كتبت - ياسمين صلاح:يفتتح مهرجان ربيع الثقافة بابه الثامن هذا العام، وبأكثر من 30 فعلاً ثقافياً وفنياً تبدأ مطلع مارس، يستوحي من عام المنامة عاصمة السياحة العربية مسارات متداخلة أطلق عليها تسمية «تتردد في قلبي».التظاهرة الفكرية والفنية تسترد من ملامح عالمية العديد من المعارض، الأمسيات الموسيقية والغنائية، اللقاءات الشعرية، الندوات الثقافية، وعروض فنية ومسرحية وأخرى تكنولوجية، تتجسد بدهشة أمام جمهورها من مختلف الفئات والشرائح المجتمعية.الموسيقار اليوناني الشهير ياني وقيصر الغناء العربي كاظم الساهر و«سحر موزارت» لأوركسترا ماهلر وحديقة إيرث للديناصورات وغيرها من الفعاليات المنوعة تدهشنا في ربيع البحرين الثقافــي.وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة أعلنت في مؤتمر صحافي في مسرح البحرين الوطني أمس، تفاصيل الحدث الذي يصادف فصل السياحة الثقافية وقالت «نملك في الربيع فكرة الفرح والتلاقي، نصنع الربيع من خلال الانسجام وصياغة المنجز الجميل.. الربيع الحقيقي تصنعه ثقافات الشعوب ولغاتها، وهذا الخطاب الإنساني هو ما يخلق التقارب وما يزيح عن المشاهد أية ضبابية». وأضافت «نملك في مفرداتنا لغات عديدة لا تخضع لحروفية ما، بل لإنسانية مجردة وحقيقية يمكن تحسسها في اللقاءات المفتوحة التي تتحول فيها الجماعات إلى ذوات مكثفة ومتقاربة، تستخدم كل واحدة منها أداتها الثقافية سواء كانت موسيقى أم فناً أم أدباً أم خيالاً». وعلقت الوزيرة حول توازي ربيع الثقافة مع اختيار المنامة عاصمة للسياحة العربية 2013 بالقول «يزهر الربيع هذا العام بقلب منجزنا الوطني الذي يتمثل في كون المنامة عاصمة للسياحة العربية، لذا يمكننا أن نراقب الحدث وهو ينزاح إلى رغبته في أن يكون عاماً ملامساً لأبعد ما يمكن أن يصل عليه، ونطمح في ذلك فعلاً، خاصة أن ثمة شراكة جميلة تنسجها الثقافة هنا ما بين الجهات الرسمية والأهلية». ونبهت الوزيرة إلى أن مهرجان ربيع الثقافة في البحرين رسالة أمن ومحبة وسلام وجمال، لافتة إلى أن الوزارة دشنت المشاريع الإنشائية التي تخدم المناسبة.وأضافت خلال المؤتمر «على مدى أعوام تحقق ربيع الثقافة بجهود العاملين عليه ومجلس التنمية الاقتصادية»، لافتة إلى أن المؤسسات الأهلية، حرصت على المساهمة في ربيع الثقافة كي تحمل رسالة الأمن والجمال والثقافة لكل مواطن ولكل المحبين للبحرين ومن تعودوا على زيارتها في ربيع الثقافة مضيفة «اليوم من المنامة عاصمة السياحة العربية نلتقي معكم بمسرح البحرين الوطني لنستعرض مشاهد ولقطات من ربيع الثقافة». وقالت «كل ربيع والبحرين بخير والأمة العربية بخير وكل المحبين بألف خير»، مبينة «ونحن نحتفل بالمنامة عاصمة للسياحة العربية 2013 دشنا كل المشاريع الإنشائية التي تخدم المناسبة، واجتماعنا في المسرح الوطني دلالة على أننا نحقق البنية التحتية الأساسية التي تخدم مفاهيم الأمم المتحدة في الحب والسلام والآمال والجمال».الربيع الكونيمن جانبه قال مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام بالخليج نجيب فريجي «يسعدنا نحن في الأمم المتحدة أن نشارككم الفعالية، وإن كانت وزيرة الثقافة ركزت على البحرين فإنها بالنسبة للأمم المتحدة فعالية دولية كونية، ومن خلال هذه الفعالية الثقافية الفكرية الفنية نتشرف أن نعتبرها جزءاً كبيراً من فعاليات حوار الثقافات، التي تقرب بين الشعوب والحضارات والثقافات وهو ما أجمع عليه الجميع أنه أصبح أداة فاعلة لخدمة قضايا الأمم المتحدة والإنسانية في بناء التفاهم بين الشعوب والثقافات والحضارات وإرساء دعائم السلم في العالم».