في بلدة دير الزور شرق سوريا يقوم قائد لقوات المعارضة بمبادلة ما لديه من دولارات كثيرة بليرات سورية ليدفع رواتب مقاتليه الذين يحاربون قوات الرئيس بشار الأسد. وقال مبدلو العملات إن تدفقاً للعملة الصعبة في وقت سابق هذا الشهر ساعد في رفع سعر الليرة في السوق السوداء في البلدة الفقيرة 10%. وعلى بعد مئات الكيلومترات في دمشق باع السوريون الفزعون الذين يستعدون لمزيد من العنف الليرة مقابل الدولار وهو ما دفع الليرة التي فقدت نصف قيمتها منذ بدء الانتفاضة في مارس العام الماضي في الاتجاه المعاكس. وتوضح الأحداث في الطرفين المتقابلين من البلاد الضغوط المتباينة على العملة التي حدت من تأثير هبوطها الحاد عوامل من بينها تدخل البنك المركزي والتدفقات النقدية من أصدقاء الأسد وخصومه في الخارج بل والأمل في أن ترد إلى البلاد موجة من الاستثمارات الخارجية إذا سقط الأسد. وبالمقارنة تعرض ريال «تومان» إيران وهي أقوى حليف إقليمي للأسد لانخفاض أكثر حدة مما تعرضت له الليرة السورية حيث فقد نحو ثلثي قيمته منذ يونيو 2011 بسبب العقوبات الغربية المفروضة على طهران فيما يتصل ببرنامجها النووي. وقال عبدالله أبوسلوم وهو تاجر عملة في دمشق وله مكتب أيضاً في دير الزور إن أموال مقاتلي المعارضة من بين كثير من العوامل غير الاعتيادية التي تؤثر على سوق الصرف في سوريا. وقال إن كمية ضخمة من الدولارات طرحت للبيع بسعر مغر مضيفاً بأسى أنه لم يتمكن من انتهاز الفرصة لأن العنف الذي أودى بحياة أكثر من 44 ألف شخص حال دون نقل المبالغ المطلوبة بالليرة من دمشق إلى دير الزور. وتابع «عندما تزيد المشاكل يقرر الناس شراء الدولار وعدم بيعه لكن هذا ما يفرزه الصراع السوري - كل أنواع التشوهات والتناقضات». ويبلغ سعر الدولار حالياً 94 ليرة في السوق السوداء مقارنة مع 48 ليرة قبل الانتفاضة وهو انخفاض حاد لكنه أقل حدة مما يمكن توقعه في ظل فقدان جانب كبير من إيرادات الدولة والأضرار الطويلة الأجل الناتجة عن الصراع. ويقول مصرفيون إن الليرة هبطت إلى مستوى قياسي بلغ 105 ليرات مقابل الدولار في وقت سابق هذا العام قبل أن تنتعش قليلاً إلى حد سمح للبنك المركزي باسترداد جانب من الخسائر التي تكبدها جراء تدخله الكثيف من خلال شراء الدولار بعد تراجعه الطفيف. وقال مصرفي في وحدة تابعة لبنك إقليمي في دمشق إن التدفقات النقدية على قائد المعارضة في دير الزور ورفاقه من بين أسباب قدرة الليرة على الصمود. وأضاف «كل الأموال المرسلة إلى المعارضة تأتي بالعملة الصعبة وهذا يمد السوق بالدولارات ويحفظ الليرة من النزول الشديد». كما ساعد داعمو الأسد الأجانب الليرة كذلك. وقال سمير سيفان وهو اقتصادي سوري بارز يعيش في الخارج «التفسير المنطقي الوحيد لقدرة النظام على الدفاع عن الليرة هو المساعدات التي يحصل على أغلبها من إيران» مضيفاً أن روسيا والعراق يقدمان الدعم أيضاً.«رويترز»