دعا الباحث والإعلامي نوح خليفة لتدعيم المحافظات بالمرتكزات الخدمية الاستراتيجية جغرافياً لإيقاف الخطط الضاغطة على نواة التطور الاقتصادي والحضري، محذراً من البيئة الخادمة للمخططات الجغرافية الضاغطة على نواة التطور الاقتصادي. ورأى خليفة أن المحرق والعاصمة والجنوبية قواعد الانطلاق الأولى إلى الحياة العصرية التي تعيشها مملكة البحرينوكشف خليفة عن تحولات حضرية تاريخية تعرضت لها جغرافيا البحرين البشرية وصفها «بالمؤثرة»، داعياً لدراسة جغرافيا الخدمات بأبعادها الاستراتيجية.وقال خليفة: إن نخباً ورؤوس أموال اجتماعية واقتصادية نزحت من مستقراتها الحضرية وقواعدها الاقتصادية التقليدية إلى المناطق الحضرية وقواعد الاقتصاد المعاصر بوسط البحرين أبرزها «المدن الاقتصادية الاجتماعية الكبرى: المحرق والمنامة والرفاع» نتيجة للتطلعات الإنسانية للاقتراب من عواصم التطور الاقتصادي والاجتماعي العصرية، مراوحاً أن المحرق والعاصمة والجنوبية يشكلون النواة الأقدم والأعرق للتحولات التاريخية الحضرية والاقتصادية وقواعد الانطلاق الأولي إلى الحياة العصرية التي تعيشها مملكة البحرين على المستوى الحديث محلياً ودولياً.وأكد خليفة أهمية مد المحيط الجغرافي المحاذي للمحافظات المذكورة بمرتكزات خدمية استراتيجية جغرافياً تسهم في إيقاف مساعي الجماعات المعادية التي تنتهج خططاً ضاغطة على نواة التطور «الاقتصادي والحضري» عبر استغلال أطراف بعض المدن أو المحافظات أو القرى، واتخاذها مسالك استراتيجية مؤدية أو مقاربة لمدن أو محافظات أو شوارع استراتيجية أمنياً واقتصادياً لتأمين نجاح سلوكيات الضغط والفوضى التي تنتجها بعض الجماعات المندسة في نسيج تلك المناطق القروية أو ذات الامتداد القروي. وأوضح خليفة أن تواتر الهجرات إلى وسط البحرين منذ اكتشاف النفط وتحول حياة أغلبية سكان البحرين المهنية من تقليدية قائمة على الصيد والزراعة إلى فنية متطورة، مروراً بنشوء مراكز متطورة حضرياً واقتصادياً جاذبة للإنسان البحريني وصولاً إلى تكيف إنسان البحرين مع المناطق الحضرية الأكثر أمناً ونزوحه إليها جميعها، عوامل أسهمت في تمركز القوى الاجتماعية بنسب مرتفعة بوسط البحرين، الأمر الذي استدعى آنذاك تكثيف عمليات التنمية الخدمية، مبيناً أن التحديات الراهنة والمستقبلية عوامل تدعو إلى دراسة واقع ومستقبل جغرافيا الاقتصاد والخدمات واتخاذها خطوة مفصلية للقضاء على المد الانقلابي، إضافة إلى تحديد مراكز عمل استراتيجية لإدارة أنواع متعددة من الخدمات والاستثمارات الداعمة للانفتاح الجغرافي وسيادة الاستقرار. وبين خليفة أن خصائص سكان بعض مناطق الأطراف منها «المستقرات الحضرية بشمال غرب البحرين وبعض المستقرات بالمناطق البحرينية الوسطى التي تتسم أرجاء كثيرة من ضواحيها ببساطة سكانها وتأثر قوامهم الأسري العددي وواقعهم التعليمي والعملي» بواقع حياتهم التقليدية القائمة على الفلاحة والصيد» أضحت تفقد مقومات الانفتاح، والتباين الطبقي، وقادة رأي اجتماعية واقتصادية صالحة، إضافة إلى أرضياتها البيئية ومكوناتها البشرية التي تتوافر فيها بيئة الانقياد لعناصر سعت للتوغل الفكري والجغرافي بين أولئك السكان وتلك الضواحي لتغيير مناخات التعايش والسيطرة على عقول بعض الجماعات وإقناعهم بمردود تحركاتهم الفوضوية، لافتاً إلى أهمية نفوذ ثقافة العصر وأن يفوق مداها القدرات التضليلية للعناصر الانقلابية عبر خدمات مجتمعية مختارة بعناية نوعاً وكيفاً ومكاناً وأشار خليفة إلى العلاقة التبادلية في الحياة الاقتصادية المعيشية المتمثلة في المصالح المشتركة للسكان والمنظومة المعيشية المتكاملة التي يعيشها الإنسان البحريني والتي تعتمد على المنتج الزراعي والبحري لإقامة الحياة بمختلف جوانبها واحتياجاتها قبل النفط، موضحاً أن مناطق الأطراف تمثل قبل التطور قواعد اقتصادية للعائلات الكبيرة التي تعتمد على إيرادات النخيل التي يمتلكونها في القرى المجاورة، مما يشكل مصدراً للقوة الاقتصادية لتلك العائلات التي تقوم بتغذية أعداد كبيرة من السكان المتجاورين معهم في الأحياء السكنية، إضافة إلى كونها أسلوب حياة للقرويين الذين يستنفعون من منتجات الزراعة لإقامة حياتهم الاجتماعية، عبر ارتيادهم المدن لبيع محاصيلهم الزراعية ومحاصيل صيدهم البحرية في المدن. وبين خليفة أن مناطق الأطراف تعرضت قبل النفط لجهود تنموية مكثفة من قبل العائلات البحرينية الكبيرة ملاّك المزارع، مشيراً إلى أن جهوداً كبيرة بدأت آنذاك لتنمية القوام العددي للمزارعين عبر استقبال الهجرات الوافدة للعمل في الزراعة بهدف رفع الكفاءة الإنتاجية الزراعية خصوصاً وأن تلك القرى الزراعية كانت تضم أعداداً قليلة جداً من السكان بينما الحاجة إلى المردود الزراعي تفوقت على قدراتهم آنذاك، مراوحاً أن الجهود التنموية التي بذلت قديماً في مناطق الأطراف لتحسين الإنتاجية في البساتين والبحر التي تمثلت في رفع أعداد القرويين بشكل كبير انعكست سلباً على الحياة الحديثة خصوصاً بعد هجرة العائلات الكبيرة لقواعد قوتها الاقتصادية التقليدية وانعدام التباين الطبقي في تلك المناطق وافتقارها لقادة رأي معتدلين، وتغير واقع القوة الاقتصادية وتغير متطلبات الكفاءة للإنسان البحرين وتوغل جماعات التشدد والتطرف الفكري بين ضواحي بعض القرى والتمترس ببعض الجماعات البسيطة القابعة بإرادتها الانعزالية تحت وطأة الحياة التقليدية التي فقدت جزءاً كبيراً من مقوماتها الطبيعية، موضحاً أهمية الانشغال بتثبيت مرتكزات عصرية فاعلة، تقود المجتمعات القروية إلى الالتحام بالمعاصرة والانصهار في روح العصر عبر العمل على فك قيود الانعزال الفكري وتعزيز مكونات الانفتاح الجغرافي.