يشمل الذكاء الاصطناعي في قطاع التجزئة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين تجارب العملاء، وتبسيط العمليات التجارية، وتعزيز عملية اتخاذ القرار. ومن خلال التحليلات المتقدمة والأتمتة والتخصيص، يمكّن الذكاء الاصطناعي تجار التجزئة من إنشاء تجارب تسوّق أكثر كفاءة وجاذبية سواء عبر الإنترنت أو في المتاجر الفعلية.
أصبحت التقنيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من وظائف مثل توصيات المنتجات، والتسعير الديناميكي، وإدارة المخزون، وخدمة العملاء.
كما أدخل الذكاء الاصطناعي التوليدي إمكانات جديدة للتفاعل في الوقت الحقيقي، وتوليد المحتوى، وتعزيز التواصل التفاعلي مع العملاء.
ورغم الإمكانات الكبيرة، لايزال العديد من تجار التجزئة يواجهون تحديات في تطبيق الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع وإدارة تكاليفه. وتشير تقديرات شركة McKinsey إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي وحده يمكن أن يخلق ما بين 240 إلى 390 مليار دولار أمريكي من القيمة لقطاع التجزئة.
كما أفادت IBM أن أربعة من كل خمسة مستهلكين لم يجرّبوا بعد الذكاء الاصطناعي في التسوّق، مهتمون بتجربته، خصوصاً لأغراض البحث عن المنتجات، والعروض، وحل المشكلات.
- حالات استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع التجزئة:
يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على تبسيط تجربة البيع بالتجزئة من البداية إلى النهاية، من خلال تحسين العمليات الإدارية وتقديم محتوى مخصّص بدرجة عالية لكل متسوق. ومن أبرز حالات الاستخدام الشائعة ما يلي:
1. تجارب التسوق الشخصية:
يُعدّ التخصيص أبرز مظاهر تأثير الذكاء الاصطناعي في التجزئة. فمن خلال تحليل بيانات المستهلكين مثل التفضيلات، وسجل المشتريات، وسلوك التصفح، يولّد الذكاء الاصطناعي توصيات مخصصة وعروضاً مستهدفة.
وتستخدم شركات مثل أمازون ونتفليكس محركات توصية تقترح منتجات أو محتوى يتماشى بدقة مع اهتمامات العملاء. كما تعزّز خوارزميات التسعير الديناميكي هذا التخصيص عبر تعديل الأسعار في الوقت الحقيقي بناءً على الطلب والمنافسة وسلوك العملاء، مما يزيد من رضاهم ويحقّق أرباحاً أعلى.
أما الجيل التالي من التخصيص -أو ما يعرف بـ»التخصيص الفائق» (Hyperpersonalization)- فيدمج بيانات لحظية دقيقة مثل السلوك والبيئة والمزاج للتنبؤ بالاحتياجات وتشكيل التجربة بأكملها، بدءاً من تصميم مواقع الويب إلى الحملات البريدية المخصّصة. هذه الرؤى التنبؤية ترفع من معدلات التفاعل والولاء والتحويل.
2. تجربة العملاء والوكلاء الافتراضيون:
تحوّل المساعدات الافتراضية وروبوتات المحادثة (Chatbots) المدعومة بالذكاء الاصطناعي تجربة خدمة العملاء في التجزئة. وبفضل معالجة اللغة الطبيعية (NLP)، تستطيع هذه الأدوات إجراء محادثات واقعية تساعد العملاء في البحث عن المنتجات، وتتبع الطلبات، وحل المشكلات.
كما تساهم في تأهيل العملاء المحتملين ضمن مسار المبيعات، وتقدم خدمة متواصلة على مدار الساعة.
كما يتيح الذكاء الاصطناعي تطوير أدوات الرؤية الحاسوبية والواقع المعزز (AR) التي تُحسّن من اكتشاف المنتجات. فعلى سبيل المثال، تسمح عمليات البحث بالصور للعملاء برفع صورة للمنتج والعثور على عناصر مشابهة.
أما تقنيات التجربة الافتراضية (AR Try-On) مثل تلك التي تستخدمها Sephora، فتمكّن المتسوقين من تجربة المنتجات افتراضياً، مما يعزز ثقتهم في قرارات الشراء.
3. التنبؤ بالطلب:
تعتمد نماذج التنبؤ بالطلب القائمة على التعلّم الآلي على بيانات المبيعات والعملاء والسوق للتنبؤ بالطلب على المنتجات بدقة تفوق الطرق التقليدية. وتساعد هذه الرؤى تجار التجزئة على تحسين المخزون وتقليل الهدر والاستجابة السريعة لتقلبات السوق.
فعلى سبيل المثال، تستخدم متاجر البقالة أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لأتمتة الطلبات اليومية وضمان توفر المنتجات الطازجة وتقليل الفائض.
4. إدارة سلسلة الإمداد:
يعزز الذكاء الاصطناعي العمليات التشغيلية في قطاع التجزئة من خلال تحسين الخدمات اللوجستية، والتنسيق مع الموردين، وإدارة المخزون. كما يُحسّن تخطيط المسارات اللوجستية، ويخفض التكاليف، ويضمن تسليم الطلبات في الوقت المحدّد، مع إمكانية دمج مؤشرات الاستدامة مثل خفض الانبعاثات الكربونية.
ويمكن للأنظمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي إعادة طلب المنتجات منخفضة المخزون تلقائياً وتبسيط التفاعل مع الموردين، مما يقلّل الأخطاء البشرية والعبء الإداري.
تستخدم شركات مثل Walmart الذكاء الاصطناعي لتحسين مسارات التوصيل، وتحليل أنماط الطقس، وضمان التسليم في الوقت المحدد. هذه الابتكارات تساعد على تحقيق الكفاءة التشغيلية، خفض التكاليف، وتوفير تجربة سلسة لكل من التجار والمستهلكين.