وليد صبري


قالت استشارية طب الأسرة والمجتمع وعضو جمعية السكري البحرينية، د. زهرة خليفة، إن اليوم العالمي للسكري يمثل مناسبة مهمة لإعادة النظر في طرق التعامل مع هذا المرض المزمن واسع الانتشار، موضحة أن تزايد أعداد المصابين وتنوع أنماط المرض بين الأفراد يجعل مفهوم الطب الشخصي (Personalized Medicine) أحد أهم الاتجاهات الحديثة القادرة على إحداث فرق حقيقي في حياة المرضى. وأكدت أن العلاج لم يعد مجرد وصفة موحدة، بل يعتمد على فهم جينات الفرد وبيئته ونمط حياته واستجابته الفريدة للأدوية، ما يفتح الباب لعلاج أكثر دقة وفعالية، ويمنح المريض دورًا أكبر في التحكم بمرضه.

وأضافت أن الطب الشخصي يقوم على مبدأ «العلاج المصمم خصيصاً لك»، حيث تُبنى الخطة العلاجية على معلومات متعددة تشمل التاريخ العائلي، والعوامل الوراثية، والنمط الغذائي، والنشاط البدني، ووظائف الأعضاء، والمؤشرات الجينية، مشيرة إلى أن هذا النهج يجعل اختيار الدواء والجرعة والنظام الغذائي أكثر دقة وملاءمة لكل مريض.

وأوضحت أن الحاجة للطب الشخصي في علاج السكري تزداد؛ لأن المرض يختلف من شخص لآخر؛ إذ يعاني البعض من مقاومة شديدة للأنسولين، فيما يعاني آخرون من خلل في إفرازه، أو من مشكلات مصاحبة مثل السمنة وأمراض الغدد، فضلًا عن اختلاف الاستجابة للأدوية بين المرضى.

وبيّنت أن تطبيق الطب الشخصي يبدأ بتحليل البيانات الحيوية ووظائف الكلى والكبد ومؤشرات الالتهاب، وتحديد نوع السكري بدقة، إضافة إلى الاستفادة من التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي لرصد مستوى السكر عبر الحساسات والأجهزة الذكية وتحليل الأنماط اليومية لتقديم توصيات علاجية مخصصة.

وأشارت إلى أهمية تصميم نظام غذائي فردي يتوافق مع استجابة جسم المريض للأطعمة المختلفة، وكذلك اختيار الدواء الأنسب مثل أدوية GLP-1 لإنقاص الوزن، أو SGLT2 لحماية القلب، أو الأنسولين للحالات التي تتطلب ذلك.

وأكدت د. زهرة أن المتابعة الدقيقة وتعديل العلاج بشكل مستمر عنصر أساسي في الطب الشخصي، إذ لا تُعامل حالة المريض بوصفة ثابتة، بل تتغير الخطة وفق التحاليل والبيانات الرقمية والنتائج الشهرية، بهدف تحقيق أفضل سيطرة ممكنة على مستويات السكر.

وأوضحت أن تطبيق الطب الشخصي على مريض السكري يسهم في تحسين التحكم بالسكر، وفقدان الوزن بفعالية أكبر، وتقليل مخاطر هبوط السكر والمضاعفات القلبية والكلوية والعصبية، إضافة إلى تحسين جودة الحياة وتشجيع المريض على المشاركة في اتخاذ القرارات العلاجية.

وختمت بأن مستقبل مرضى السكري يتجه بقوة نحو الطب الشخصي الذي يعد خطوة مهمة في تطوير الرعاية الصحية عالميًا، خاصة مع توفر الفحوص الجينية والتقنيات الذكية وتحليل البيانات، مؤكدة أن رسالة اليوم العالمي للسكري تتمثل في أن العلاج الشخصي ليس رفاهية، بل هي أمل حقيقي ووسيلة فعالة للوقاية وتحسين نمط الحياة، داعية إلى تبني شعار: «علاج يناسبك أنت... لأنك لست مجرد رقم في التحاليل، بل حالة فريدة تستحق خطة فريدة».