شهد الأسبوع الماضي إعلانات الشركات والمؤسسات المالية والاقتصادية لنتائجها الربحية خلال الأشهر التسعة الماضية من عام 2025، والأمر الملفت في هذه الإعلانات أنها جميعها حققت أرباحاً صافية بنسب مرتفعة عن نفس الفترة للعام الماضي.
ولقراءة هذه المؤشرات بصورة جمعية يمكن القول بأن هذا هو انعكاس حقيقي للجهود الحكومية التي تبذل في سبيل تحقيق بيئة اقتصادية مستقرة وواعدة تجذب مزيداً من الاستثمارات إلى البحرين، وتحقق الأرباح المعقولة والحقيقية للشركات الراسخة في المملكة، مثل بنك البحرين للتنمية الذي حقق 1.28 مليون دينار أرباحاً صافية، وبنك البحرين الوطني الذي أعلن زيادة في صافي ربح المساهمين بـ19.4 مليون دينار، كما حقق بنك البحرين والكويت أرباحا لمساهميه بـ56.5 مليون دينار، وسجل بنك السلام ارتفاعاً في صافي الأرباح العائدة على المساهمين بـ154.3 مليون دولار، وشركة المطاحن التي حققت 1.2 مليون دينار صافية، وشركة جي إف إتش التي حصدت 101.27 مليون دولار أرباحا صافية، وشركة «باسرك» بما يقارب نصف مليون دينار عائدة على المساهمين، وشركة «استيراد» التي أعلنت زيادة 17% في صافي أرباحها، وسوليدرتي البحرين أيضا التي أعلنت عن أرباح بقيمة 7 ملايين دينار، وغيرها العديد من الشركات والبنوك التي لا أستطيع حصرها في هذه المساحة.
ولا نذكر علماً حصرياً بشأن أثر البيئة الاستثمارية التي تعتبر السبب الأول لما يحدث في البحرين، حيث ترتكز تلك البيئة على التوليفة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتضاف إليهما القضاء الناجز وسرعة حل النزاعات بأدوات تعتمد على الشفافية والعدالة والحيادية.
ولا شك أن مملكة البحرين بقيادتها الرشيدة استطاعت أن تصنع تلك الخلطة باحترافية مشهود لها سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي، حيث نجد تعاوناً محموداً بين السلطة التشريعية والتنفيذية في إيجاد القوانين والقرارات المعاونة لمرونة السوق وحريته، ضمن إطار يحمي الجميع، ويجذب المستثمر الباحث عن بيئة نشطة، وتتمتع بتلك الحرية والعدالة، فضلاً عن الميزة الضريبية، وهو ما جعل منطقتنا اليوم أكثر مناطق جذب المستثمرين من الغرب والشرق.
وكان آخر هذه المبادرات التي ستظهر نتائجها الواعدة على الصعيدين المحلي والدولي، هو تدشين محكمة البحرين التجارية الدولية خلال فعاليات منتدى الملك حمد للعدالة الذي افتتحه سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وتحدث خلاله عن تلك المحكمة، ومفهوم الحيادية وأثرها في حل النزاعات التجارية، وآلية عمل المحكمة، وقدرتها على أن تكون رافداً للاقتصاد إلى جانب وظيفتها الأساسية وهي حل النزاعات.
لقد كانت فكرة تلك المحكمة التجارية الدولية، فكرة عبقرية تؤكد على حكمة قيادتنا في رسم مستقبل اقتصاد البحرين وجعلها سوقاً يقدم الخدمة والحكمة والعدالة والحيادية في حزمة واحدة، فلن تكون تلك المحكمة إلا مقراً نوعياً يستضيف الاقتصادات الدولية لحل نزاعاتها، ويروج للبحرين في الوقت ذاته.
لذلك أرى أن ما حققته المؤسسات الاقتصادية من أرباح في الأشهر التسعة الماضية، ما هو إلا مؤشر على أن اقتصادنا يبدأ مرحلة جديدة من النمو المستقر والمستدام، ولا أعتقد أن المبادرات ستنتهي عند مرحلة المحكمة التجارية الدولية، ولكن المستقبل يحمل الخير الكثير في ظل القيادة الوفية لهذه البلاد والحريصة على أن ينمو بقوة، ويكون له مكانة بارزة بين الاقتصادات الكبيرة المحيطة به.