وليد صبري
قالت الصيدلانية الإكلينيكية وعضو جمعية أصدقاء الصحة د. ليلى علي العالي إن داء السكري يُعد من أكثر الأمراض المزمنة انتشاراً عالمياً، مشيرةً إلى أنه يشكّل عبئاً صحياً واقتصادياً متزايداً على الأنظمة الصحية، وأن بيانات الاتحاد الدولي للسكري تشير إلى ارتفاع مستمر في أعداد المصابين نتيجة التغيرات في نمط الحياة والعوامل الوراثية والبيئية. وأضافت أن الفهم الطبي للمرض تطوّر من كونه اضطراباً في استقلاب الجلوكوز إلى كونه مرضاً متعدد الأجهزة يتطلب مقاربة علاجية شمولية تشمل القلب والكلى والدماغ.
وأوضحت د. ليلى العالي أن الاستراتيجيات العلاجية كانت سابقاً تركز على خفض مستويات الجلوكوز فقط، إلا أن التحليلات الحديثة مثل دراسة مارسو وزملائه (Marso et al., 2024) أظهرت أن ضبط السكر وحده لا يكفي لمنع المضاعفات طويلة الأمد. وأدى ذلك إلى ظهور فئات دوائية جديدة تهدف إلى الحماية العضوية الشاملة مثل منبهات مستقبلات GLP-1 ومثبطات SGLT2، التي أثبتت فعاليتها في تقليل المخاطر القلبية والكلوية وتحسين جودة الحياة.
وبيّنت أن السيماغلوتايد (Semaglutide)، وهو منبه لمستقبلات GLP-1، يساعد على خفض السكر والوزن، حيث أظهرت دراسة SOUL (2025) أن السيماغلوتايد الفموي خفّض خطر الأحداث القلبية الوعائية الكبرى بنسبة 14٪ لدى المصابين بالسكري من النوع الثاني المعرضين لمخاطر قلبية عالية، مع تحسن في HbA1c ومؤشر كتلة الجسم دون زيادة في الأعراض الجانبية الخطيرة، مما يشير إلى أنه يوفر حماية مزدوجة للقلب والتمثيل الغذائي.
كما أشارت إلى أن مثبطات ناقل الجلوكوز الصوديومي-2
(SGLT2 inhibitors) أحدثت تحولًا كبيرًا في علاج السكري؛ حيث أظهرت مراجعة منهجية أجراها زيلنيكر وزملاؤه (Zelniker et al., 2024) أنها تقلل خطر فشل القلب بنسبة تتجاوز 30٪ وتبطئ تدهور وظائف الكلى حتى لدى غير المصابين بالسكري. وأكد هيرسبينك وزملاؤه (Heerspink et al., 2023) أن هذه الفئة تقلل الوفيات القلبية الوعائية، مما يجعلها أساسية في إدارة المرضى ذوي الخطورة العالية.
وفي السياق ذاته، لفتت إلى ظهور عقار تيرزيباتايد (Tirzepatide) الذي يجمع بين تنشيط مستقبلات GIP
وGLP-1، ما يمنحه فعالية مزدوجة في تحسين حساسية الإنسولين وخفض الوزن. وقد بينت دراسة فرياس وزملاؤه (Frías et al., 2024) في The New England Journal of Medicine أن تيرزيباتايد أدى إلى انخفاض أكبر في HbA1c وفقدان وزن تجاوز 15٪ مقارنة بالسيماغلوتايد، مع دلائل أولية على تحسين وظائف الكبد والقلب (Jastreboff et al، 2024).
وأضافت أنه رغم هذه النجاحات، ما تزال هناك تحديات تشمل ارتفاع التكلفة وصعوبة الإتاحة في بعض الأنظمة الصحية، إضافة إلى الحاجة لدراسات طويلة الأمد لتقييم الأمان والمضاعفات العصبية والعينية (Nauck & Meier، 2025). وتشير الجمعية الأمريكية للسكري (2025) إلى أهمية تطوير أدوية فموية منخفضة التكلفة وتعزيز دمج الأدوية الحديثة لتحقيق تآزر علاجي أكبر.
وختمت د. ليلى العالي بالإشارة إلى أن التحول في علاج السكري من مجرد خفض السكر إلى الوقاية الشاملة للأعضاء يعد ثورة طبية حقيقية، وأن الأدوية الحديثة مثل تيرزيباتايد، سيماغلوتايد، ومثبطات SGLT2 تمثل خطوات متقدمة نحو تحسين حياة المرضى وتقليل المضاعفات المستقبلية، مع التأكيد على أن نمط الحياة الصحي والتثقيف والمتابعة المنتظمة تظل عناصر أساسية لنجاح العلاج طويل الأمد.