغم الأدوات والأجهزة الطبية البسيطة لديهم».ويضيف الوالد «من خلال ملازمة الأطباء لمحمد في المستشفى، لمست رعاية واهتمام العاملين الصحيين بجميع المرضى، والعمل الدؤوب للكادر الطبي بالمستشفى، ما أسهم في تغيير فكرتي حول المستشفى». ووجه جزيل شكره وتقديره إلى الكادر الطبي والتمريضي والمسؤولين عن الخدمات الطبية المساندة من علاج طبيعي وتأهيلي لتحسين حالة ابنه الصحية، بحيث تمكن من النطق والبلع والمشي، متمنياً أن يكون للعلاج في الخارج دور في إسراع عملية التعافي.وقال إن رحلة العلاج ونتائجه الفعلية بدأت من مستشفى المحرق للمسنين، مضيفاً «يعود الفضل للعاملين في المستشفى في تحسن حالة ابني الصحية وتماثله للشفاء».ويعتبر مستشفى المحرق لرعاية المسنين ملحقاً صحياً يتبع وزارة الصحة، ويُعنى بتوفير تسهيلات شاملة للخدمات الطبية وإعادة التأهيل البدني والاجتماعي المسنين ومرضى الإقامة الطويلة، ويوفر المتابعة الطبية والتمريضية والعلاج الطبيعي وإعادة التأهيل والخدمة الاجتماعية وتثقيف الأسرة، وتوفير البيئة المناسبة لمساعدة المرضى والأسرة على التكيف مع الأوضاع الجديدة، وتقديم خدمة طويلة الأجل وأخرى قصيرة المدى لإعادة التأهيل. وقالت طبيبة المسنين د.صفاء فيروز، إن المستشفى استقبل في 19 سبتمبر 2012 المريض محمد علي جاسم وتم نقله إلى وحدة الإقامة الطويلة بالمستشفى لتلقي الرعاية وإعادة التأهيل، وكان المريض يعاني من مجموعة مضاعفات نتيجة حادث تعرض له، مضيفة «كان فاقداً للوعي وبعد أن استعاد وعيه كان عدوانياً جداً يضرب ويركل أي شخص يحاول الاقتراب منه، وكان هناك أنبوب «هوز» في معدته يتناول من خلاله الطعام وكانت يده اليسرى مربوطة لكثرة حركته وخشية أن يتحرك الأنبوب ويخرج من بطنه، فيما كانت يده اليمنى تعاني ضعفاً شديداً نتيجة لخضوعه لعملية جراحية».من جهته قال الباحث الاجتماعي بمستشفى المسنين فيصل جواد «حرصنا على التواصل مع أسرة محمد لإقناعهم بعلاجه في المستشفى لحين إتمام إجراءات علاجه بالخارج، إلا أن تصور الأهل عن المستشفى لم يكن إيجابياً، خاصة أن المصاب شاب في الـ18 من عمره ويعالج في مستشفى لكبار السن».وأردف «كانوا مصرين على نقله بأسرع وقت ممكن، وأجروا عدة اتصالات مع جهات من داخل البحرين وخارجها لاتخاذ إجراءات علاجه في الخارج سريعاً»، موضحاً «إلا أنني تمكنت من إقناع أهل المريض بإبقائه في المستشفى لتلقي العلاج إلى أن يحين موعد سفره».وقال أخصائي العلاج المهني بالمستشفى علي صباح «أُسندت إلي مهمة متابعة المريض منذ وصوله للمستشفى، بعد أن قيمت ورئيس قسم العلاج الطبيعي أحمد حسين حالة المريض، وتبين من التقييم أن محمد مصاب بارتجاج ونزيف دماغي، نتج عنه سلوك عدواني وضعف في التوافق العضلي العصبي، وكان يعاني ضعفاً في يده اليمنى نتيجة لعمل جراحي، وكان فاقداً للإدراك». وتابع «كان يعاني ضعفاً في النطق والبلع وعدم القدرة على المشي وفاقداً للتوازن، ولديه ميل للانعزال وعدم التواصل مع الآخرين بواسطة النظر، وكانت أولى أهدافنا مساعدته على النطق عبر اعتماد تقنيات واستراتيجيات معينة، وتمكنا من تحفيز المريض على النطق والبلع خلال 4 جلسات».