كتبت ـ شيخة العسم: بعد أن غزت المسلسلات والأفلام الأجنبية المدبلجة شاشاتنا الصغيرة، وبات لها جمهورها العريض في أنحاء وطننا العربي الكبير، يُطرح تساؤل مهم.. هل تصمد قيم المجتمعات العربية بمواجهة هذه المسلسلات؟. بدأت الموضة بدبلجة السوريين للمسلسلات التركية إلى العربية الفصحى، قبل أن يتهافت الخليجيون لدبلجة المكسيكية والهندية والصينية إلى اللهجات العامية الدارجة بالمنطقة، ولكن لماذا وما الهدف؟.البعض استحسن البادرة وعدها محاولة لتقريب الثقافات وتعريف العالم العربي بالآخر، فيما ذهب آخرون إلى أن ما تقدمه هذه المسلسلات لا يتعدى كونه ثقافة هجينة بعيدة عن واقعنا العربي والإسلامي وتقاليده وقيمه ومرتكزاته.مشكلات اجتماعية تقول منى إسماعيل «للمسلسلات المدبلجة أثر سلبي على واقع الأسرة من عدة نواحٍ، ففي كثير من الأحيان تخلق هذه المسلسلات خلافات زوجية في الأسرة، خاصة إذا كان الزوج أو الزوجة مهتماً وحريصاً على متابعة المسلسل أو الفلم، والطرف الثاني لا يرغب في المتابعة». وتضيف «في هذه الحالة يستمر الطرف الأول في مشاهدة المسلسل دون اهتمام، وأحياناً يرى الزوج أن بطلة المسلسل مثالية في التعامل مع زوجها وحسنة المظهر وتبدأ المقارنة ولا تكون في صالح الزوجة في غالب الأحيان، وهنّ يفعلن الشيء ذاته». مسلسلات مملة وتذهب نادية عبدالواحد مذهباً آخر «تابعت المسلسلات المكسيكية وأحببتها منذ المرحلة الإعدادية، مثل ماري مار وأنطونيلا وقوادالابي، كنا نستمتع بمشاهدتها كثيراً».ولكنها تستدرك «انقطعت عن مشاهــــدة المسلســـلات المدبلجـــة بعدها، ومن ثم ظهرت التركية وتابعت مسلسل لميس ويحيى فقــــط، والآن أتجنب رؤيتها لأنها مملة وتـــدور قصصـــــها جميعاً حول الحب وهي طويلة جداً وتتجاورز 150 حلقة أحياناً، وهي لا تعكس ثقافتنا العربية وواقعنا الإسلامي بقدر المسلسلات العربية والخليجية». التأثير على جودة العمل عــلـــي حسن لا يحب المسلســـلات المدبلجة والعربية على السواء، ويصف المدبلجة بـ»السخيفة» مع اعتذاره الخاص من القائمين عليها ويقول «نجد الترجمة في وادٍ والحدث بوادٍ آخر، وهذا يؤثر على العمل الأصلي بطبيعة الحال، حيث تضيف الدبلجة أموراً لا تخدم النسخة الأصلية وتنال من جودتها، وأخص هنا الدبلجة المصرية والكويتية».ويضيف «تسمية الأبطال بأسماء عربية لم أجد لها مبرراً، وكنت مررت بمسلسل ياباني مترجم للهجة السعودية بإحدى القنوات المعروفة وسمي البطل باسم سند أليس الأمر مضحكاً».التناقض في الدبلجة ويرى عبدالرحمن طلال «شخصياً لا أحب الدبلجة لأنها غير واقعية خاصةالدبلجة للعامية، تعابير الممثل تتناقض غالباً مع الكلام المدبلج، أحب أن يكون هناك دبلجة إما بالعربية الفصحى أو الكتابية».ويقول «أتابع مسلسلاً أرجنتينياً دُبلج بالهجة المصرية، إلا أنني أعيد مشاهدة المسلسل بنسخته الأصلية المترجمة كتابياً». وترى نجية محمد «أبنائي يحبون الدبلجة لأنهم لا يستطيعون القراءة بسرعة ويريدون التركيز على المشهد، إلا أن هذا لا يساعدهم في تعلم القراءة وهذا برأيي أمر أيجابي، فالأولاد أصبحوا قليلي القراءة وكنا نعتمد على الأفلام للتمرن على القراءة، ولكن حتى الأفلام الأن أصبحت مدبلجة».وتضيف «أنا شخصياً أحب أن أقرأ الترجمة الكتابية، وسماع التأثيرات الحقيقية للحدث وأسلوب الممثل الحقيقي وانفعالاته في المشهد بدل دبلجته بطريقة غير جيدة وغير صحيحة في بعض الأحيان». مبررات الدبلجة والعرضيقول أستاذ الإعلام بجامعة البحرين كمال الغربي إن هناك محورين يتعلقان بالأعمال المدبلجة، الأول عن قضية عرض مسلسلات أجنبية على القنوات العربية والثاني بالدبلجة إلى اللغة العربية أو العامية.ويتابع «بالنسبة للمحور الأول فهذا إجراء معمول به في كثير من الدول، باعتبار ليس لديها القدرة على إنتاج برامج خاصة بها لتغطية بث متواصل 24 ساعة، وهذه المشكلة بدأت في التسعينات عند ظهور قنوات متخصصة، ففي السابق وبالتحديد في الفترة ما بين الستينات والثمانينات كانت هناك قنوات حكومية وعامة تشمل البرامج والمسلسلات والأخبار وغيرها، وعادة لا يزيد بثها عن 18 ساعة في اليوم، أما الآن تستعين القنوات لتغطية بثها على شكلين، إما شراء البرامج والمسسلات من القنوات الأجنبية وخاصة الأمريكية اللاتينية والشمالية، أو على شكل تعاون واتفاق بين القنوات أو الدول عن طريق تبادل البرامج والمسلسلات باتفاق الطرفين ومن ثم تظم القناة ضمن البرمجة لبرامجها الخاصة». ويضيف الغربي «بالنسبة لميول المشاهد العربي إلى مثل هذه المسلسلات فهو بسبب رغبة المشاهد العربي بتغيير الروتين ويتخذه نوعاً من المتنفس بمشاهدة مالايراه في المسلسلات والأفلام العربية، كما أن سحر المسلسلات التركية بمضمونها الرومانسي جذب الكبار والشباب والصغار إليها». ويردف «المسلسلات تؤثر على المجتمع العربي حيث أنها في الأصل لا تصنع لنا، وهي لا تحل مشاكلنا أو تحكي واقعنا، ربما تكون المشكلة عامة وكونية مثل الخيانة إلا أنها تعطي حلولاً غير مناسبة لمجتمعنا». ومن ناحية أخرى وبالنسبة لتأثير الدبلجة على العمل نفسه يقول الغربي «بالطبع هناك عدة تأثيرات للدبلجة العامة على جودة العمل، منها أن الدبلجة لاتعطي التأثير الحقيقي للمشهد إلا عند مشاهدته بالطريقة والترجمة الأصلية، أيضاً عندما نجد شخصاً قوياً ببنية قوية يأتي الصوت البديل ضعيفاً ومهزوزاً، فإننا لا نندمج مع الشخصية ولا نشعر بمصداقيتها».ويلفت «أيضاً هناك مصطلحات أجنبية لا يمكن ويستحيل في بعض الأحيان ترجمتها فيسقط المصطلح ويؤثر على جودة العمل، ناهيك عن أسماء الشخصيات المختارة العربية لأجساد أجنبية لا تتناسب بتاتاً مع الوجه كسعودي لشخصية هندية مثلاً، وفي النهاية لن يتأثر المشاهد كثيراً بهذه الدبلجة، وأنا أويد أن تكون هناك ترجمة كتابية «sap taital'»، أنا لست ضد الدبلجة ولكن لا بد أن ينتقى المسلسل الذي يحوي على مضامين مفيدة وغير استهلاكية للمرأة والشباب، وأن تتم الدبلجة بشكل جيد ومن خلال محترفين كما يفعل الغرب عند دبلجة فلم 3D مثل فلم «شريك « فنجد تنافساً من قبل نجوم كبار على تأدية دور في الفلم ويقومون بالدبلجة بطريقة حرفية جداً».
مطلوب فوراً.. زوجة بمواصفات لميس وزوج يشبـــه مهنـــد
27 ديسمبر 2012