التقرير السنوي الصادر عن ديوان الرقابة المالية والإدارية يفترض أنه أداة رقابية متقدمة، تعكس تطور المسار الإصلاحي الذي أرساه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملكنا المعظم حفظه الله ورعاه.
هذا التقرير من أبرز مرتكزات العمل الوطني في تعزيز النزاهة، وحماية المال العام، وتوجيه المؤسسات نحو أداء أكثر كفاءة وفعالية، إذ على مدار أكثر من عشرين عاماً، بات التقرير يمثل مرآة حقيقية للجهات الحكومية، تساعدها على تقييم أدائها بدقة، واكتشاف الأخطاء، ومعالجتها بشكل منهجي. كما يسهم في تعزيز بيئة إدارية تعتمد على مبادئ الالتزام والانضباط المؤسسي، ويمنح الجهات رؤية واضحة للنواقص والتحديات، سواء على الصعيد الإداري أو التنظيم، بما يتيح فرص التحسين المستمر.
التقرير تطور إلى ممارسة إدارية إيجابية، تنعكس في سلوك مؤسسي قائم على المبادرة لمعالجة أوجه القصور. وما يؤكد نضج هذا التحول هو التزايد الملحوظ في أعداد المهام الرقابية، والتوصيات التي يتم تنفيذها، إلى جانب ارتفاع نسب الاستجابة من قبل الجهات المعنية، ما يدل على أن الرقابة باتت تُفهَم كوسيلة تطوير في مقام أول.
وفي هذا السياق، يفترض أن يلعب مجلس النواب دوراً محورياً في استثمار مخرجات التقرير، باعتباره مسؤولاً عن تفعيل أدوات المساءلة البرلمانية، إلا أن الأداء الحكومي بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، يُظهر دوماً فاعلية ملحوظة في الاستجابة لملاحظات التقرير، من خلال تبني التوصيات بسرعة، والقيام بالإجراءات التصحيحية، وكذلك القانونية اللازمة حين تقتضي الحاجة، بما يعزز الثقة ويصون المال العام.
ما نعرفه، بأن الأمير سلمان يوجّه بشكل حازم لاتخاذ التدابير القانونية فور رصد أي مخالفات جسيمة تمس الأمانة الوظيفية، ما يعكس التزاماً عملياً بمبدأ سيادة القانون، ويؤكد أن العدالة في البحرين تُمارس بشكل يومي، إلى جانب كونها شعاراً يُرفع ويجب تطبيقه.
لكن، التحدي الأكبر يكمن في ترسيخ وعي إداري عميق بين المسؤولين والموظفين على حد سواء، يُدرك أن الالتزام حتى بأبسط الإجراءات يشكّل حجر الأساس في حماية المال العام. فالتجاوزات البسيطة، إن تُركت، قد تتراكم وتتحول إلى مشكلات معقدة تضر بكفاءة الجهاز الإداري، وتؤثر سلبًا على العدالة والمساواة في الفرص.
الرقابة أداة لبناء إدارة أكثر عدالة وشفافية، قادرة على صون مقدرات الوطن وخدمة المواطن بكفاءة. وما يبعث على التفاؤل أن القيادة تُولي أهمية كبيرة لهذا الجانب، وتتابع المخرجات باهتمام بالغ.
تحية تقدير للأمير سلمان بن حمد
آل خليفة على توجيهاته المستمرة بشأن التعامل الجاد مع نتائج التقرير، ما جعل من هذا النهج ميزاناً حقيقياً للعدالة الإدارية، وسنداً مهماً لمسيرة الإصلاح والتنمية المستدامة.