دائماً ما أتحدث وأؤكد عن أن «ريادة الأعمال» هي الحل. فرص العمل والابتكار وتنويع مصادر الدخل وزيادة التصدير هي من نتاج التوسّع في منظومة ريادة الأعمال ودعم رواد الأعمال، والآن يأتي القرار بتسهيل منح سجل افتراضي «سجلي»، إضافة إلى دعم مالي بقيمة 200 دينار للباحثين عن عمل، خطوة محورية وإيجابية نحو تمكين الكوادر الوطنية وتعزيز منظومة ريادة الأعمال في مملكة البحرين.

تكمن أهمية هذا القرار في كونه لا يقتصر على مجرد تقديم دعم مالي مؤقت، بل يفتح آفاقاً واسعة للعاطلين للتحول من باحثين عن عمل إلى أصحاب أعمال ومنتجين، وللحصول على الفائدة القصوى من هذا القرار أعتقد يمكن القيام بمبادرتين مكملتين.

الأولى هي توفير برامج تدريب متخصّصة لأصحاب «سجلي» الجُدد تغطّي جوانب أساسية مثل إدارة المشاريع الصغيرة، والتسويق الرقمي، والتخطيط المالي، وتدريبهم أيضاً على أداء الأعمال التي يتيحها «سجلي» مثل التصميم والتصوير والبرمجة وغيرها، حيث يُتيح سجلي 39 نشاطاً تجارياً، ويمكّن أصحابها من التعاقد وتقديم الخدمات.

لكن هناك نقطة أود ذكرها هنا، هي أن أصحاب «سجلي» لا يتمكنون من فتح حسابات بنكية، ربما لعدم امتلاكهم عنواناً تجارياً، ويحصلون على مقابل أتعابهم عن طريق التحويل على حسابهم الشخصي، بينما من الأفضل أن تكون أمورهم المحاسبية والمالية أكثر تنظيماً عبر إتاحة إمكانية فتح حساب بنكي لمؤسستهم.

المبادرة الثانية الداعمة لقرار «سجلي» للباحثين عن عمل برأيي، هي رصد الشركات التي تبادر للحصول على هذه الأعمال من رواد الأعمال الجُدد أصحاب «سجلي». لقد رصدنا حتى الآن 63 شركة وطنية والتي طرحت حتى الآن 2272 شاغراً عبر المنصة الوطنية للتوظيف، ولا ضير من البدء برصد الشركات التي تُعلن أنها حصلت على خدمات الباحثين عن عمل الذين امتلكوا «سجلي».

في الواقع تكمن أهمية مساعدة الشركات للعاطلين في الحصول على خدماتهم عبر «سجلي» في تعزيز مبدأ الاحتواء الاقتصادي. عندما تتعاقد الشركات الكبرى والصغيرة مع أصحاب «سجلي»، فإنها لا تحصل على خدمة أو منتج فحسب، بل إنها تدعم الاقتصاد المحلي وتمكّن الأفراد من المنافسة، وتزيد من مرونة سلاسل الإمداد لديها بالاستفادة من الخدمات المبتكرة والمخصّصة التي يقدّمها الأفراد، وتساهم في بناء سجلّ حافل لأصحاب الأعمال الحُرة الجدّد، مما يسهّل عليهم النمو مستقبلاً.

لابد أيضاً من التركيز على الدور المحوري لـ«تمكين»، والتي تضمن تحويل هذا التوجيه الحكومي إلى واقع عملي ومستدام من خلال برامجها الموجهة لتعزيز مهارات وقدرات الكوادر البحرينية للانخراط في سوق العمل أو تأسيس مشاريعهم الخاصة. هذا التكامل بين التسهيلات الحكومية ودعم «تمكين» يضمن إطلاق طاقات الشباب الباحثين عن عمل بشكل فعّال.