وخاطب وزيرة الثقافة «أنت من خلال هذا الربيع الصحيح أطلقت من هذا البلد الصغير في مساحته الكبير في إنجازاته مبادرة جديدة تنظم لمساعي الأمم المتحدة في بناء السلام في العالم، هنيئاً للبحرين هذا البرنامج العظيم وإن رأينا بعض عناصره فهو أصبح مهرجاناً عالمياً بفضل جهود الجميع بوزارة الثقافة».بالمشاركة نحقق الأفضلوقال وزير المواصلات القائم بأعمال الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية كمال بن أحمد «يواصل مجلس التنمية الاقتصادية دعم المسيرة الناجحة والمزدهرة لمهرجان ربيع الثقافة في دورته الثامنة بعدما حقق هذا المهرجان النجاح الكبير، فهذا المهرجان يحيي أجواء البحرين ثقافياً وفنياً وسياحياً ملبياً جميع الأذواق ومستقطباً مختلف الفئات والشرائح، ويقدم الوجه الحضاري المنفتح والمتنوع للمملكة وينهض بالمواهب البحرينية الشابة على خطى الاحتراف وتمثيل البحرين في المحافل العالمية».وأضاف أن هذا الدعم يعكس صورة مشرقة من صور الشراكة المميزة بين المجلس ووزارة الثقافة فيما يسهم في تطوير القطاع السياحي وزيادة أثره الإيجابي في دعم الاقتصاد وخلق مزيد من الفرص الوظيفية أمام المواطنين.باقة وردالتواصل الثقافي أثمر عن سلسلة فعاليات يتناوب فصل السياحة الثقافية إطلاقها في مارس، إذ يشهد عشاق الأمسيات الموسيقية والغنائية عبر البرنامج الحافل لمهرجان ربيع الثقافة هذا العام مشاركة عدد من أبرز القامات الفنية على مستوى العالم والمنطقة، حيث يحيي الفرنسي -صاحب أكثر من 800 أغنية- شارل أزنافور أمسية فنية في قلعة عراد، ويستعيد زمن أوروبا الجميل في حنجرته باللغات الفرنسية والروسية الإنجليزية والأرمينية والإيطالية والإسبانية، بعد أن استعار غنائياته أشهر الفنانين من أمثال أندريا بوتشيللي، بوب ديلان، إلفيس كوستيلو وستينغ. أما محبو موسيقى الجاز، فلهم موعد استثنائي على مسرح عراد مع صاحبة الأعمال الإنسانية ميلودي جاردو، المغنية وكاتبة الأغاني التي أبدعت على مدى العقد الماضي في ابتكار مزيج من موسيقى الجاز ولفتت انتباه كبرى شركات تسجيل الأغاني العالمية مع إصدار ألبومها «Worrisome Heart» عام 2008.وعلى ذات المسرح، تطلق اللغة العربية قصائدها ولكناتها في صوت «قيصر الأغنية العربية» الفنان العراقي الكبير كاظم الساهر، الذي يحمل عالميته العربية ويفرد في فضاء القلعة أجمل غنائياته المشهورة وقصائد قباني المموسقة.ياني في البحرينومن اليونان، تتحرك أصابع البيانو بحركة أصابع الفنان العالمي «ياني» الذي لم تتوقف الموسيقى عن كونها أسطورة بين يديه، وتبدو هذه الرائعة التاريخية محملة بإبداعات عالية تكشف عنها المزجية الدقيقة لموسيقى الجاز، الكلاسيك، موسيقى الروك الناعمة والملحونات العالمية. وبالقرب من هذه الخارطة الموسيقية، حيث بريطانيا، تجيء فرقة «إل ديفو» بسلسلة من روائع أغانيها على مسرح البحرين الوطني، ويرشح فنانو هذه الفرقة ليكونوا الأفضل إطلاقاً لهذا العقد من فناني بريطانيا الكلاسيكيين، إذ تمكنت موسيقاهم من إيجاد أفق أوبرالي مختلف كلياً عن الاعتيادي، حصدوا من خلاله أكثر من 150 جائزة ذهبية وبلاتينية من 33 دولة حول العالم. وفي عالم الكلاسيك أيضاً، يصدح مسرح البحرين الوطني بأجمل الروائع العالمية الفريدة التي تقدمها «أوركسترا ماهلر الدولية»، والتي تبدو متحررة وشابة كما تقدمها هذه الأوركسترا التي تميزت منذ انطلاقها عام 1997.