الخطة الأمريكية المقترحة لوقف الحرب في أوكرانيا تضمنت ٢٨ نقطة، ووضعت الرئيس الأوكراني زيلينسكي في مأزق كبير تحدث عنه علانية، إذ أصبح بين المطرقة والسندان؛ فإما أن يتنازل عن جزء كبير من أراضي أوكرانيا لصالح الروس بالإضافة إلى تنازلات أخرى ليست بالسهلة، أو يفقد الدعم الأمريكي بكافة أنواعه، وأهمه العسكري والاستخباراتي.

ونشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» تحليلاً قيّماً لأبرز النقاط الواردة في المقترح الأمريكي، وربطت كل نقطة بالموقفين الأوكراني والأوروبي.

وأول ما تناولته الصحيفة نقطة تتعلق بتقليص العدد الهائل للقوات الأوكرانية، الذي يصل حالياً إلى 900 ألف جندي، ليصبح 600 ألف فقط.

وبيّنت الصحيفة أن وجهة النظر الأوروبية والأوكرانية ترى في هذا التقليص خطراً على أمن أوكرانيا، خصوصاً في حال وقوع أي هجوم روسي مستقبلاً، كما أنه يبعدها عن نموذج الجيش الإسرائيلي الذي تعتبره كييف نموذجاً ناجحاً للجيش القوي القادر على حماية أراضيه.

أما النقطة الثانية فتمحورت حول الضمانات الأمنية الأمريكية، وتشمل الآتي:

١- حصول الولايات المتحدة على تعويضات مقابل هذه الضمانات.

٢- فقدان أوكرانيا هذه الضمانات إذا اجتاحت الأراضي الروسية.

٣- التزام الولايات المتحدة بالرد عسكرياً وبشكل حاسم بالتنسيق مع أوكرانيا إذا اجتاحت روسيا الأراضي الأوكرانية، مع إعادة فرض العقوبات على موسكو وإلغاء جميع الاعترافات بالأراضي التي استحوذت عليها.

٤- اعتبار الضمانات الأمنية لاغية إذا أطلقت أوكرانيا صواريخ باتجاه موسكو أو سانت بطرسبورغ دون مبرر.

وعلى الرغم من أن هذه الضمانات تبدو جريئة في بعض جوانبها، تشير الصحيفة إلى أن الدول الغربية مترددة في إرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا. كما أن الولايات المتحدة لم تدعم فكرة نشر قوات أمريكية داخل أوكرانيا لحفظ الأمن في حال وجود اتفاق سلام، نظراً لمعارضة الروس الشديدة لذلك.

وفيما يتعلق بالأراضي التي سيطر عليها الروس، تسمح الخطة لموسكو بالاحتفاظ بها، وتحديداً خمس مناطق وهي القرم، و لوغانسك، و دونيتسك، وخيرسون، وزاباروجيا، مع إلزامها بالتخلي عن بقية المناطق. كما سيتم رسم منطقة حدودية محايدة حول هذه المناطق، تكون خالية من السلاح ولا تدخلها القوات الروسية.

ويبدو قبول هذه النقطة صعباً للغاية بالنسبة للأوكرانيين، الذين يرون أن التنازل عن هذه الأراضي يمنح الروس فرصة لإعادة التموضع والاستعداد لهجوم آخر مستقبلاً.

كما أن الأوكرانيين أسّسوا شبكات دفاعية واسعة بالقرب من تلك المناطق، وألحقوا خسائر بشرية كبيرة بالقوات الروسية، ما يجعل التراجع والقبول بالهزيمة الآن أمراً شبه مستحيل بالنسبة لهم.

وتشير تقارير إعلامية من رويترز إلى أن الجانب الروسي كان على علم بهذه النقاط، بل وأسهم في إعدادها ضمن اجتماع عُقد في ميامي في أكتوبر الماضي، جمع بين المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي، مع كيرل ديميترف، أحد المقربين من الرئيس بوتين ومدير الصندوق السيادي الروسي، مؤكدة أن الخطة تميل بوضوح لصالح المصلحة الروسية على حساب الأوكرانية.

الإدارة الأمريكية الحالية يهمها الوصول السريع إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، لأنه أحد الوعود السياسية الكبيرة التي أطلقها ترامب خلال حملته الانتخابية، ولم يتمكن من تحقيق أي تقدم فيها حتى الآن، مع تأكيده المتكرر بأنه لو كان رئيساً بدلاً من بايدن لما وقعت هذه الحرب.

أما الخطة ذات الـ٢٨ نقطة التي تم تقديمها للطرفين الأوكراني والروسي، فهي محاولة قد تكون الأخيرة من الإدارة الأمريكية لحفظ ماء وجه الرئيس وتنفيذ وعوده الانتخابية قبل أن تُسدل الستارة على هذا الملف، ويتم تحويل الاهتمام إلى قضايا أخرى مشتعلة، مثل الحرب في السودان.