حينما يقترن احتفالنا بعيدنا الوطني المجيد، عيد أمنا البحرين، وعيد جلوس جلالة الملك المعظم، حينما يقترن هذا الفرح الوطني بلقاء ملكنا الغالي شخصياً، والتشرف بالسلام عليه والحديث معه، وهو بطلّته الدائمة وابتسامته التي تسبق كلماته، وحضوره الملكي الفخم بتواضع ملكٍ بدرجة إنسان، فإننا أمام عيدين يمتزجان، واسمين يقترنان معاً، عاشا في تفاصيل حياتنا، واستقرا في قلوبنا دون استئذان. أتحدث هنا عن «حمد ومعشوقته البحرين».
جلالة الملك المعظم، كل عام وأنت بخير، وكل عام والبحرين بخير. خطابك أمس من قصرك العامر كان ينضح بمشاعر قائدٍ يفخر بوطنه وبأبناء شعبه. كلماتك كانت انعكاساً لأحلامك التي رافقتك منذ البداية، وها هي اليوم تترسخ كإنجازات واقعية تحققت بالإيمان والرؤية الواضحة.يخاطب الملك حمد بن عيسى آل خليفة شعبه بخطاب الراعي والأب، والمسؤول والأخ، والصديق والحبيب. خطاب قائد يفتخر بشعبه، ويعتز بإنجازاتهم، ويؤمن بقدرتهم على تجاوز التحديات وصناعة المستقبل. خطاب يذكّرنا دائماً بأن البحرين لا تعلو إلا بأبنائها، حينما يضعونها أمام أعينهم، ويجعلونها الهدف والغاية، ويقدمونها على كل شيء.
في كل مواقف وخطابات جلالته، تتجلى إنسانيته الواضحة، إنسانية لا تُختصر في كلمات، إنسانية تُترجم إلى أفعال ومواقف وقرارات. ملكٌ يؤمن أن الحكم مسؤولية أخلاقية قبل أن يكون سلطة، وأن الإنسان البحريني هو الثروة الحقيقية لهذا الوطن، وهو أساس أمنه واستقراره ونهضته.
من أبرز صور هذه الإنسانية التي عوّدنا عليها جلالته، العفو الملكي السامي الذي صدر، وشمل ما يزيد عن 900 من المحكومين. عفو كعادة والدنا الإنسان، عفو يحمل رسالة محبة وثقة، تفتح باب الأمل، وتمنح فرصاً جديدة ليعودوا أفراداً فاعلين في مجتمعهم، ويساهموا في بناء وطنهم.
هكذا هو الملك حمد بن عيسى آل خليفة، يرى في العفو قوة، وفي التسامح حكمة، وفي احتواء أبنائه ضمانة لمستقبل أكثر تماسكاً وأمناً. قائد يداوي الجراح، ويجمع القلوب، ويؤكد دوماً أن البحرين تتسع للجميع، وأن أبوابها مفتوحة دوماً في وجه أبنائها.
ومع أفراحنا الوطنية، يبقى الوفاء حاضراً في وجداننا، وفاء لمن ضحوا بأرواحهم من أجل أن تبقى البحرين آمنة، شامخة، مستقرة. أولئك الأبطال الذين قدّموا دماءهم فداءً لهذا التراب الطاهر، شهداء الواجب من رجال الأمن والقوات العسكرية، الذين نخلد ذكراهم في السابع عشر من ديسمبر من كل عام، في يوم الشهيد، ذلك اليوم الذي أراده جلالة الملك المعظم محطة وطنية خالدة، تذكيرًا للأجيال بأن الأوطان تُصان بالتضحيات.
اللهم احفظ بلادنا البحرين، واحفظ ملكنا، واحفظ هذا الشعب الطيب، وأكرمنا بدوام الخير والأمن والاستقرار، وأبعد عنا كل كيد وشر، واجعل البحرين دائماً وأبداً وطناً للعز والمحبة والسلام.