أكد عضو مجلس بلدي المحافظة الشمالية عبدالله الذوادي أن الهيدرو سيدينغ Hydroseeding هي تقنية حديثة لزراعة النباتات لتغطية التربة لمكافحة التعرية، أو تغطية المراعي وإنتاج الأعلاف، كما تُستخدم لإعادة تأهيل المواقع أو الأراضي المتأثرة، ويوجد بالمملكة العربية السعودية شركات متخصّصة في الهيدرو سيدنغ، وكذلك في الإمارات، مما يجعلها تقنية فعّالة في منطقة الخليج العربي.
ونوّه بأن أبرز مزايا الهيدرو سيدنغ، هو سرعة التنفيذ حيث يمكنه تغطية آلاف الأمتار المربعة في يوم واحد، كما تتميّز التقنية بتجانس التوزيع لأن الخليط يضمن توزيعاً متساوياً للبذور والأسمدة، مضيفاً أن المناخات الحارة والجافة «مثل الخليج»، تحتاج لمشروعات الكبرى لنظام ري فعّال: «تنقيط أو رش»، وأن نجاح التقنية في المناخات الحارة سيعتمد على خلطات بذور محلية تتحمل الحرارة والملوحة وقلة المياه، مما يجعلها أداة رئيسية في مشاريع مكافحة التصحر في المنطقة العربية، بشرط الاستثمار والتخطيط العلمي الجيد.
وكشف العضو الذوادي لـ«الوطن» أنه تقدّم بمقترح استخدام تقنية الهيدرو سيدينغ Hydroseeding في البحرين، بعد استخدامها على نطاق واسع في دول مختلفة حول العالم، ومنها دول في منطقة الخليج العربي، حيث تُعد طريقة شائعة وفعّالة لإنشاء غطاء نباتي بسرعة يُسهم في التحكم بتعرية التربة.
وللتعرّف على التقنية، وجدواها في مملكة البحرين التقت «الوطن» مع العضو الذوادي في حوار حول المقترح..
- ما هي تقنية الهيدرو سيدنغ؟ وكيف تختلف عن الطرق التقليدية لزراعة البذور؟
الهيدرو سيدنغ Hydroseeding هي تقنية لزراعة البذور تعتمد على رشِّ خليط مائي slurry مكوَّن من: ماء + بذور + مُلْش «ألياف نباتية» + أسمدة + مواد محسِّنة للتربة + مادة لاصقة خفيفة، باستخدام جهاز خاص Hydroseeder يُثبت عادة على شاحنة أو مقطورة، ويتم رش الخليط تحت ضغط على سطح التربة مباشرة، وتختلف عن الزراعة التقليدية في أن الأخيرة يتم خلالها نثر البذور جافة يدوياً أو بآلات بسيطة، وغالباً تحتاج لحرث وتسوية ثم نثر التربة أو تركيب «رولات العشب»، وتكون التغطية تكون أقل تجانسًا، ومعرّضة للرياح والجرف بالمطر. لكن في الهيدرو سيدنغ، تغلّف البذور داخل خليط ليفي رطب يلتصق بالتربة ويوفّر طبقة حماية ورطوبة متجانسة على كامل المساحة، وهي مناسبة للمنحدرات والأماكن الصعبة التي لا تصلها المعدات التقليدية.
- ما المكونات الأساسية المستخدمة في عملية الهيدرو سيدنغ؟
غالبًا ما يتكوّن خليط الهيدرو سيدنغ من العناصر التالية: البذور وهي تختلف بحسب الهدف، سواء كانت أعشاب للمسطحات، أو أعلاف، أو نباتات تغطية، أو خليط أنواع محلية. ومن ثم المُلش Mulch وهي ألياف خشبية أو ورقية أو ألياف قش، تعمل كغطاء يحافظ على الرطوبة ويحمي البذور، وتستخدم الأسمدة مثل NPK متوازن، وقد تضاف أسمدة بطيئة الذوبان لتغذية النباتات في الأسابيع الأولى، ومحسّنات التربة مثل المواد العضوية، أو أحماض الهيوميك لتحسين بنية التربة في الأراضي الفقيرة، وأخيرا مادة لاصقة تساعد الخليط على الالتصاق بالتربة، خصوصاً على المنحدرات.
- ما أبرز المحاصيل أو النباتات التي يمكن زراعتها بهذه التقنية؟
- تقنية الهيدرو سيدنغ ليست مخصّصة لنوع واحد من النبات، بل تُستخدم لعدة أغراض مثل المسطحات الخضراء وأعشاب الحدائق، وملاعب كرة القدم، وملاعب الجولف، ونباتات تغطية التربة لمكافحة التعرية، كما أنها تستخدم أيضاً في إنتاج الأعلاف وغطاء المراعي حيث تقدم خلطات أعلاف للحيوانات تشمل مناطق واسعة. وتستخدم التقنية أيضاً لإعادة تأهيل المواقع أو الأراضي المتأثرة بأعمال البناء، والمناجم، والأهم بالنسبة لنا هو استخداماتها في البيئات الصحراوية وشبه الجافة، حيث تُستخدم غالباً خلطات أعشاب ونباتات متحملة للجفاف.
- ما المزايا مقارنة بالزراعة التقليدية؟
أبرز مزايا الهيدرو سيدنغ، هو سرعة التنفيذ حيث يمكن تغطية آلاف الأمتار المربعة في يوم واحد، كما أنا تتميز بتجانس التوزيع لأن الخليط يضمن توزيعاً متساوياً للبذور والأسمدة والمُلش، والذي يحسن نسبة الإنبات عن طريق توفير «ميكرو-مناخ» رطب حول البذور، مما يرفع نسبة نجاح الإنبات، فيعمل الملش على توفير طبقة تربط سطح التربة، وتقاوم انجرافها بالمطر والرياح. ولذلك تعتبر تقنية الهيدرو سيدنغ أرخص بكثير في كثير من الدول في تركيب رولات العشب الجاهز، خاصة في المساحات الكبيرة.
- هل تساعد هذه التقنية في تقليل استهلاك المياه أو تحسين كفاءة الري؟
نعم، حيث يعمل المُلش في خليط الهيدرو سيدنغ كالأسفنج، ويحتفظ بالرطوبة حول البذور لفترة أطول، ما يعني تقليل عدد مرات الري اللازمة في مرحلة الإنبات مقارنة بنثر البذور الجافة، وقد أظهرت دراسات على المنحدرات الصناعية أن الهيدروسيدنغ يحسّن كفاءة استخدام المياه للعشب المزروع، عبر تقليل الفاقد وزيادة الإنتاجية لكل وحدة ماء.
ومع ذلك، في المناخات الحارة والجافة «مثل الخليج»، تحتاج لمشروعات الكبرى لنظام ري فعّال: «تنقيط أو رش»، لكن كمية الماء لكل وحدة نبات يمكن أن تكون أقل من الزراعة المكشوفة؛ لأن المُلش يخفف التبخر المباشر من سطح التربة.
- ما أبرز التحديات أو العقبات عند تطبيق الهيدرو سيدنغ؟
أولها إعداد التربة؛ لأن التقنية لا تعالج مشكلة التربة السيئة وحدها؛ إذا كانت التربة شديدة الملوحة أو مضغوطة، لذلك يجب معالجتها أولًا عن طريق الحرث، أو إضافة تربة سطحية، أو جبس زراعي وغيره.
كما أن اختيار البذور المناسبة واستخدام خلطات غير ملائمة للمناخ أو غير محلية قد يؤدي لفشل المشروع أو انتشار أنواع غازية.
وتعتمد التقنية على جهاز يسمى Hydroseeder، وهو استثمار أولي مرتفع نسبياً، وتحتاج أيضاً لإدارة ري جيدة، فإذا لم تتوفر مياه كافية في الأسابيع الأولى، قد تفشل البذور في الإنبات رغم جودة الخلطة.
وقد تكون التكلفة في المشاريع الصغيرة جدًا «مثلاً حديقة بيت صغيرة»، أعلى بالمقارنة بالنثر اليدوي للبذور.
- كيف تساهم التقنية في مكافحة التصحر أو إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة؟
تُعتبر الهيدرو سيدنغ من أدوات إعادة التأهيل البيئي في الأراضي المنحدرة والردميات والطرق السريعة؛ حيث تُمكِّن من تغطية التربة سريعاً بالنباتات، فتقلل التعرية والانجراف، وتثبّت سطح التربة، وفي البيئات الجافة -مثل منطقتنا- استخدمت الدراسات خلطات ببذور محلية باستخدام الهيدرو سيدنغ لإعادة غطاء نباتي في الأراضي المتدهورة بنجاح نسبي، مع التأكيد على أهمية اختيار الأنواع المحلية.
وتعمل أيضا على تقليل تحرّك الرمال، وتحسين نفاذية التربة للمياه وتعزيز التنوع الحيوي على المدى الطويل، ويمكن للتقنية أن تكون مفيدة في مبادرات «التشجير» و«إعادة الغطاء النباتي» في البحرين.
- هل هناك تأثيرات بيئية سلبية محتملة؟
إذا لم تُستخدم بطريقة مدروسة يمكن أن تظهر بعض السلبيات، فعند استخدام أنواع غير محلية قد تتحول بعض الأنواع المزروعة إلى «غازية» تنافس النباتات الأصلية، وتضعف النظام البيئي المحلي.
وفي حال ما احتوت تركيبة المُلش والمواد المضافة على مواد كيميائية غير مناسبة أو أسمدة زائدة، يمكن أن يحدث تلوث للمياه الجوفية أو السطحية، ولا نقول إن التقنية «سحرية»، ولكنها أداة فعّالة تحتاج إلى تصميم علمي للخلطة، ومراعاة الأنواع المحلية ومبادئ الاستدامة.- ما تكلفة تطبيق الهيدروسيدنغ مقارنة بالطرق التقليدية وما هي الجدوى الاقتصادية؟
الأسعار تختلف كثيراً بين الدول، لكن يمكن المقارنة مع التقنيات الأخرى حيث تُعد أرخص بكثير من تركيب رولات العشب خاصة في المساحات الكبيرة.
أما من حيث الجدوى الاقتصادية فهي مناسبة للمشاريع الكبيرة مثل تشجير الطرق والردميات، ومناطق الإسكان والمنتجعات، والتي تعتبر الأكثر استفادة اقتصادياً، لأن تكلفة الجهاز ومصاريف التشغيل تتوزع على مساحات واسعة، أما صغار المزارعين، فإن شراء جهاز Hydroseeder خاص بهم قد لا يكون مجديًا اقتصاديًا، لكن يمكن الاستفادة من التقنية عبر شركات خدمات متخصصة تؤجر الخدمة أو توفير تعاونيات زراعية تمتلك الجهاز وتوجه للأعضاء.
- هل تم تطبيق هذه التقنية في البحرين أو دول الخليج؟ وما النتائج؟
لا توجد في البحرين شركات متخصصة، لكن المملكة العربية السعودية لديها شركات متخصصة في الهيدرو سيدنغ، وكذلك في الإمارات، ولذلك تعتبر التقنية فعالة في منطقة الخليج العربي، وتحتاج إلى تشجيع لانتشارها في البحرين من شركات متخصصة أو مبادرات تجعلها فرصة استثمارية جديدة لمن يرغب في إدخالها للسوق البحريني.
- ما أبرز الدول التي نجحت في استخدام الهيدرو سيدنغ على نطاق واسع؟
تستخدم الولايات المتحدة التقنية منذ أربعينيات القرن الماضي، في الطرق السريعة والمنحدرات واستصلاح أراضي المناجم، ومواقع الحرائق البرية، كما تعتمد أستراليا عليها بشكل واسع لمكافحة تعرية التربة على المنحدرات ومشاريع التعدين، وتستخدم في ألمانيا والنمسا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا ومناطق البحر المتوسط شبه الجافة.
- كيف يبدو مستقبل الهيدرو سيدنغ في ظل التغيرات المناخية العالمية؟
في ظلّ ارتفاع درجات الحرارة، وشحّ المياه، وزيادة ظواهر التعرية والعواصف الرملية، يبدو أن مستقبل الهيدرو سيدنغ سيكون مرتبطًا بتزايد الطلب على حلول سريعة لإعادة الغطاء النباتي، حيث تتجه الحكومات لتقنيات تُعيد الغطاء الأخضر بسرعة في مشاريع البنية التحتية والتشجير، ولكن نجاح التقنية في المناخات الحارة سيعتمد على خلطات بذور محلية تتحمل الحرارة والملوحة وقلة المياه، ويمكن أن تصبح أداة رئيسية في مشاريع مكافحة التصحر في المنطقة العربية، بشرط التخطيط العلمي الجيد، وتعتبر فرصاً كبيرة في منطقتنا.