تحرص سلطنة عمان، على تحقيق أفضل مناخ ممكن لتعزيز التعاون والتضامن بين دول مجلس التعاون، بوجه خاص، وفي هذه المنطقة، الحيوية بوجه عام، لتحقيق مزيد من الأمن والاستقرار والابتعاد عن أية استقطابات أو ممارسات تهدد، أو قد تهدد أياً من دول وشعوب المنطقة، خصوصاً وأن دول المجلس أكدت دوماً حرصها على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول لأخرى، ورفض أي تدخل في شؤونها الداخلية من جانب أية أطراف أخرى، كما ساندت السلطنة تطوير التعاون بين مجلس التعاون وبين الجمهورية اليمنية الشقيقة، حيث انضمت الجمهورية اليمنية إلى عدد من مؤسسات مجلس التعاون، وهو ما يسير نحو غاياته المنشودة لصالح اليمن ودول مجلس التعاون أيضاً.وفي هذا الإطار فإنه ليس من المبالغة في شيء القول إن القناعة العمانية العميقة، والرؤية الواضحة والبعيدة النظر لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد لأهمية وضرورة تعزيز وتوسيع نطاق عمل وتعميق التعاون والتكامل بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كان لها أبلغ الأثر على امتداد العقود الماضية في بذل كل الجهود الممكنة لتعزيز التكامل بين الدول الست في كل المجالات، وبما يحقق مصالحها جميعها من ناحية، وبما يتوافق كذلك مع متطلبات كل مرحلة من مراحل تطورها الفردي والجماعي كذلك من ناحية ثانية.ومما له دلالة عميقة أن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد أكد في نوفمبر 1976م، أي قبل قيام مجلس التعاون بنحو خمس سنوات، على أن «منطقتنا بحاجة ماسة إلى وضع أسس متينة وصلبة يتفق عليها الأطراف كافة كقاعدة لمنطلق التعاون فيما بينها في المجالات كافة بهدف الاستقرار وتأمين أكبر قدر ممكن من التنمية والتطور من أجل رفاهية شعوبنا، أن سلطنة عمان تؤكد أهمية التفاهم للوصول إلى صيغة متفق عليها للتعاون بين دول منطقتنا».وقال السلطان قابوس بن سعيد، في الجلسة الختامية للقمة الحادية والعشرين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت في المنامة، إن: «مسيرة مجلس التعاون ماضية والحمد الله بخطى ثابتة في طريقها نحو مزيد من التكامل والتكافل من أجل تحقيق الأهداف النبيلة التي تتطلع إليها شعوبنا وصولاً إلى مستقبل أفضل وأسعد تنعم فيه بالرخاء والازدهار والأمن والاستقرار».وانطلاقاً من الحرص العماني على تعزيز وتطوير التعاون والتكامل بين السلطنة والدول الأعضاء بمجلس التعاون، ثنائياً وجماعياً، فإن جهوداً كثيرة بذلت، وخطوات عديدة تم اتخاذها للدفع بالتكامل بين الدول الست في كل المجالات وهي أكثر من أن تخص في هذا المقام. وبينما تحتضن مسقط المقر الدائم للهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي تسعى إلى دراسة كل ما يهم المواطن الخليجي وتقديم مرئياتها إلى أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، فإن القمم التي احتضنتها مسقط لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس منذ القمة السادسة عام 1985، والقمة العاشرة عام 1989، والقمة السادسة عشرة عام 1995، والقمة الثانية والعشرين عام 2001، والقمة التاسعة والعشرين عام 2008، كانت جميعها إضافات مهمة وملموسة لمسيرة التعاون والتكامل الخليجي.ومع الوضع في الاعتبار الدور الحيوي والبناء للسلطنة في تنفيذ قرارات المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في مختلف مجالات العمل الخليجي المشترك، الاقتصادي، والمالي، والثقافي، والإعلامي، والتربوي والاجتماعي وغيرها، فإن السلطنة حرصت على العمل مع شقيقاتها من أجل تطوير التعاون والتكامل فيما بينها على الصعيدين الأمني والدفاعي، إدراكاً منها لأهمية ذلك في الحفاظ على أمن واستقرار دول وشعوب المنطقة، ولمواجهة مختلف التطورات التي تمر بها المنطقة، فضلاً عما يتصل بتطوير قوات درع الجزيرة، والربط المائي والكهربائي بين دول المجلس، والانتقال لمواطني دول المجلس عبر المنافذ الحدودية بينها باستخدام بطاقة الهوية، وكذلك تعزيز التعاون بين دول المجلس في مجال الحفاظ على البيئة.وخصص السلطان قابوس بن سعيد جائزة لقطاع الإنسان والبيئة في مجلس التعاون تقديراً للجهود المبذولة في مجال العمل البيئي الخليجي من ناحية، وتحفيزاً لمزيد من العطاء والاهتمام في هذا المجال من ناحية ثانية، وقد تم في أبريل 2009، تكريم الفائزين بجائزة مجلس التعاون لأفضل الأعمال البيئية لعام 2008/ 2009. يشار إلى أن القمة العاشرة لقادة دول مجلس التعاون التي عقدت في مسقط في عام 1989، شهدت، للمرة الأولى على مستوى مجلس التعاون، تكريم عدد من المواطنين من أبناء دول مجلس التعاون المتميزين في عدد من المجالات، وذلك تعبيراً عن الاهتمام من جانب قادة دول المجلس بالمواطن الخليجي وحثه على مزيد من العمل والإنجاز، وتحقيق أكبر قدر ممكن من المشاركة لأبناء دول المجلس في جهود وتطوير التكامل بين دول المجلس في كل المجالات، خصوصاً وأن تطلعات أبناء دول المجلس تسبق دوماً الخطوات الجماعية لدول المجلس في كثير من الأحيان.