أقرت مصادر سياسية رفيعة داخل "التحالف الوطني" الشيعي الذي يقود حكومة نوري المالكي في العراق بأن القيادة الايرانية تستثمر تصاعد حدة الخلافات بين المالكي وبين السنة, وانشغال الاجهزة الامنية العراقية في محاربة تنظيم "القاعدة" والجماعات المسلحة الاخرى, بهدف توسيع الأنشطة الاستخبارية بالتعاون مع "حزب الله" اللبناني من دون علم السلطات في بغداد, محذرة من ان استمرار اسلوب غض البصر الذي تتبعه الاجهزة المعنية المقربة من المالكي حيال هذا الملف, قد يكلف العراق الكثير من علاقاته العربية والاقليمية والدولية, وربما تصل الامور الى ان تتحول هذه الانشطة الى تهديد ضد أمن واستقرار العراق. وذكرت صحيفة "السياسة" الكويتية اليوم الأربعاء أن قيادة "الحرس الثوري" الإيراني أنشأت غرفة تنسيق موحدة بين قيادتها في لبنان برئاسة حسن مهدوي وقيادتها في العراق برئاسة محمود فرهادي, الذي اعتقلته القوات الاميركية العام 2007 في محافظة السليمانية الكردية شمال العراق, غير ان المالكي أطلق سراحه قبل عامين بعد اتمام الانسحاب الاميركي الكامل, ليعود بعدها فرهادي الى نشاطه القيادي على الساحة العراقية.وقالت المصادر ان قيادة "الحرس الثوري" الإيراني المقربة من المرشد الاعلى علي خامنئي اتخذت هذا القرار على وجه السرعة في الاسبوعين الاخيرين بسبب تزايد مخاطر سقوط النظام السوري, حيث برز توجه قوي لتحويل الاراضي العراقية إلى قاعدة متقدمة للأنشطة الخارجية التي تراجعت بأكثر من 80 في المئة نتيجة تداعيات الازمة السورية.وبحسب المصادر, فإن توحيد قيادتي "الحرس الثوري" في لبنان والعراق يهدف إلى تقوية المواجهة المحتملة داخل الاراضي السورية للدفاع عن النظام وتعزيز العمليات الامنية الحيوية ضد بعض دول المنطقة التي تصنف على انها معادية للنظام الايراني, غير ان اهم ما تعنيه وحدة قيادتي الحرس في لبنان والعراق هو اضافة اهداف جديدة لكنا القيادتين: فقيادة الحرس في لبنان كانت تعمل على تسليح وتأهيل "حزب الله" واستهداف المعارضة السنية اللبنانية, فيما يستهدف عمل قيادة الحرس في العراق السنة والقوات الاميركية عندما كانت موجودة بكثافة.واستناداً إلى المصادر, فإن المملكة العربية السعودية والاردن والكويت والبحرين والامارات تأتي في مقدمة الدول المستهدفة من قيام قيادة موحدة لـ"الحرس الثوري" في لبنان والعراق, وإن اهداف العمليات الحيوية التي ستتم في الفترة القريبة المقبلة ستشمل تجنيد اشخاص عراقيين بينهم أكراد شيعة وتركمان شيعة وتشكيل خلايا مسلحة وخلايا لجمع المعلومات وتهريب السلاح وتمويل جماعات سياسية, وتنفيذ هجمات ارهابية واغتيالات لزعزعة الاستقرار الداخلي في هذه الدول.وأشارت المصادر العراقية الشيعية الى ان الحكومة الاميركية وجهت رسالة حازمة إلى المالكي وطلبت منه اتخاذ تدابير رادعة لوقف الانشطة الخارجية لقيادة "الحرس الثوري" الايراني والتي ستشهد تصاعداً لافتاً بعد توحيد قيادتها في لبنان والعراق, لأن هذه الخطوة الاخيرة قد تعني ان جزءاً من الانشطة الجديدة ربما يكون موجهاً ضد التواجد الاقتصادي والامني والديبلوماسي الاميركي في بغداد وبقية المدن العراقية.وفي معرض التقارير التي تحدثت عن تعاون محتمل بين انشطة قيادة "الحرس الثوري" في لبنان والعراق بتنسيق مع "حزب الله" اللبناني وبين جماعات شيعية عراقية, قال القيادي في "التيار الصدري" النائب عبد الحسين الحسيني امس الثلاثاء, ان تياره لا يمكن ان يكون جزءاً من هذه الانشطة لأنه تيار عراقي عروبي, كما ان الاحداث في سورية برهنت ان اي مجاميع هناك تعمل بإسم الصدر هي مجاميع لا تمثل التيار الصدري لا من قريب ولا من بعيد, ولذلك كان ولازال قرار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر هو القيام بدور ايجابي في الدول العربية كما فعل مع الموضوع البحريني عندما التقى مسؤولين بحرينيين وأبلغهم انه يدعم الحوار بين الحكومة البحرينية وبين المعارضة وانه لا يتدخل في الطريقة والقرار الذي تتخذه السلطات في البحرين لحل المشكلة لأن ذلك شأن داخلي يخص المملكة, مضيفاً ان الصدر لا يخشى اي ضغوط ايرانية إذا ارادت تغيير وجهته وموقفه وهو مصمم على عدم تهديد أمن واستقرار اي بلد عربي.من جهته, فند مصدر كردي المعلومات التي وردت في تقارير سرية عن امكانية قيام "الحرس الثوري" الايراني بقيادته الموحدة في لبنان والعراق بأنشطة معادية لدول عربية وتركيا انطلاقاً من مناطق خاضعة لسلطة الاحزاب الكردية الرئيسية برئاسة مسعود بارزاني وجلال طالباني.وقال المصدر الكردي ان الستراتيجية الامنية العليا في اقليم كردستان لا تسمح بوجود اي انشطة ايرانية ضد دول اخرى انطلاقاً من اراضي الاقليم, كما ان السلطات الامنية الكردية ستتصدى لأي نشاط من هذا النوع, مشدداً على ان المعلومات التي تتعلق بتجنيد اكراد شيعة او تركمان شيعة من قبل "الحرس الثوري" سيتم التعامل معها بحزم, لأن الموقف السياسي الكردي قائم على احترام أمن وسلامة الدول المجاورة للعراق والبعيدة عنه.