طموح كبير يدفع قادة دول مجلـس التعاون الخليجــــي اليوم مع شعوبهم نحو مزيد من التكامل والاندماج المدروس، وهي قناعة باتت راسخة أكثر فأكثر مع تزايد التحديات التي تواجهها المنظومة الخليجية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. ولكن هذا الطموح يدفعنا للنظر في متطلبات مشروع الاتحاد الذي يحتم على دول مجلس التعاون التركيز سريعاً على إجراءات من شأنها تحقيق المواطنة الخليجية في المستويات السياسية والاقتصادية على الأقل، فما تحقق جيد ولكن المطلوب المزيد من الإجراءات التي تحقق هذه المواطنة المشتركة.منذ تأسيس منظومة مجلس التعاون في العام 1981 كان الهاجس أمنياً، ولاحقاً تطور إلى هاجس اقتصادي، ثم عاد الهاجس الأمني مرة أخرى لتظهر مبادرة العاهل السعودي بضرورة إحداث تغيير هيكلي في تركيبة المنظومة لتتحول من منظومة تعاونية إلى أخرى مختلفة تعتمد على صيغة اتحادية فيما بينها، سيما في ظل التحديات والتهديدات التي تواجه دول المنطقة. مشروع الاتحاد الخليجي مازال قيد الدراسة، وينبغي الإسراع ودعم كافة الدراسات التفصيلية المتعلقة به ليتحقق على أرض الواقع سريعاً، وتنتهي التفاهمات النهائية المطلوبة. وقد تكون هذه القمة من القمم الأخيرة لمنظومة المجلس في مرحلة التعاون قبل أن تتطور لتكون منظومة اتحادية، وبالتالي فهي فرصة ثمينة لدول المجلس لإنهاء الاستعدادات المتبقية للولوج إلى مرحلة الاتحاد ومن أهمها استكمال متطلبات المواطنة الخليجية. الاهتمام بالمواطنة الخليجية لا يعني عدم الالتفات للتحديات الراهنة لدول المجلس، وهي تحديات غير تقليدية تختلف إلى حد كبير عن أية تحديات شهدتها المنطقة في تاريخها الحديث. قمة المنامة اليوم قمة ليست سهلة، ولكن حكام الخليج لديهم الرغبة والقدرة والإرادة على مواجهتها باعتبارها مسؤولية جماعية تتطلب قرارات شجاعة وعملاً جاداً ونفساً طويلاً نحو إنجاز يتقاطع مع الطموح.يوسف البنخليل