^ الشيزوفرينيا أو ما يعرف بـ«الفصام»، من أكثر الأمراض النفسية شيوعاً وبحسب الإحصاءات الدولية تبلغ نسبة المصابين به نحو 1% من البشر. ووفقاً لوصفه الطبي، هو مرض يصيب العقل بسبب اختلال كيميائي في وظائف المخ وله العديد من التأثيرات على وظائف عقل المصاب، منها على سبيل المثال: - فقدان القدرة على التفكير بشكل صحيح. - صعوبة في الحكم على الأمور بشكل منطقي. - الاعتقاد بظهور أشياء غريبة كالأشباح وظواهر لا يراها إلا المصاب، أو دفعه للإيمان بوجود أمور وهمية. - يقل إدراك المريض بالواقع ويبدأ برؤية أو سماع أشياء وأصوات غير موجودة في عالم الواقع. - يتخيل أن من يحدثه يقوم بالهجوم عليه أو يعنفه. بيد أن أخطر حالات الإصابة بالشيزوفرينيا تتمثل بالوصول لحالة “الهلوسة الذهنية” التي تدفع المصاب للاقتناع بأمور لا وجود لها على الإطلاق، أو إحساسه بأن العالم كله ضده، وأنه يعاني من اضطهاد مقصود وممنهج. هنا الهلوسة تنقسم لجزئين، أولهما الهلوسة السمعية بتوهم سماع أشياء غير موجودة، وثانيهما الهلوسة البصرية بتوهم رؤية أشياء لا وجود لها. إن كانت النسبة العالمية تصل لنحو 1% بشأن الإصابة بهذا المرض، فإن مراجعة النسبة والتأكد من صحتها بعد ما حصل في البحرين باتت مسألة ضرورية وملحة. أزمة البحرين أثبتت بأن لدينا حالات عديدة للإصابة بـ«الشيزوفرينيا” هي ما أوصلت البلد إلى ما كانت عليه، وهي التي فرضت على عدد من القوى والشخصيات التمثل بمواقف واتخاذ خطوات كلها تخبطات فرضت نتائج وخيمة عليها تدخل في مسمى “الخسارة السياسية”. أحد أعراض الشيزوفرينيا هو التأثير على قدرة التفكير بشكل سليم، وهنا لدينا فيما قامت به جمعية الوفاق أبلغ مثال، حيث قدمت الجمعية التي تمثل حزب الله في البحرين شرحاً عملياً للمعاناة مع حالة الانفصام عبر التقلب الدائم في المواقف منذ البداية حتى الآن. لنسترجع ما فعلوه لإثبات معاناتهم من هذه الحالة: 1- قاموا بتقديم استقالاتهم من مجلس النواب والقفز للدوار بهدف الاستحواذ على زمام الأمور والسيطرة على شوارع تياري حق والوفاء غير المرخصين. 2- رفضوا الحوار الأول الذي أعلنه ولي العهد، ووضعوا أربعة شروط ثم حولوها لاثني عشر شرطاً، في هدف إفشال الحوار ليس إلا. 3- اعترفوا بتبعيتهم لإيران حينما دخلت قوات درع الجزيرة لحماية البحرين وتأمين سلامتها. 4- رفضوا الحوار الأول، لكنهم حاولوا الذهاب للكويت لطلب وساطة في إعادة إحياء الحوار. 5- دخلوا الحوار الثاني الذي دعا له جلالة الملك، لكنهم افتعلوا الأفاعيل بهدف إفشاله، ولم يتحملوا فكرة أنهم جزء صغير من مكونات هذا المجتمع، فانسحبوا منه. 6- رغم مضي الدولة لإعادة الحياة لما كانت عليه وإعادة المفصولين لأعمالهم، والتسامح مع كثيرين ممن أخطؤوا بحق البلد، إلا أن الوفاق كانت تحشد الناس في الفعاليات والمسيرات لتحشدهم وتقول لهم “نحن صامدون، نحن باقون”. 