القاهرة - (وكالات): أعلن رئيس الوزراء المصري هشام قنديل أن الرئيس المصري محمد مرسي وافق على تعديل الإعلان الدستوري الذي منحه صلاحيات استثنائية، وتطالب المعارضة المصرية بإلغائه. وأضاف قنديل في تصريحات لقناة «المحور» الخاصة أنه تم الاتفاق خلال لقاء الرئيس مرسي مع قوى وشخصيات سياسية على بحث «حل قانوني لتأجيل الاستفتاء» فاتحاً بذلك الباب أمام الاستجابة أيضاً لمطلب آخر للمعارضة. وتابع قنديل أن مرسي وافق على تعديل الإعلان الدستوري وسيصدر إعلاناً دستورياً جديداً في وقت لاحق. وأوضح أنه «تم الاتفاق على تشكيل لجنة من 6 من المشاركين في الاجتماع «قانونيون وسياسيون» لتعديل الإعلان الدستوري وسوف ينتهون من عملهم في وقت لاحق» معلقاً أن «الحوار يؤتي ثماره، وتظهر بشائره قريباً». وبخصوص تأجيل الاستفتاء على الدستور الخلافي المطلب الثاني للمعارضة، قال قنديل إنه «تم الاتفاق خلال اللقاء على دراسة إمكانية إيجاد حل قانوني لتأجيل الاستفتاء».وحول مضمون مشروع الدستور والمواد الخلافية التي ترفضها المعارضة أكد قنديل إن المشاركين في اللقاء «سيضعون خارطة طريق للتوصل إلى توافق حول الدستور».في المقابل، دعت جبهة الإنقاذ الوطني أهم قوى المعارضة المصرية المصريين إلى الاستمرار في التظاهر و»الاحتشاد السلمي» حتى تحقيق المطالب، ملوحة بالإضراب العام لإسقاط الإعلان الدستوري وإرجاء الاستفتاء على مشروع الدستور.كما طالبت جبهة الإنقاذ مرسي بــ «حل المليشيات المسلحة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين أو أي جهة مدنية أخرى».من جانبه، أعلن القيادي الإسلامي، حازم أبو إسماعيل «أنه يتم حالياً إعداد قائمة بأسماء متآمرين على الشرعية يديرون الجرائم الحالية في مصر»، فيما حذَّر من أنه سيتم فض اعتصام المعارضين للرئيس المصري بالقوة. وقال أبو إسماعيل، في كلمة ألقاها أمام آلاف من أنصاره يحتشدون حول مدينة الإنتاج الإعلامي جنوب القاهرة ووجهها إلى الرئيس المصري «أرجوك لا تحبط هذا الجمع وهذا الرباط، واعلم أن الذين جاءوا هنا منهم من كتب وصيته، ويجب أن تحقق مطالبهم في تطهير الإعلام، لم نأت هنا لنجاملك بل لنحق الحق، لا تحبط الشعب والأمة، واطلعهم على المعلومات التي تخفيها، التي علمت أنا جزءًا منها».وألقى الجيش المصري أمس بثقله في الأزمة التي تقسم الساحة السياسية في مصر منذ أكثر من أسبوعين داعياً الفرقاء إلى اعتماد الحوار لحلها واحترام الشرعية القانونية ومحذراً من أنه «لن يسمح» بأن تدخل البلاد «نفقاً مظلماً نتائجه كارثية»، فيما أكد في الوقت ذاته وقوفه إلى جانب الشعب. وقال الناطق باسم القوات المسلحة في بيان «إن منهج الحوار هو الأسلوب الأمثل والوحيد للوصول إلى توافق يحقق مصالح الوطن والمواطنين». وشدد البيان على «أن عكس ذلك يدخلنا في نفق مظلم نتائجه كارثية»، مضيفاً «وهو أمر لن نسمح به». ويشير بيان المؤسسة العسكرية النافذة في مصر والتي خرج منها كل رؤساء مصر بين 1952 و2011، إلى جدية الأزمة السياسية الأكبر من نوعها منذ تولي الرئيس محمد مرسي الرئاسة في يونيو 2012 كأول رئيس مدني وإسلامي للبلاد. واندلعت هذه الأزمة إثر إصدار مرسي في 22 نوفمبر الماضي إعلاناً دستورياً منح فيه نفسه صلاحيات استثنائية رفضتها المعارضة المكونة أساساً من قوى يسارية وليبرالية، بشدة. وازدادت الأزمة حدة مع إعلان مرسي استفتاء على مشروع دستور خلافي في 15 ديسمبر الجاري ما أدى إلى تنظيم اعتصامات وتظاهرات حاشدة للمعارضة في القاهرة والعديد من المدن المصرية رفضاً للإعلان الدستوري ولمشروع الدستور والاستفتاء عليه، شهد بعضها صدامات دامية بين أنصار مرسي ومعارضيه. وقتل 7 أشخاص وأصيب أكثر 600 بجروح في مواجهات بين الفريقين الأربعاء الماضي. وأكدت المؤسسة العسكرية «انحيازها الدائم» للشعب بيد أنها شددت على الحوار والابتعاد عن العنف، في مؤشر إلى حيادها في الأزمة. وقال بيان الجيش «تنحاز المؤسسة العسكرية دائماً إلى شعب مصر العظيم وتحرص على وحدة صفه، وهي جزء أصيل من نسيجه الوطني