برنامج «قدها» يُعد تجربة فريدة تسعى إلى إعادة تشكيل صورة الشاب البحريني كشخصية فاعلة قادرة على القيادة وتحمّل المسؤولية. فمنذ ظهوره الأول، أثبت البرنامج أنه يتجاوز الأطر التقليدية للمبادرات الشبابية، ليكون مشروعاً متكاملاً يعكس توجّهاً وطنياً نحو تمكين الشباب وغرس القيم الأساسية في نفوسهم.

شكّلت النسخة الثانية من البرنامج، التي انطلقت برعاية سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، تأكيداً إضافياً على جدية هذه الرؤية وعمقها. المبادرة أصبحت جزءاً من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تنمية قدرات الإنسان البحريني وتمكينه من خوض التحديات بثقة وإرادة.

ما يميز «قدها» فعلياً هو اعتماده على بيئة تدريبية تحاكي الواقع بكل ما فيه من مشقة، ما يمنح المشاركين فرصة حقيقية لاختبار قدراتهم النفسية والبدنية. وخلال مراحل البرنامج، يمرّ الشباب بتجارب تتطلب منهم الصبر، والانضباط، والعمل ضمن فريق، مما يخلق لديهم وعياً جديداً بذواتهم وقدراتهم الكامنة.

هذه التجربة تترجم القيم إلى سلوك عملي يظهر جلياً في أداء المشاركين. فالتدريبات الميدانية والمواقف الصعبة التي يواجهونها تسهم في صقل شخصياتهم، وتدفعهم لاكتشاف حدود جديدة لطموحاتهم.

سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة أكد أن البرنامج يمثّل رؤية متكاملة لبناء شخصية الشباب البحريني، متماشياً مع تطلعات سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة في تمكين الجيل القادم ليكون شريكاً فاعلاً في التنمية الوطنية، وهنا نذكر بأن سموهما -ناصر وخالد- كانا ومازالا نموذجاً للشباب البحريني في خوض التحديات والإصرار وقهر الصعاب، وهما داعمان بقوة لشبابنا البحريني الذي نعول عليهم الكثير.

نجاح «قدها» يمتد إلى طريقة تنفيذه التي تعكس احترافية عالية وتنظيماً دقيقاً. فخلف الكواليس، هناك عمل ضخم شمل أسابيع من التحضير، وتجارب ميدانية متعددة، وتوثيق شامل بكاميرات ولقاءات تُظهر حجم الجهد المبذول. الأرقام وحدها، مثل عدد المواقع والفعاليات والمقابلات، تؤكد أننا أمام مشروع بحجم طموحات وطنية حقيقية.

من أبرز الوجوه التي ظهرت خلال البرنامج إضافة للمشاركين المجتهدين هو المخرج الشاب أحمد الشيخ، الذي استطاع قيادة العمل بكفاءة عالية كعادته في البرامج التي يتولى مسؤوليتها. وما قدمه أحمد يُظهر بوضوح إمكانيات الشباب البحريني عندما يُمنح الفرصة، ويؤكد أن الإبداع المحلي قادر على الوصول إلى مستويات متميزة.

مثل هذه البرامج مدارس واقعية تعلّم قيماً ومهارات لا تُكتسب في الفصول الدراسية. ومن هنا، فإن استمرار «قدها» وتوسّعه ليشمل مجالات جديدة يُعد استثماراً ضرورياً في مستقبل البحرين، وبوابة حقيقية لإعداد جيل واعٍ، ملتزم، وطموح.

يبقى الأمل قائماً في أن تتوسع هذه التجربة الملهمة، وتصبح منصة دائمة لصناعة التغيير وبناء الكفاءات، ليظل شباب البحرين دائماً على قدر التحدي.