كتبت ـ عايدة البلوشي:هل صحيح أن لأطفال البحرين أمٌ أصلية للإنجاب وأخرى آسيوية «مُقلّدة» للتربية، وما تأثير ملازمة الخادمة الدائمة للطفل على علاقته بأمه؟ كيف نستطيع تنظيم علاقة الطفل بأمه وخادمته؟.الطفلة لطيفة محمد 11 سنة تعلقت بخادمة المنزل نسيمة منذ نعومة أظفارها «كانت جزءاً من حياتي، عندما سافرت كانت لحظة الفراق صعبة» وتضيف «بعد يومين من سفرها مرضت وظللت أبكي وأنادي باسمها طوال الليل».سمية حسن 22 سنة تروي قصتها عندما كانت في الخامسة من عمرها «كنت أنادي الخادمة ماما، وهي كانت تحبنا بمثابة أبنائها، بينما أمي مشغولة بوظيفتها خارج المنزل».ليلى أحمد 15 عاماً قضت طفولتها بأحضان الخادمة الآسيوية «كنت أقضي معها معظم الوقت، تسرح شعري وتنتظرني على باب البيت عند عودتي من المدرسة» وتتابع «تحولت مع مراحل الطفولة المتأخرة لكاتمة أسراري، ولكن الأمومة مسألة مختلفة وللأم مكانة خاصة لا تشغلها سواها». الأم الآسيويةتعلقت لطيفة محمد بخادمتها جداً «كانت والدتي موظفة وجلبت الخادمة للاعتناء بنا، ولم تضع في حسبانها النتائج الوخيمة جراء تركنا في أحضان الخادمة».أصبحت الخادمة مع مرور الأيام جزءاً مهماً من حياة لطيفة «قضيت أغلب وقتي معها، ولم تدرك والدتي وحتى والدي شدة تعليقي بها إلا عندما حان موعد سفرها» وتواصل «كانت لحظة الفراق صعبة، وبعد يومين من سفرها مرضت وبكيت وناديت باسمها طوال الليل».تُجزم لطيفة اليوم أنها لن تكرر خطأ والدتها «لن أترك أبنائي مستقبلاً مع الخادمة، وسأخصص جلّ وقتي للعناية بهم والاهتمام بشؤونهم».سمية حسن 22 سنة تسرد قصتها مع الخادمة عندما كانت طفلة بعمر 5 سنوات «تعلقت بالخادمة بشكل كبير جداً، لدرجة أني كنت أناديها ماما، بحكم انشغال الوالدة في فترة النهار بالعمل، وتكون منهكة حين عودتها للمنزل، ولا تكون لديها فرصة الاهتمام بنا».وتواصل «الخادمة تولت مهمة الأم، اعتنت بي وبأخوتي ويسّرت لنا احتياجاتنا ومتطلباتنا» وتقول «حبها لنا لا يوصف، وتقول نحن أبناؤها، كانت تحمل صفات أمومة وطيبة نادراً أن تجدها اليوم عند المربيات والخدم». صندوق الأسرارتشاركها الرأي ليلى أحمد 15 عاماً «كانت لدينا خادمة عملت في منزلنا 10 سنوات تقريباً عندما كنت في الروضة، وأصبحت بمرور الوقت جزءاً من الأسرة، أحببتها كثيراً وناديتها ماما». كانت الخادمة تجالس ليلى تجلس وتلعب معها في أوقات فراغها، وتستقبلها حين عودتها من المدرسة وتحضر لها الطعام وتسرح شعرها «قضيت معها جل وقتي، أراها أكثر من والدتي العاملة، أصبحت جزءاً أساسياً من حياتي».كبرت ليلى ودخلت المرحلة الإعدادية وبات إدراكها للأمور أكثر نضجاً ووعياً «عندما أرى الخادمة متضايقة اسأل عن حالها، فهي صديقتي وصندوق أسراري».أدركت ليلى أن الخادمة وإن كانت إنسانة عظيمة طيبة ولكنها تظل خادمة تبحث عن لقمة عيشها وفي النهاية تعود لموطنها الأصلي «لا يمكن أن أقارنها بوالدتي» وتضيف «رغم أنها شُغلت عني في مرحلة طفولتي، لكن انشغالها كان لتوفير حياة كريمة لنا».مروة عبدالله ترى الأمور من منظور مختلف «لا علاقة للخادمة سوى بالمهام المنزلية، أمور الأطفال عودتنا والدتي بإنجازها بصفة شخصية تجبناً للاتكالية والاعتماد على الآخرين وفي سبيل تعزيز مفهوم المسؤولية لدينا». المعاملة بالمثلالخادمة سوهي تعمل لدى أسرة بحرينية منذ نحو 3 سنوات «لم ألتمس سوى حسن المعاملة والتقدير، ولأننا مسلمون ومن باب الإنسانية يجب معاملة الناس جميعهم بالحب والاحترام، هذا ما تعلمنه من ديننا الحنيف ومن طبيعة البشرية تميل إلى التعامل مع الطرف الأخر بالمثل».ترغب سوهي وتميل إلى معاملة الآخر باحترام نظير معاملته «أحب جميع أفراد الأسرة التي أخدمها».الخادمة لاجمي ترى في الطفل أحمد طفل ذا الخمس سنوات كابنها عندما كان في مثل سنه «أحمد ميال للمشاغبة وحركي، أحبه كثيراً، دائماً ألعب معه وكأنني طفلة، واعتبره بمثابة ولدي وأحكي له القصص قبل النوم». الخادمة أسوكا لها وجهة نظر مختلفة «في الحقيقة الخادمات كثيراً ما يعانين سوء المعاملة من صاحبات المنزل، ويتحمّلن شؤون المنزل بشكل يفوق طاقتهن، ما يشتت الخادمة بين العمل المنزلي وتربية الأطفال». الأعباء الكثيرة ولّدت لدى أسوكا رد فعل مضاد وعاملت الطفل بشكل سيئ «كنت أخدم في منزل من 7 أشخاص جميعهم يرغبون أن أقدم لهم الخدمة، من ترتيب الغرفة وغسل الملابس وكيها، والبحث عن أدواتهم وأغراضهم المفقودة، شيء لا يُحتمل ولا يُطاق».وتضيف «الابن ذو الـ 12 عاماً يستيقظ صباحاً ليبحث عن «الجوتي»، والأم تصرخ أين البخور؟، والطفل الرضيع يبكي ويحتاج للعناية»، وتقول بشكل قاطع «أفضل العمل لدى أسرة ليس لديها أطفال».
بعد أن تقاسمن طوعاً مسؤوليتي الإنجاب والتربية
11 ديسمبر 2012