وترابه المقدس، وتأكد ذلك من خلال الأحداث الكبرى التي مرت بها مصر عبر السنين، وفي هذا الإطار نؤكد وندعم الحوار الوطني والمسار الديمقراطي الجاد والمخلص حول القضايا والنقاط المختلف عليها وصولاً للتوافق الذي يجمع كافة أطياف الوطن». وأضاف المتحدث «يجدر بنا جميعاً أن نراقب بحذر شديد ما تشهده الساحة الداخلية والإقليمية والدولية من تطورات بالغة الحساسية حتى نتجنب الوقوع في تقديرات وحسابات خاطئة تجعلنا لا نفرق بين متطلبات معالجة الأزمة الحالية وبين الثوابت الاستراتيجية المؤسسة على الشرعية القانونية والقواعد الديمقراطية التي توافقنا عليها وقبلنا التحرك إلى المستقبل على أساسها». وأكد «إن القوات المسلحة المصرية بوعي وانضباط رجالها التزمت على مر التاريخ بالمحافظة على أمن وسلامة الوطن والمواطنين ومازالت وستظل كذلك». وقالت صحيفة «الأهرام» الحكومية المصرية إن الرئيس محمد مرسي سيصدر «قريباً» قانوناً بإشراك القوات المسلحة في حفظ الأمن وحماية المنشآت العامة إلى حين إقرار الدستور وإجراء الانتخابات التشريعية، تمنح بمقتضاه سلطة الضبطية القضائية لضباط وضباط صف الجيش ما يتيح لهم توقيف المدنيين. وأشارت الصحيفة إلى أن مجلس الوزراء المصري أقر القانون وأحاله على مرسي لتوقيعه وإصداره.وبدا مرسي حازماً حين ألقى خطاباً لم يستجب فيه لأي من مطالب المعارضة وخصوصاً إلغاء الإعلان الدستوري وتأجيل الاستفتاء على الدستور رغم دعوته المعارضة للحوار اليوم. لكن جبهة الإنقاذ الوطني أهم أطراف المعارضة، رفضت العرض معتبرة أنه «غير جدي» مع عدم الاستجابة لمطالبها. غير أن نائب الرئيس المصري محمود مكي قال إن مرسي يمكن أن يقبل تأجيل الاستفتاء على الدستور إذا وجد مخرج قانوني وتوافق سياسي لتحصين مثل هذا التأجيل من أي طعن قضائي. كما أعلنت اللجنة الانتخابية إرجاء استفتاء المصريين في الخارج على مشروع الدستور الذي كان مقرراً السبت إلى الأربعاء المقبل فيما اعتبر مؤشراً إلى مرونة من السلطة. وأكد رئيس جبهة الإنقاذ الوطني محمد البرادعي ضرورة الحوار ونبذ العنف غير أنه شدد على مطالب المعارضة في إلغاء الإعلان الدستوري وتأجيل الاستفتاء إلى حين التوافق على مشروع الدستور. وجاء رد فعل الإسلاميين رافضاً لتأجيل الاستفتاء على الدستور ومشدداً على الدفاع عن الشرعية، ما اعتبره بعض المراقبين تصلباً تفاوضياً. وأكد ائتلاف الأحزاب والحركات الإسلامية الذي يضم 13 تنظيماً رفضه تأجيل الاستفتاء على مشروع الدستور مؤكداً «ضرورة إجراء الاستفتاء على الدستور في موعده دون تعديل أو تأجيل». ووقع بيان الائتلاف خصوصاً الإخوان المسلمون وحزب الحرية والعدالة المنبثق منهم وحزب النور والدعوة السلفية والجماعة الإسلامية. وحذر الائتلاف «المتلاعبين بإرادة الشعب من محاولة اغتصاب الدولة أو الانقلاب على الشرعية»، مضيفاً «إن كل الخيارات مفتوحة أمام القوى الإسلامية للحفاظ على الشرعية ومؤسسات الدولة المنتخبة». وندد خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين في مؤتمر صحافي بقوى قال إنها «تتآمر» لإفشال التجربة الديمقراطية في مصر. وكان مرسي قد دعا القوى السياسية إلى حوار حول قضايا ما بعد الاستفتاء إلا أن جبهة الإنقاذ الوطني التي تضم أحزاباً وحركات المعارضة الرئيسة رفضت واشترطت أولاً الاستجابة لمطلبها.واجتمع مرسي مع مجموعة من الشخصيات السياسية وبعض القوى لبحث الأزمة. في هذه الأثناء، يسود الهدوء محيط قصر الرئاسة في القاهرة بعد تظاهرات «جمعة الكارت الأحمر» التي نظمها المعارضون للرئيس. وحول القصر الواقع في ضاحية مصر الجديدة تمركز الجنود عند حواجز أمنية ووضعت أسلاك شائكة على الطرق المؤدية إلى القصر لمنع الوصول إليه، كما بني جداراً أسمنتياً حول محيط القصر.وفي شأن آخر، رفضت محكمة جنايات القاهرة الطلب المقدم من جهاز الكسب غير المشروع بوزارة العدل للتحفظ على أموال رئيس الوزراء الأسبق والمرشح الرئاسي السابق، أحمد شفيق، وبناته الثلاث وأمرت بإلغاء قرار الجهاز بالتحفظ على أموالهم.