وإلى الشعر، فمساء حميم يلتقي فيه متذوقو الشعر مع الشاعر والناقد المصري أحمد عبدالمعطي حجازي، أحد رواد حركة التجديد في الشعر العربي المعاصر الذي يستشعر تجربته الجميلة في مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث بعنوان «قصائد وحوار». ويندمج الفن والشعر في مشروع مشترك بعنوان «رسائل إلى عشتار»، ويمثل حالات مكثفة في حواريات ما بين الشعر والرسم، يشارك فيها 7 شعراء هم أدونيس، قاسم حداد، محمد بنيس، سعدي يوسف، عبدالمنعم رمضان، برنارد نويل وميشيل بوتور، وبرفقة الفنان هيمت محمد علي وذلك بمساحة الرواق للفنون.ويتواصل المهرجان مع العالم أيضاً في قراءات فكرية جميلة واستثنائية على شكل ندوات يستقبلها مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث، حيث ينبش الصحافي والناقد السينمائي اللبناني إبراهيم العريس قضايا «السينما والتلفزيون على ضوء المتغيرات العربية»، فيما يقدم الخبير الإعلامي بشارة البون تجربته التي تجاوزت 3 عقود في ندوة «تجربة صحافي عربي في مؤسسة إعلامية أجنبية». وبالتوازي مع السياحة، فإن تيم ماكنتوش سميث يسرد تجربته الأنيقة في أدب الرحلة خلال استضافته بمركز لافونتين، حيث يعد واحداً من أبرز المؤلفين في مجال هذا النمط الأدبي. وفي مجال السياسة والتحليلات الدولية، يلقي الخبير السياسي أندري أوزلاي محاضرة «صدام الجهل في منطقة البحر الأبيض المتوسط.. الثمن اليوم ودروس الغد»، ويستقي هذا التحليل من خلال معايشته لهذه المنطقة كونه مستشاراً خاصاً للملك محمد السادس ملك المغرب ورئيس لجنة الحكماء في تحالف الحضارات في الأمم المتحدة.باب البحرين يتقدم الحدثعلى الجانب الآخر، حيث المجاميع الإنسانية تحيك الفرح بطريقتها، تنطلق يوم 28 فبراير سلسلة فعاليات فنية ومعارض بداخل «سوق باب البحرين»، الذي يعرض مجموعة منتجات بحرينية مبتكرة في دكاكين ومحال مؤقتة تعيد تاريخ سوق المنامة القديم والحراك الاجتماعي بداخله. فيما يقابل هذه المعارض، 3 معارض أخرى تقدمها «أبكاد» والبارح للفنون التشكيلية، اثنان منهما للفن المعاصر، وأحدها للتصميم بمشاركة 20 فناناً وفنانة من البحرين. وتستضيف عمارة بن مطر معرضاً صورياً للفوتوغرافية غادة خنجي الحائزة على جائزة لوسي، حيث تعود من نيويورك إلى بلدها الأم البحرين لتكشف بصورها عن الروح الحقيقية للبحرين بالطريقة التي استشعرتها، قبل أن يشرع التصور فضاءه على معرض «تخيل... تحرر الأفكار في الهندسة المعمارية» ويسلط الضوء على اتجاهات جديدة في الرسم المعماري عبر مجموعة من الأعمال لبعض مدارس الهندسة المعمارية الرائدة في أوروبا.أما الرقص، فيحدث سحره برفقة فرقة «ليست ألفونسو» من كوبا، التي تقدم عرضها الخيالي الدرامي «أميغاس»، ويبدو ديناميكياً وحيوياً مع فرقة «باليه ريفولوسيون» التي بعدما أنهت جولتها المشهودة في جميع أنحاء أستراليا ومن ثم جولتها الأوروبية في لندن وباريس وزيوريخ وبرلين وفرانكفورت وفيينا، ها هي تصل إلى المنامة، عاصمة السياحة العربية لهذا العام، لتمزج رقص الباليه بالرقص المعاصر الهيب هوب على مسرح عراد.