هاجم متظاهرون بالحجارة الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ورئيس البرلمان مصطفى بن جعفر أمس خلال احتفالات في سيدي بوزيد بالذكرى الثانية للثورة التي أطلقت شرارة «الربيع العربي». وكان المرزوقي ورئيس الجمعية التأسيسية توجها إلى المدينة المهمشة اقتصادياً وسط غرب البلاد لإحياء ذكرى إضرام محمد البوعزيزي النار بنفسه.وذكرت تقارير أن المتظاهرين رشقوا المرزوقي بالحجارة بينما كان بن جعفر يحاول إلقاء كلمته أمام 5 آلاف شخص تجمعوا في الساحة التي شهدت حادثة البوعزيزي. وقامت قوات الأمن بإجلاء المسؤولين إلى مقر الشرطة وسط هتافات المتظاهرين «الشعب يريد إسقاط الحكومة» و»ارحل ارحل»، قبل أن يتقدموا باتجاه المنصة. لكن لم يحصل صدام بين المتظاهرين وعناصر الشرطة في المكان. وطلب المرزوقي في كلمته التي قوطعت بالصفير عدة مرات، من التونسيين التحلي بالصبر. وقال المرزوقي إن «الحكومة لا تملك عصاً سحرية لتغيير الأمور، إنها تحتاج إلى الوقت لإنهاء إرث 50 عاماً من الديكتاتورية». وأضاف «أتفهم هذا الغضب المشروع لكن الحكومة حددت الداء وخلال 6 أشهر ستشكل حكومة تصف الدواء لشفاء البلاد مما تعاني منه». وأضاف الرئيس التونسي وسط هتافات الاستهجان من الحضور «للمرة الأولى لدينا حكومة لا تسرق أموال الشعب». ولم يحضر رئيس الوزراء حمادي الجبالي الاحتفالات بسبب إصابته بالأنفلونزا. وقبل ذلك، أطلقت هتافات ضد المرزوقي خلال زيارة قام بها لضريح محمد البوعزيزي البائع المتجول الذي أحرق نفسه في 17 ديسمبر 2010 في سيدي أبو زيد ما أطلق الثورة الشعبية التي أطاحت ببن علي. ووضع المرزوقي العلماني الذي تحالف مع الإسلاميين في حزب النهضة إكليلاً من الورود على ضريح البوعزيزي. وقال أحد المتظاهرين متوجهاً إلى المرزوقي «جئت قبل سنة ووعدت بأن تتغير الأمور خلال 6 أشهر، لكن لم يتغير أي شيء». وأضاف آخر «لا نريدك هنا». من جهته، قال ميداني قاسمي وهو عاطل عن العمل جرح خلال الثورة إن «الناس في الحكومة يعملون كما لو أنهم يريدون معاقبتنا لأننا قمنا بالثورة. لا يفعلون شيئاً لنا ولا يقومون سوى بتقاسم كراسي السلطة». أما فاضل خليفي، فقد أشار إلى أنهم «أعطونا بعض المشاريع المؤقتة التي لا تحل مشكلة البطالة المزمنة». وكانت المطالب الاقتصادية والاجتماعية في لب الثورة التونسية. لكن البطالة ونسبة النمو الضئيلة تواصل إضعاف البلاد بينما تزايدت التظاهرات التي شهد بعضها أعمال عنف في الأشهر الأخيرة. وفي نهاية نوفمبر الماضي جرح 300 شخص خلال 5 أيام من المواجهات مع الشرطة بعد إضراب شهد أعمال عنف في سليانة جنوب غرب تونس. وقد عبرت وسائل الإعلام التونسية وكذلك سكان منطقة سيدي بوزيد عن هذه المرارة صباح أمس. وقال حامد نصري الذي قتل شقيقه شوقي إن «مدينة منزل بوزيان جنوب سيدي بوزيد أعطت الكثير للثورة لكنها لم تحصل على شيء من الاستثمارات والتنمية». وأضاف أن «الوضع أصبح أسوأ والبطالة ارتفعت». وعنونت «لابرس» أكبر صحيفة ناطقة بالفرنسية في تونس «سيدي بوزيد الشرارة الدائمة». وكتبت «عتبة الفقر تراجعت والبطالة ارتفعت والبنى التحتية الاقتصادية والصناعية متوقفة والأراضي مرهونة والزراعة في انهيار». وقالت وزارة الصناعة التونسية إن الاستثمارات تراجعت بنسبة 36% في المنطقة وعروض التوظيف انخفضت 24.3% في الأشهر الـ11 الأولى من السنة بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. وتشكل الحكومة التي يقودها حزب النهضة الهدف الأول لهذه الانتقادات. فقد استقال 10 من منظمي مهرجان البوعزيزي الذي يحتفل باندلاع أولى ثورات «الربيع العربي»، الأسبوع الماضي مدينين «هيمنة» الحزب الإسلامي على تنظيم الحدث. وإلى جانب الصعوبات الاقتصادية، تواجه البلاد باستمرار أعمال عنف تقوم بها جماعات متشددة صغيرة. كما تشهد مأزقاً سياسياً في غياب اتفاق على الدستور المقبل بعد 14 شهراً على انتخاب الجمعية التأسيسية. وتجمع عدد من الإسلاميين المتشددين أمام مديرية الشرطة في سيدي بوزيد حيث رفع ناشطون في حزب التحرير الذي يؤكد أنه لا يؤمن بالعنف، أعلاماً سوداء تدل على التيار السلفي. وفي هذا السياق، مازالت حالة الطوارئ التي أعلنت يوم فرار بن علي ومنحت الجيش والشرطة سلطات واسعة، مفروضة.وأجبرت تلك الاضطرابات التي شهدتها تونس مؤخراً، الرئيس المرزوقي على إلغاء جولته التي كانت مقررة لعدد من الدول الأوروبية منتصف الشهر الجاري، على أن يقوم بهذه الجولة في وقت لاحق، لم يتم الإعلان عن موعدها.«فرانس برس»