كتب - حذيفة إبراهيم:«زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً...أبشر بطول سلامة يا مربع» هو بيت شعر للشاعر الأموي جرير استحضره مواطن سألته «الوطن»، إلى جانب آخرين، عن مدى ثقتهم بتعهدات النواب استخدام أدواتهم النيابية لمحاسبة المسؤولين المتورطين بمخالفات أوردها تقرير الرقابة المالية الأخير، إذ حمل معظم المواطنين، المستطلعة آراؤهم، النواب مسؤولية استمرار التجاوزات، فيما تقاذف نواب سابقون وحاليون هذه المسؤولية.وفي الوقت الذي أكد فيه نائب سابق أن البرلمان السابق استخدم جميع أدواته البرلمانية المتاحة ومنع الكثير من التجاوزات، والمطلوب من الدورة الحالية تفعيل أدواتها البرلمانية لمن تكرار المخالفات، ذهب نائب حالي إلى أن البرلمان السابق «لم يؤلم المخالفين(..) ونحن من سنوجه لهم الضربات المؤلمة باستخدام أدواتنا الدستورية».واتفق النائبان مع قانونيين أن «لدى النواب أدوات دستورية يستطيعون من خلالها منع المخالفات، إذ يمتلكون الحق في المساءلة أو تشكيل لجان تحقيق أو الاستجواب أو طرح الثقة في الوزراء»، إلا أن الخلاف بقي حول «طريقة الرد المؤلم وتوقيته».ويبدو أن مرور شهر على صدور تقرير «الرقابة» لم يكن كافياً للنواب حتى «يستلوا أدواتهم النيابية من غمدها وكل الخشية أن تكون قد صدأت» حسب أحد المواطنين، إذ أكد أن «البحرين هي دولة المؤسسات والقانون وعلى النواب إثبات هذا والتحرك بسرعة لمنع التجاوزات».وحول موعد استخدام الأدوات النيابية، أكد النائبان أنه «في ظل إحالة التقرير للجنة المالية لا يجوز لأي عضو توجيه الأسئلة للوزراء المعنيين حول أي موضوع مذكور في التقرير إلا بعد انتهاء اللجنة من إعداد تقريرها وتسليمها للنواب».إجراء قويوقال النائب السابق سعدي عبدالله إن مجلس النواب لديه أدوات عديدة للحد من المخالفات المذكورة في تقرير ديوان الرقابة المالية، مشيراً إلى أن زيادة عدد التجاوزات وتكرارها يحتم اتخاذ إجراء قوي، إذ إن المملكة لديها قوانين ولكنها لم تطبق بحق المخالفين.وأوضح أن لمجلس النواب الحق في المساءلة أو تشكيل لجان تحقيق أو الاستجواب أو طرح الثقة في الوزراء المعنيين، مشيراً إلى أنه كان من المفترض من مجلس النواب الحالي تشكيل لجنة خاصة للبحث في التجاوزات المذكورة في تقرير ديوان الرقابة، بدلاً من إعطائها للجنة المالية التي عليها أعباء وقوانين محالة لها، مشيراً إلى أن اللجنة المشكلة يجب أن ترفع تقريرها لمجلس النواب خلال فترة لا تتجاوز دور انعقاد واحد بناء على اللائحة الداخلية.وأكد أنه في ظل إحالة التقرير للجنة المالية لا يجوز لأي عضو توجيه الأسئلة للوزراء المعنيين حول أي موضوع مذكور في التقرير إلا بعد انتهاء اللجنة من إعداد تقريرها وتسليمها للنواب.وقال إن مجلس النواب يسأل الوزير المختص بخصوص الإجراءات التي اتخذها في حق المخالفين، وهل حولهم إلى النيابة العامة في حال الحاجة إلى ذلك، مبيناً أنه إن لم يتخذ إي إجراء فيتم استجواب الوزير أو حتى طرح الثقة فيه.وأشار عبدالله إلى أن لجنة التحقيق التي يمكن للنواب تشكيلها من حقها الاطلاع على جميع ملفات أي وزارة، وذلك وفقاً للائحة الداخلية التي توجب على جميع وزارات الدولة التعاون مع أي لجنة تحقيق، وعدم إخفاء الملفات، مؤكداً أنه في حالة اكتشاف حالات فساد أو مخالفات أخرى من حقها مساءلة الوزير المختص حول الإجراءات التي اتبعها.وشدد على أنه يجب تطبيق القانون على الجميع دون استثناء حيث إن المملكة هي دولة المؤسسات والقانون، مبينا أنه لا يمكن قبول تكرار التجاوزات وعلى النواب تحريك أدواتهم .من جهته، قلل المواطن أحمد عبدالعزيز من أهمية تشكيل لجان نيابية للتحقيق في مخالفات أوردها تقرير الرقابة»، إذ قال إن «التقرير رصد المخالفات وليس المطلوب من النواب تشكيل لجان تحقق في التقرير بل محاسبة المتورطين حسب ما أورده التقرير باستخدام أدواتهم النيابية التي نخشى أن تكون قد صدأت».خطوات غير مؤلمةمن جانبه قال عضو اللجنة المالية بمجلس النواب محمود آل محمود إن اللجنة قسمت الملاحظات الواردة في التقرير إلى ثلاث فئات، مخالفات كبيرة ومتوسطة وخفيفة، مشيراً إلى أن على المجلس اتخاذ «خطوات جريئة» لمنع تكرار المخالفات حيث كانت خطواته سابقاً «غير مؤلمة»، مشدداً على ضرورة تطبيق القانون بحقهم بما يؤكد أن المملكة هي دولة المؤسسات والقانون.وأوضح أن المخالفات الكبيرة هي عالية المستوى وفيها مبالغ كبيرة وتستوجب اتخاذ إجراءات كالتحويل للنيابة العامة أو استجواب الوزير المعني، مشيراً إلى أن اللجنة رصدت حوالي 4 من ذلك النوع وهي تخص «شركات وطنية كبيرة».وأضاف أن مجلس النواب لا يمتلك صلاحية التحويل للنيابة العامة، ولكنه يوصي الحكومة بذلك، وإن لم تستجب يتم استجواب الوزير المختص أو طرح الثقة فيه، مشيراً إلى وجود لجنة تنسيقية بين كتل المجلس لإعداد لائحة الوزراء الذين سيتم استجوابهم.وأشار إلى أن اللجنة المالية شارفت على إنهاء تقريرها حول المخالفات الواردة في ديوان الرقابة، وهي تعكف على وضع التوصيات، حيث سيتم قراءتها داخل اللجنة الأسبوع المقبل، مبيناً أن اللجنة تسعى إلى إدراجه في جدول الأعمال للثلاثاء المقبل أو الذي يليه.وحول توقعاته حيال تعهد النواب باستخدام النواب أدواتهم استحضر المواطن عمار شاهين بيت شعر للشاعر جرير «زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً.. أبشر بطول سلامة يا مربع» في إشارة منه إلى عدم ثقته بعزم النواب محاسبة المتورطين فعلاً.
مخالفات «الرقابة» تختبئ من «الأدوات النيابية» داخل «مالية النواب»
05 ديسمبر 2012