7- شعارات الصمود كانت مستمرة وتلقى على أسماع مريديهم، وقالوا لهم “نحن ضحينا من أجلكم”، لكن في جانب آخر مبعوثيهم لبلاط النظام كانوا يتحركون بشكل يومي وبطريقة خفية لاسترجاع فرصة الحوار. 8- خرجوا بتصريحات لوسائل إعلامية دولية تفيد بوجود اتصالات لعقد حوار، في جانب مقابل كان آخرون منهم يخرجون لينفوا وجود هذه الاتصالات وأنها أنباء كاذبة. 9- حينما أبدى النظام استعداده للدعوة للحوار، قاموا مجدداً بوضع الشروط المسبقة. 10- هنا حين أعلنت الدولة بأن لا حوار يستثني بقية المكونات، ولا حوار مع شروط مسبقة، خرجوا ليقولوا إن الدولة غير جادة. أعلاه سيناريو لحالة شيزوفرينيا صعبة جداً، بحيث لا ثبات على الموقف، ولا قدرة أصلاً على إثبات مصداقية الادعاء. ألم يقل توصيف المرض بأنه يقود للاعتقاد بظهور أشياء غريبة؟! هنا لدينا إثباتات تؤكد إصابة بعضهم بهذه الأعراض، ألم يقل أحدهم بأن طائرات الأباتشي تقصف موقع دوار مجلس التعاون؟! وقالها في وسائل إعلامية غربية، في وقت عجزت فيه لجنة تقصي الحقائق الدولية برئاسة البروفيسور شريف بسيوني في البحث عن هذه الأباتشي المزعومة. ومازال البحث جارياً. أيضاً الادعاء بأن القوات السعودية منتشرة في كل أرجاء البلد، تقمع وتقتل الناس، في حين اللجنة الدولية تقول إن درع الجزيرة لم يتداخل مع الناس إطلاقاً ولم يكن له وجود إلا في مناطق بعيدة لحماية المنشآت الحيوية. ضيفوا على ذلك الغاز المسيل للدموع، والذي يبدو بحسب ما يقوله الذين يعانون من الشيزوفرينيا هو السبب في مقتل عشرات الناس بل وافتعال الحرائق! الظاهر البحرين تستخدم غازات مستجلبة من خارج المجرة ليست مرخصة دولياً حالها كحال ما يستخدم في الدول الأخرى. من أعراض الشيزوفرينيا كما تم بيانه أعلاه، بأن ردة الفعل تكون غير طبيعية، مثل أن تهتف بإسقاط النظام ثم تقول قلت إصلاح النظام. مثل أن تقول ارحلوا، لكنك تذهب بعدها لعزاء الأسرة الحاكمة وتقبل رأس رموز الحكم. مثل أن تهتف وتقول “حسينيون” مبيناً أن الآخرين “يزيديون”، ثم تخرج لتهتف إخوان سنة وشيعة. مثلما تقول نقدم الورود فإذا بالورود تنقلب إلى سكاكين. مثل أن تقول إن الجميع مواطنون ثم تستهزئ في خطاب طائفي عنصري بطوائف أخرى وكأنهم في منزلة الحيوانات. أما أكثر المظاهر العجيبة التي قدمتها هذه الشيزوفرينيا الانقلابية، هي عندما قال أحدهم لمن يخالفونه التوجه ومن هم ليسوا على مذهبه بأن: “نحن الباقون وأنتم الخارجون”، والآن يقول جميعنا إخوة، ويبكي على اللحمة الوطنية ويدعو للتعايش ونبذ الطائفية! عموما، الشيزوفرينيا مرض يصاب به الإنسان، وعليه فإن كل ما سبق أعلاه لا يفترض أن يدخل في إطار هذا المرض، إذ الشيزوفرينيا البحرينية التي يعاني منها هؤلاء ما هي إلا عملية تبديل جلود، لبس أقنعة، تبادل أدوار وتقية سياسية. فالهدف يبقى واحداً مهما تغيرت الأساليب ومهما تنوعت المناورات.
شيــزوفــــرينيـــا
15 أبريل 2012