الديناصورات تغزو المنامةومن المؤمل أن تقضي العائلات برفقة الأطفال وقتاً حافلاً بالمرح والبهجة من خلال عرض حديقة «إيرث» للديناصورات، إذ يبدو هذا العالم مليئاً بالشغف والأسئلة، ويستوحي من الخيال العلمي حقائق غريبة ومثيرة حول هذه المخلوقات. ويتعرف الأطفال في العرض الإيطالي «فراشات» كيف يمكن أن تتحول الشرنقة إلى فراشة باستخدام تكنولوجيا فريدة ضمن مسرح بصري، إضافة إلى عرض «فراس العطاس» القادم من لبنان برفقة جمعية خيال للتربية والفنون، ويحظى من خلاله الأطفال بأوقات حافلة بالفرح والمتعة مع تجربة العرائس ومسرح الظل والفيديو، وتأتي أيضاً «بيبربل» من أسكتلندا حيث تقدم عرضاً مسرحياً برفقة الأطفال ليتعرفوا معاً إلى سحر وجمال عالم الألوان. وهذا الربيع أيضاً يتيح الفرصة للراغبين في تعلم واكتساب مهارات فنية وإبداعية جديدة، حيث إنهم على موعد مع الورش العملية ضمن البرنامج التعليمي الحافل للمهرجان، ويتقدمها بعض الجهات المشاركة منها حديقة «إيرث» للديناصورات، المصورة الفوتوغرافية غادة خنجي، «بيبربل» و»باليه ريفولوسيون»، وذلك من خلال التسجيل المسبق فيها. وضمن برنامج المواهب، يستمر ربيع الثقافة في استثمار وتطوير المواهب الفتية البحرينية للعام الرابع على التوالي من خلال تقديم ورش عمل متخصصة مقدمة من خبراء عالميين، إحداها برفقة الخطاط الأردني حسين الأزعط بالتعاون مع البارح للفنون التشكيلية، والأخرى في مجال الموسيقى «العزف على العود» مع العازف التركي الشهير يوردال توكان بالتعاون مع معهد البحرين للموسيقى.ويعتبر برنامج المجتمع هذا العام من أثرى البرامج التي قدمها ربيع الثقافة منذ نشأته، حيث يتجه في هذه النسخة إلى تقديم ورش عمل في مجالي التصوير والمسرح بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، بمشاركة حوالي 60 طالباً ومعلماً من منتسبي المدارس الحكومية في ورشتي عمل يقدمهما الخبير المصري محمد الغاوي، إلى جانب ورشة الفوتوغرافيا تقدمها الفوتوغرافية البحرينية العالمية غادة خنجي. وتمت دعوة 1200 طالب وطالبة من المرحلة الابتدائية من المدارس الحكومية لحضور عرض مجاني لفرقة حديقة إيرث للديناصورات، هذا إضافةً إلى دعوة أطفال من جمعية السنابل لرعاية الأيتام وبيت بتلكو لرعاية الطفولة وأطفال من جمعيات خيرية أخرى لحضور عرض فرقة بيبربل للشخصيات الورقية ثنائية الأبعاد ولمشاهدة مسرحية فراس العطاس، تم تخصيص أحد عروض فرقة «تي بي أو» الإيطالية بعنوان «فراشات» ليقدم حصرياً لأطفال الجمعيات. ويستمر ربيع الثقافة بنشر الثقافة البيئية ولذلك تم طباعة جميع المنشورات باستخدام نوعية خاصة من الورق الملائم للبيئة يطبع الكميات المطلوبة والاعتماد على وسائل أخرى للنشر كالإنترنت ليكون موقع المهرجان الإلكتروني المصدر الرئيس للمعلومات المحدثة والتفصيلية حول جميع الفعاليات.ينظم المهرجان وزارة الثقافة بالاشتراك مع مجلس التنمية الاقتصادية، مسرح البحرين الوطني، مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث، البارح للفنون التشكيلية، مساحة الرواق للفنون، ومركز لافونتين.وتباع تذاكر الفعاليات المقامة في قلعة عراد بمتجر «فيرجن ميغاستور»، ومن خلال موقع المحل عبر الإنترنت Virginmegastore.me، ويمكن للراغبين بمزيد من المعلومات حول التذاكر والفعاليات الاتصال بالخط الساخن 39900630.
Bahrain
«الربيع عاد من تاني»
19 فبراير 2013