وليد صبري


قالت الحاصلة على دكتوراه في أبحاث التمريض وصحة العائلة وتعزيز الصحة، وعضو جمعية السكري البحرينية، د. تقى بوصبيعة، إن مرض السكري يُعد من أكثر الأمراض المزمنة انتشاراً في العالم، ولا تقتصر آثاره على الجوانب الجسدية فحسب، بل تمتد لتشمل الأبعاد النفسية والاجتماعية التي تمس المريض وأسرته معاً.

وأوضحت أن الأسرة تمثل البيئة الأولى والداعمة للمريض منذ لحظة التشخيص، وتعد الرافد الأساسي الذي يعينه على التكيف مع المرض والالتزام بالعلاج وتحقيق جودة حياة أفضل.

وأشارت د. تقى بوصبيعة إلى أن التوصيات العالمية الصادرة عن الجمعية الأمريكية للسكري (ADA, 2025) تؤكد أن الرعاية الفعالة للسكري لا تتحقق إلا من خلال مشاركة الأسرة والمجتمع في تبني أسلوب حياة صحي متكامل، موضحة أن السيطرة على المرض تعتمد على سلسلة من الممارسات اليومية المستمرة التي تشكل نمط حياة طويل الأمد، وليست مجرد التزام مؤقت بالعلاج.

وتشمل هذه الممارسات اتباع نظام غذائي متوازن يعتمد على تناول كميات كافية من الخضروات والفواكه الطازجة والحبوب الكاملة، مع تقليل الأطعمة المصنعة والسكريات المضافة، وتناول وجبات صغيرة منتظمة لتجنب التقلبات المفاجئة في مستوى السكر بالدم.

وأضافت أن التوصيات توصي أيضاً بممارسة النشاط البدني المنتظم بما لا يقل عن 150 دقيقة أسبوعياً من النشاط المعتدل مثل المشي أو السباحة أو ركوب الدراجة، إلى جانب تمارين المقاومة مرتين أسبوعياً لتحسين حساسية الجسم للأنسولين وتقوية العضلات، ويفضل ممارسة النشاط البدني مع مرافق.

كما شددت الجمعية الأميركية للسكري على أهمية المراقبة الدورية لمستوى السكر في الدم، والفحص المنتظم للمضاعفات مثل اعتلال الشبكية والكلى والأعصاب، بالإضافة إلى أهمية الدعم النفسي والتثقيف الصحي كأدوات رئيسية في السيطرة على المرض والوقاية من مضاعفاته.

وبيّنت أن الاتحاد الدولي للسكري (IDF, 2025) شدد في معاييره الحديثة على أهمية نهج الرعاية المتكاملة الذي يجمع بين العلاج الطبي والتثقيف المستمر والمتابعة الدقيقة والدعم الأسري والاجتماعي، مؤكداً أن نجاح خطة العلاج يرتبط ارتباطاً مباشراً بمستوى وعي الأسرة وتعاونها اليومي مع المريض في تطبيق الإرشادات الغذائية والدوائية، وتهيئة بيئة منزلية محفزة للسلوك الصحي.

وأوضحت أن دور الأسرة يتمثل في ترجمة هذه التوصيات إلى سلوك عملي داخل المنزل، من خلال تشجيع المريض على تناول وجبات صحية، ومشاركته النشاط البدني، والمتابعة المنتظمة لمواعيد الأدوية والفحوصات، إلى جانب امتلاك المعرفة الكافية للتعامل مع حالات انخفاض أو ارتفاع السكر المفاجئ بما يسمح بالتدخل السريع.

وأكدت أن الجانب النفسي لا يقل أهمية عن الجسدي، إذ يحتاج المريض إلى الدعم العاطفي والتشجيع لتقليل الشعور بالإحباط والعبء النفسي، مشيرة إلى أن الدراسات أظهرت أن الدعم الأسري الفعّال يقلل من معدلات الاكتئاب والقلق لدى مرضى السكري، ويزيد من التزامهم بالعلاج بشكل واضح.

وشددت د. تقى بوصبيعة على أن الأسرة الواعية تمثل شريكاً أساسياً في رحلة العلاج، فهي ليست متلقية للتعليمات فحسب، بل فاعلة في الرعاية اليومية الذاتية، مشيرة إلى أن تعزيز ثقافة التمكين الأسري يمكن أن يحوّل تحدي المرض إلى فرصة لتعزيز الترابط الأسري ونشر الوعي المجتمعي حول أهمية الوقاية والتعايش الإيجابي مع السكري.