لأكثر من قرنين وحتى عام 2012 حكمت مصر 6 دساتير، وكان لكل منها قصة ونضال سياسي ولجان متعددة أشرفت على وضع الدستور.وعرفت مصر أول نص ذي طابع شبه دستوري في العصر الحديث عام 1837 عندما أصدر محمد علي قانوناً أساسياً عرف باسم «السياستنامه»، أنشأ بمقتضاه بعض الدواوين الجديدة ونظم عملها واختصاصاتها.ثم تلت ذلك قوانين أساسية تتعلق بشؤون الحكم في مصر في عهد الخديوي إسماعيل عامي 1866 و1879، وفي عهد الخديوي محمد توفيق ومع ثورة عرابي عامي 1882 و1883 صدر قانون أساسي آخر ألغاه الاحتلال الإنجليزي بعد ذلك. وقبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى وافقت السلطات البريطانية على ما يعرف بالقانون النظامي العام وذلك عام 1913. وبمرور السنوات تطور الحديث إلى قوانين أساسية تنظم الحكم، وصولاً إلى دساتير واكبت الحياة السياسية في مصر، وكان أولها عام 1923. فبعد مظاهرات عام 1919 التي قادها سعد زغلول ضد الاحتلال الإنجليزي صدر دستور 1923 ونص على أن حكومة مصر ملكية وراثية وأن شكلها برلماني. وألغي دستور 1923 وحل البرلمان وأعلن دستور جديد هو المعروف بدستور عام 1930. هذا الدستور سحب العديد من الاختصاصات من مجلس النواب ورفع نسبة الأعضاء المعينين فيه إلى أكثر من النصف وأزال الصفة النيابية لمجلس الشيوخ. لكن مع الضغوط السياسية والشعبية أعيد العمل بدستور 1923 في ديسمبر 1935 مرة ثانية. وظل العمل بالدستور سارياً حتى إعلان مجلس قيادة ثورة يوليو في ديسمبر 1952 إلغاءه نهائياً. وبعد عامين أعدت لجنة من 50 عضواً مشروع دستور ورفعته إلى الرئيس جمال عبد الناصر الذي رفضه وكلف مكتبه الفني بوضع دستور مؤقت.وصدر الدستور الجديد عام 1956 واستمر لسنتين حتى صدر ما يعرف بدستور الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 ليلغى عام 1964 بعد انتهاء الوحدة بين البلدين ليتم العمل بدستور مؤقت.وفي عام 1971 طلب الرئيس أنور السادات من مجلس الشعب العمل على إعداد مشروع دستور جديد، وأعدته لجنة من 80 عضواً واستفتي الشعب عليه في 11 سبتمبر 1971. وفي عام 1981 قام السادات بتعديل على الدستور لإطلاق عدد فترات الرئاسة بدلاً من تقييدها بفترتين اثنتين فقط. وبقي هذا الدستور سارياً طيلة عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وعدل عدة مرات في عهده، منها في عام 2005 بفتح باب تعدد المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية. وعدل كذلك عام 2007 بإلغاء الرقابة القضائية على الانتخابات التشريعية وحصرها على اللجان العامة. أما مسودة الدستور الأخيرة فأعدتها لجنة تتكون من 100 عضو انتخبهم أعضاء مجلسي الشعب والشورى، وهي المرة الأولى أن تقوم لجنة منتخبة بوضع الدستور، واستغرق عمل اللجنة 6 أشهر وشاركت فيها قوى مختلفة بينما انسحب أعضاء منها في نهاية عملها. وتقول اللجنة إن كل مادة من مواد مسودة الدستور البالغ عددها 236 استغرقت أكثر من 300 ساعة لمناقشتها، وأن اللجنة تلقت مئات الآلاف من الاقتراحات عبر تواصلها مباشرة مع فئات متنوعة من الشعب المصري أو عبر موقع اللجنة الإلكتروني. ويأتي الاستفتاء على مسودة الدستور اليوم في عهد أول رئيس منتخب بعد ثورة 25 يناير ومرحلة انتقالية عاصفة.وتضم مسودة الدستور 5 أبواب بالإضافة إلى ديباجة الدستور. ويأتي الباب الأول بعنوان «الدولة والمجتمع»، ويضم 3 فصول عن «المبادئ السياسية» و»المبادئ الاجتماعية والأخلاقية» و»المبادئ الاقتصادية»، ويشمل 30 مادة. أما الباب الثاني فيتناول «الحقوق والحريات»، ويضم 4 فصول هي «الحقوق الشخصية» و»الحقوق المعنوية والسياسية» و»الحقوق الاقتصادية والاجتماعية» و»ضمانات حماية الحقوق والحريات»، وفيه 51 مادة.ويأتي الباب الثالث بعنوان «السلطات العامة» ويضم 5 فصول هي «السلطة التشريعية» ويتناول مجلسي النواب والشورى، و»السلطة التنفيذية» ويتناول سلطات رئيس الجمهورية والحكومة، و»السلطة القضائية» و»نظام الإدارة المحلية» و»الأمن القومي والدفاع»، ويشمل 118 مادة. أما الباب الرابع فعنوانه «الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية» وفيه 5 فصول هي «أحكام مشتركة» و»الهيئات المستقلة» و»المجلس الاقتصادي والاجتماعي» و»الأجهزة الرقابية» التي تضم هيئة شؤون الوقف والبنك المركزي ومفوضية مكافحة الفساد والجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة حفظ التراث والمجلس الوطني للتعليم والبحث العلمي وهيئة الإعلام والصحافة، ويشمل الباب 17 مادة. وأخيراً الباب الخامس بعنوان «الأحكام الختامية والانتقالية»، ويتناول ما يتعلق «بتعديل الدستور» و»الأحكام العامة» و»الأحكام الانتقالية»، ويضم 18 مادة.«الجزيرة نت»
دساتير مصر.. قصص النضال السياسي والتاريخ العريق
15 ديسمبر 2012