وأضاف «كان لهذا التقدم دور كبير في رفع ثقة والدي محمد في مستوى الخدمات والرعاية المقدمة للمريض بالمستشفى، ولشدة فرحتهما بتقدم محمد كانا حريصين على تشجيعه على النطق والتحدث معهما عبر الاتصال بالهاتف»، مؤكداً الدور المتكامل لكل من العلاج المهني والطبيعي والتمريض والأهل في تحسن حالة المصاب الصحية.وعلقت الممرضة العامة فاطمة عيسى أن من علامات تحسن حالة المريض محمد «إننا كنا نتعمد ذكر بعض المعلومات الخاصة به بشكل خاطئ، ويصححها لنا مثل الاسم والرقم الشخصي».ويتابع علي صباح حديثه «بعد أن تمكنا من مساعدته على النطق والقدرة على التحكم في إخراج اللعاب، تلاشى سلوكه العدواني وأصبح أكثر تفاعلاً مع محيطه، وبدأ يتقبل الجلوس مع بقية المرضى ولعب الورق معهم، وبدأنا بالانتقال للمرحلة الثانية من العلاج والتأهيل عبر مساعدته على التوافق العضلي والعصبي وتمارين المشي وتجاوب كثيراً مع العلاجات المقدمة له، وتمكن من القيام من السرير والجلوس عليه بشكل متزن، إلا أن عضلاته مازالت تحتاج لتقوية ومزيداً من التمارين»، مضيفاً «نعمل الآن على تقوية العضلات الدقيقة عن طريق الأنشطة والتمارين المكثفة».وقال الباحث فيصل جواد إن أهل المريض أكدوا رغبتهم في استكمال الرعاية الصحية لابنهم بعد عودته من العلاج بالخارج في مستشفى المحرق للمسنين، لما رأوه من رعاية وعناية صحية كبيرة ساهمت في تحسن ملحوظ في حالة ابنهم المصاب.ولفتت الممرضة العامة فاطمة عيسى إلى أن أهل المريض كانوا متجاوبين مع إدارة المستشفى لأبعد الحدود، حيث كانت زيارتهم مستمرة ويقدمون المساعدة في العلاج والتأهيل والقيام بالتمارين اللازمة للارتقاء بصحة المريض وسط إشراف الفريق الطبي وإرشاداته، ما ساهم في تحسن صحة المريض، مؤكدة «لديه الآن قابلية كبيرة للتحسن أكثر فأكثر خلال الفترة المقبلة».ويُعد مستشفى رعاية المسنين بالمحرق المستشفى الحكومي الوحيد الذي يقدم خدمات متكاملة للمسنين، وافتتح عام 1973 بطاقة 24 سريراً، وفي عام 1974 تم إدخال 22 مريضاً للمستشفى، وزادت الطاقة الاستيعابية مع مرور السنين حتى وصلت في 2012 إلى 104 مرضى موزعين على 4 أجنحة، وفي هذا العام وتماشياً مع خطة التطوير تم افتتاح وحدتين متكاملتين للمرضى بطاقة 45 سريراً، وحدة للعلاج الطبيعي والتأهيلي للنساء والرجال وعيادة للأسنان. ويقدم مستشفى المحرق لرعاية المسنين هذه الخدمات من خلال فريق يتكون من أطباء وممرضين وأخصائي العلاج الطبيعي والعلاج المهني والأخصائيين الاجتماعيين والصيدلي وخبراء التغذية والدعم الإداري.