حسن الستري


شبكة اتفاقيات واسعة تعزز التكامل السياسي والدبلوماسي والاقتصادي

اللجنة العليا المشتركة منصة للتعاون السياسي والاقتصادي والثقافي

إرث قيادي ورؤية مشتركة لدعم منظومة العمل الخليجي والعربي

مواقف متطابقة تعزز الاستقرار في المنطقة ومكانة البلدين دولياً

تمثل العلاقات البحرينية الإماراتية نموذجاً متقدماً للعلاقات العربية القائمة على الثقة المتبادلة والرؤى المشتركة والعمل الدائم نحو التكامل. فعلى امتداد العقود الماضية، نجح البلدان في ترسيخ شراكة متينة تستند إلى أسس تاريخية وروابط أخوية وتجاذب استراتيجي جعلها واحدة من أكثر العلاقات انسجاماً واستقراراً في المنطقة.

وتكتسب هذه العلاقات مكانة بارزة في ضوء ما يتمتع به البلدان من ثقل سياسي وموقع استراتيجي فاعل إقليمياً ودولياً، إلى جانب تبنيهما سياسة خارجية معتدلة ورشيدة، وتعزيز مسيرة الإصلاح والتحديث، واحترام قيم دولة المؤسسات والقانون. وقد أسهم هذا النهج في تحويل العلاقات الثنائية إلى ركيزة داعمة للعمل الخليجي والعربي المشترك.

وترتبط مملكة البحرين ودولة الإمارات بوشائج تمتد لسنوات طويلة، عززتها روابط القربى والمصير الواحد، ومواقف قيادتي البلدين التي لطالما عملت على تقوية هذه العلاقة وتطويرها. وقد حرص حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، على الدفع بالعلاقات نحو آفاق أوسع، مستندين إلى إرث الآباء والأجداد الذين أسسوا قواعد متينة للتعاون بين البلدين.

وفي هذا السياق، تؤكد الزيارات المتبادلة بين القيادتين حرصهما على التنسيق المستمر وتوحيد المواقف تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية. وخلال زيارته الأخيرة إلى المنامة، شدد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على أن العلاقات بين البلدين «تزداد رسوخاً» وأنها تمثل رافداً مهماً لدعم منظومة العمل الخليجي والعربي. من جانبه، أعرب جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عن اعتزازه بهذه العلاقات، مشيداً بما وصلت إليه من مستوى رفيع في التعاون والتنسيق. وشهد عام 2000 نقطة تحول مهمة في مسيرة العلاقات بين البلدين، مع تشكيل اللجنة العليا المشتركة، التي تولت مهمة تطوير آليات التعاون وتعزيز التكامل في مختلف المجالات. وقد أصبحت هذه اللجنة منصة رئيسية لدعم العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية، ومواجهة التحديات الإقليمية ضمن رؤية موحدة تعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.

وتعكس المواقف المتطابقة للبلدين في القضايا الخليجية والعربية والإسلامية عمق الانسجام السياسي بينهما، سواء في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أو جامعة الدول العربية، أو منظمة التعاون الإسلامي، أو الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية.

وفي نوفمبر 2024، عقدت الدورة الثانية عشرة للجنة العليا المشتركة في المنامة، برئاسة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، والدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، وزير خارجية البحرين. وقد جسد الاجتماع عمق العلاقات الراسخة، وأكد استمرار التزام البلدين بالعمل المشترك وتطوير المشاريع الثنائية.

وخلال الاجتماع، شدد وزير خارجية الإمارات على أن البحرين «شريك استراتيجي أصيل» للإمارات في مختلف المجالات، مشيراً إلى أن اللجنة المشتركة تمثل منصة لبحث الفرص وتعزيز التعاون ومناقشة التحديات بكل شفافية. كما أكد حرص البلدين على تحويل التحديات إلى إنجازات تخدم مصالح الشعبين.

وبحسب ما أعلن في الاجتماع، تجاوزت التجارة غير النفطية بين البلدين حاجز 7.5 مليار دولار في عام 2023، ما يعكس قوة العلاقات الاقتصادية والسياسية معاً. كما وقع الجانبان عدداً من مذكرات التفاهم المهمة في مجالات الطيران المدني، والسياسات المالية والاقتصادية، وتعزيز التنافسية، والتدريب الحكومي، إضافة إلى برنامج تنفيذي للتعاون في المجال السياحي.

كما ترتبط البحرين والإمارات بشبكة واسعة من الاتفاقيات التي تغطي مختلف ميادين التعاون السياسي والدبلوماسي والتعليمي والثقافي. وتشمل الاتفاقيات مجالات الخدمات الجوية، النقل الدولي، التعاون القنصلي، التعليم والتدريب، البيئة، حماية المستهلك، العمل، التنمية الاجتماعية، التخطيط الحضري، الكهرباء والماء، وأسواق المال. كما يجمع بين بلديهما مجلس مشترك لرجال الأعمال يعزز التعاون الاقتصادي والاستثماري.

إن العلاقات السياسية البحرينية الإماراتية ليست مجرد علاقات ثنائية عادية، بل هي نموذج متكامل للتنسيق الأخوي والعمل المشترك والرؤية الموحدة تجاه التحديات والفرص. ومع استمرار الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين، تمضي هذه العلاقات نحو مزيد من التطور والازدهار، وبما يخدم مصالح الشعبين ويدعم استقرار المنطقة ومسيرة العمل الخليجي المشترك.