من أهم المقومات الأساسية لنجاح أي اتحاد أو أي كيان بالعالم هو الترابط الجغرافي فيما بين الدول، كذلك يعتبر شرطاً مهماً لنجاح التكامل الاقتصادي والمالي لدول الاتحاد، بالإضافة إلى تقارب الهياكل الاقتصادية ونسب النمو لدول التعاون، وكل ذلك يعتبر من المقومات التي تساعد على نجاح هذا الاتحاد لينافس بقية الاتحادات الأخرى بالعالم. ونتساءل كيف سيؤثر الاتحاد على الثقل السياسي والاقتصادي لدول مجلس التعاون على الصعيد الدولي؟ إن الاتحاد الفدرالي وكقوة اقتصادية عظمى سيؤدي به لأن يكون قوة سياسية عظمى ممايؤهله لأن يطالب في أن يكون من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وبالتالي يحظى بمقعد دائم في مجلس الأمن يمثل فيه الدول الخليجية.، وبحيث يشكل مجلس الأمن على النحو التالي: الاتحاد الأوروبي ( ويضم الدول الأوروبية)، الاتحاد الخليجي ( الدول الخليجية )، الاتحاد الأفريقي، اتحاد دول أمريكا اللاتينية، اتحاد دول الأسيان ، الشرق الأقصى، الولايات المتحدة الأمريكية. وفي حال تم الوصول إلى الاتحاد الخليجي فإن دول المجلس ستصبح كتلة اقتصادية ذات ثقل نسبي في العالم، وسوف تتعامل ككتلة واحدة حيال التفاوض على قضاياها مع شركائها الاقتصاديين والتجاريين، الأمر الذي يعني المزيد من القدرة على تنسيق السياسات تجنباً لإهدار الموارد مع الحصول على شروط سعرية وكمية افضل، خاصة في ظل امتلاك دول المجلس العديد من المقومات التي تؤهلها نحو الاتحاد النقدي ومن ثم الاستفادة من ثمار تلك الوحدة النقدية.إصلاحات اقتصادية لقد قامت دول مجلس التعاون الخليجي بإصلاحات اقتصادية وبتحسين مناخ الاستثمار، مما جعلها تتسم بمناخات استثمارية متميزة، وبيئة اقتصادية جذابة، شجعت وحفزت الاستثمارات ورؤوس الأموال الوطنية على البقاء والاستمرار، وتظهر الإحصائيات المختلفة أن الشركات المتداولة أوفر حصة في مجال الاستثمارات الخليجية، تتبعها الشركات العائلية، وتليها الشركات المملوكة من قبل حكومات الدول. ويعتبر انطلاق السوق المشتركة عام 2007 وتطبيق الاتحاد الجمركي في العام 2003 حدثين مفصليين لاقتصاديات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، ففي عام 2001 كانت تدفقات رأس المال الأجنبي تمثل حوالي 8% من اجمالي التكوين الرأسمالي في البحرين وحوالي 2% في عمان و 7% في قطر و 1,5% في السعودية و7% في الامارات وهي نسب متواضعة نوعاً ما ، أما في عام 2008 فقد قفزت هذه النسب لتصل إلى 36% في البحرين و46% في السعودية و25% في قطر و24% في الإمارات و18% في عمان، وقد جاءت السعودية على رأس قائمة الدول المضيفة للاستثمارات العربية البينية للعام 2009 ،حيث بلغت قيمتها 11,6 بليون دولار وبحصة 60،4% من إجمالي الاستثمارات العربية ، تليها الإمارات بحوالي 3،7% بليون دولار . كما قفزت قيمة التبادل التجاري من 6 مليار دولار عام 1984 الى 85 مليار دولار في نهاية عام 2011، ومنحت أكثر من 34000 رخصة لمواطني دول المجلس لممارسة الأنشطة الاقتصادية مقارنة مع 6514 رخصة لعام 2000، ومنذ الاعلان عن الاتحاد الجمركي تنامي حجم الاستثمار الأجنبي لدول المجلس في كافة القطاعات وجعل المنطقة الخليجية أكثر جذباً للاستثمارات ويتضح ذلك من خلال مشاريع الاستثمار المشترك بين الشركات الخليجية والأجنبية في قطاعات رائدة مثل اتفاق شركة أرامكو السعودية مع شركة Daw chemical بإنشاء أكبر مجمع بتروكيماويات في العالم بقيمة تتراوح مابين ( 18-20 بليون دولار ) بالإضافة إلى اتفاقات الشراكة فيما بين شركة الكويت للبتروكيماويات ونظيرها بالصين Sinopec ، لتنفيذ مشروع مشترك لتكريرالبتروكيماويات بقيمة 8,7 بليون دولار ، أما في الإمارات العربية المتحدة فتم الاتفاق مابين Mulk للطاقة المتجددة وشركة Aditya الهندية المتخصصة في مجال الطاقة الشمسية، لتنفيذ أول مشروع للطاقة الحرارية بدولة الإمارات بنحو 2 بليون درهم إماراتي ، وفي قطاع المواصلات، هنالك مشاريع شراكة خليجية –أجنبية عملاقة مثل مشروع مترو أبوظبي بتكلفة 7 بليون دولار «، ومشروع Union rail بتكلفة قدرها 60 بليون دولار لإنشاء شبكة مواصلات حديدية خليجية مترابطة، هذا بالإضافة إلى المشاريع المشتركة ما بين شركة الخليج للصلب ونظيرتها اليابانية Yamato، كما قفزت حجم الاستثمار في الصناعات التحويلية من 33 مليار دولار في العام 1990 إلى 150 مليار دولار في العام 2011على مستويات أخرى أما على المستوي السياسي فإن الاتحاد الخليجي مطلب سياسي مهم لمواجهة أي أخطار خارجية حيث يمثل الاتحاد حصناً منيعاً رادعاً لأية مخاطر خارجية تهدد دول المجلس. فبالإضافة إلى مبادرة الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة اليمينة، كانت هناك المساعدات الانسانية التي قدمتها دول التعاون للشعوب المنكوبة والمتضررة، وأقرب مثال على ذلك العمل الخيري الذي قامت به مملكة البحرين وبتوجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى لمساعدة كل من اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري والأشقاء الفلسطينيين بغزة. وعلى صعيد حقوق الإنسان فإن إنشاء وتأسيس أول وزارة لحقوق الإنسان وصياغة قانون حقوق الطفل من قبل جلالة الملك هو حدث تاريخي هام ويمثل نقلة نوعية في تطور دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي.