^ هل تعتقدون أن دولة بحجم البحرين وبمقدراتها وبإمكاناتها تستطيع أن تتكيَّف مع الأزمة السياسية لفترات طويلة قد تمتد لأعوام قادمة؟ هل يستطيع المجتمع البحريني الصغير أن يجنِّب نفسه كل تداعيات وإفرازات الوضع السياسي؟ أم سيجد نفسه (شاء أم أبى) إلا أن يكون من برامج وخطط المشروع السياسي المتأزم؟. نحن مهما تحدثنا عن البحرين وعن حبها لن نستطيع أن نوفي معشار ما يعتمِل في صدورنا من عشق لها، فهي الأرض التي مُذ وعينا على الحياة، عرفنا بأنها أمنا الرؤوم وحاضنتنا الأولى، وليس لنا من وطن سواها، فإذا ضاعت البحرين –لا قدر الله- فإننا سنضيع معها، لأن لا ملفى لنا في هذه الدنيا، إلا أرضها وبحرها وسماها. إذا كان لغيرنا وطن يعيشون فيه، فإن لنا وطناً يعيش فينا، وهناك فرق بين هذا وذاك، تماماً كما يقول الفلاسفة، بأن هنالك بون شاسع بين من يصنعهم التاريخ وبين من يصنعونه. عاشتْ البحرين في أعماقنا وجوارحنا وسكناتنا وأناتنا، كما عاشت بقوة في خلجات مشاعرنا وربيع قلوبنا، ولهذا فإن حب الوطن في وعي وثقافة الإنسان البحريني مختلف ربما عن بقية الكثير من البشر، لأننا شعب لم يَعْتدْ على التِّرحال، ولم ولن يملك وطناً آخر يرحل إليه عند الخطوب، ولهذا فإن كل ضربة مؤلمة لخاصرة البحرين، هي ضربة حقيقية لعمق جوانحنا وجوارحنا. ربما هذا الكلام، يدفعنا للتمني والرجاء من كل المخلصين الشرفاء من أبناء هذا الوطن، ألا يدخلوا في معارك تُفْقِدُهُم الوطن الوحيد، وأن يتجنَّوا ويُجنِّبوا أنفسهم (كمجتمع راقٍ) من الدخول في فوضى السياسة، والانجرار خلف أصوات المجهول، لأن البحرين لا تستوعب أو تحتمل أكثر مما جرى عليها من المحن، كما لا طاقة للبحرينيين في الاستمرار نحو الضعف والضياع. كل الشعارات تبدو جميلة في قوتها وربما أيضاً في مضامينها، لكن سنجدها بعد فوات الأوان، لن تحيي شعباً بعد مماته، ولن تعيد أرواحاً بعد التحاقها ببارئها، ولن تستطيع أن تصلح ما أفسدته السياسة، بل حينها سيندم كل بحريني على كل فرصة جاءته ولم يستثمرها في الخير والحفاظ على الوطن الوحيد، وسيعلم أن العناد والإصرار على المواقف المتصلبة لم تنفعه في استرداد الضائع من الخير. سجيتنا الحب وشيمتنا العطف والمودة، إذ نحن شعب طيب العريكة ودمث الخلق، وهذا في الحقيقة شهادة كل من زار البحرين والتقى بأهلها، كما إن سجايانا هي التي ميَّزت مجتمعنا عن بقية المجتمعات الأخرى، لكن للسياسة أيضاً سحرها الخبيث في تفتيت عضد المجتمع الذي لم تفرقه كل حوادث الدهور وقسوة الحوادث. في غفلة قاتلة من سهو، استجاب بعضهم للعصبيات السياسية والطائفية فكادت أن تحل فوق رؤوسنا كارثة مفجعة، لكننا على يقين أن البحرينية الأصيلة سوف تنتصر في النهاية على كل موتور، وعلى كل شعار جميل يُحيل حياتنا إلى جحيم. أيضاً، نحن على يقين بأن كل الذين انساقوا خلف انفعالاتهم العرقية والمذهبية والطائفية سيعودون إلى رشدهم، بمجرد أن تتحرك بحرينيتهم النقية باتجاه الخوف الأكبر على وطنهم البحرين... فهذا رهاننا على شعب تحترمه كل الدنيا، وسينجح رهاننا لا محالة، والأيام بيننا قادمة
ليس لنا إلا هذا الوطن.. «الرهان الناجح»
15 أبريل 2012