تقوم أهمية الدليل الجنائي على إثبات حدوث الجريمة في الواقع المادي وواقعيتها. و نسبتها إلى شخص معين سواء كان فاعلاً أصلياً أو شريكا، فالدليل يقوم على أركان الجريمة لتطبيق قانون العقوبات عليها والحال كذلك لمقارنة المتهم بارتكابه لها حتى يمكن أدانته، بل تبدو أهمية الدليل الجنائي في تحديد الوضع الإجرامي للمتهم و العقوبة المناسبة لجريمته .والدليل قد يكون دليلاً مباشراً و دليلاً غير مباشر، كما قد يكون دليل ثبوت أو نفي أما الدليل المباشر فهو ذلك الدليل الذي ينصب مباشرة على الواقعة المراد إثباتها كالاعتراف وشهادة الشهود، و لا يشترط لكي يكون الدليل مباشراً أن يكون نصاً في إثبات جميع الوقائع بل تلحقه هذه الصفة و لو تعلق بواقعة واحدة او شق فيها أو أكثر من واقعة، مثال ذلك أن يشهد شاهد أنه أبصر المتهم يعدو ببرهة بسيطة بعد الحادث ممسكاً بسكينة تقطر دماً . ويشهد آخر بأنه عاصر واقعة تهديد المتهم للمجني عليه بالقذف ثم تحدث الجريمة مباشرة بعدها .كما لا يشترط أن يكون الدليل الجنائي دليل إدانة بل يمكن أن يكون دليلاً مباشراً لصالح المتهم بنفي التهمة عنه «دليل نفي « كشهادة الشاهد انه كان برفقة المتهم في نفس لحظة ارتكاب الجريمة يكون الدليل غير مباشر عندما لا ينصب مباشرة على الواقعة المراد إثباتها ، ويتطلب للأخذ به في الواقعة تحكيم العقل و المنطق ، فالقاضي يستخلص من الدليل ما يمكن ان ينتجه عن طريق غير مباشر بطريق الاستدلال العقلي أو المنطقي، والدليل غير المباشر أدنى مرتبة من الدليل المباشر و يمكن تقسيمه إلى قرائن و دلائل و القرينة محصلة الاستنتاج من أمر معلوم للدلالة على أمر مجهول يراد الوصول إليه، بصورة أبسط بافتراض أن هناك واقعتين إحداهما معلومة والأخرى مجهولة فبإعمال الاستنباط يمكن أن يصل القاضي إلى المعرفة المجهولة من خلال الواقعة المعلومة و القرينة قد تكون قانونية و قد تكون قضائية، والقرينة قد تكون قاطعة أو بسيطة، والأولى لا تقبل إثبات العكس بينما الثانية تقبل ذلك .أما القرينة القضائية فهي مجال إعمال القاضي لذهنه و استدلاله المنطقي للأمور فمثلاً ثبوت وفاة المجني عليه و إصابته بطلق ناري على نحو ما جاء في تقرير الصفة التشريحية لتقرير الطبيب الشرعي يمكن للقاضي من هذه الواقعة المعلومة أن يستدل منها على أن المتهم كان يحرز سلاحاً نارياً و ذخيرة بغير ترخيص و لو لم يضبط معه السلاح فذلك امر يتطلبه اللزوم العقلي و المنطقي للأمور .ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة و عناصر في الدعوى و لها أن تبين سبب الجريمة و ان ترد الحادث إلى صورته الصحيحة من مجموع تلك الأدلة، لتكوين عقيدتها بالصورة الصحيحة لواقعة الدعوى و استظهار الحقائق القانونية . والجدير بالذكر أن الأدلة في المواد الجنائية متماسكة يشد بعضها البعض الآخر فتتكون عقيدة القاضي منها متجمعة، وتوجد قاعدة جواز الاستغناء ببعض الأدلة عن بعضها الآخر إذ كان الدليل الباطل و المفترض استبعاده ليس من شأنه أن يؤثر في عقيدة المحكمة لو أنها كانت قد فطنت إلى فساده أو بطلانه فإن مثل هذا الدليل يتبين من ظروف الواقعة و طريقة التدليل أنه لا يغض –لا يقلل –من قوة الأدلة الأخرى بحيث إنها تكفي بذاتها و بما بينها من تساند و تماسك لما رتبه الحكم عليها من ثبوت الواقعة و إدانة فاعلها فإن بطلان هذا الدليل لا يستتبع حتماً بطلان ما عداه من أدلة أخرى و لا يضعف من قوة تسانده.
ما أهمية الأدلة الجنائية؟
01 ديسمبر 2012