كتب - جعفر الديري:«أي قطعة بـ200 فلس»، لاقت هذه العبارة هوىً لدى محدودي الدخل وذوي الجيوب المثقوبة، فكل شيء متوفر من الألبسة البسيطة إلى اللوازم المدرسية والمكتبية والأواني المنزلية وألعاب الأطفال، مع تنويعات بالأشكال والألوان وبأبخس الأثمان.آخرون ذهبوا إلى أن رخص الأسعار وبهرجة الألوان بأسواق 200 فلس لا يعفي بضائعها من تردي الجودة، فأدوات التلوين لا تلوّن والطناجر عيارها طبخة واحدة.. وهكذا.بدايات دخولها البحرين مع افتتاح جسر الملك فهد عام 1986 اكتشف أهل البحرين أسواقاً لم يعتادوها، يتوفر فيها كل شيء، لكنها تختلف عن البقية بأسعار بمتناول الجميع، أغلب بضائعها آسيوية اتخذت حكوماتها التصنيع خياراً لعدم إمكانية استيراد بضائع غالية الثمن تستنفد جيوب مواطنيها الفقراء.أُطلق على هذه الأسواق مجازاً اسم أسواق 200 فلس، ولايزال صغار التجار يستهويهم افتتاح مزيد منها، في ظل الإقبال المتزايد من العامة على اقتناء ما تعرضه من منتوجات.وترى فاطمة سلمان أن أسواق 200 فلس تتمتع بمواصفات لا تجدها بالأسواق الأخرى وتقول «رغم زيادة انتشارها في الآونة الأخيرة، وارتفاع أسعار بضائعها نسبياً، لكنك تجد فيها مختلف البضائع بأسعار معقولة لا تشكل عبئاً مادياً كبيراً على محدودي الدخل».فاطمة تعلقت بأسواق 200 فلس منذ أن دخلت البحرين قبل سنوات، ووجدت فيها ما لم تجده بالأسواق الأخرى، وتضيف «عرفت هذه الأسواق خلال زياراتي المتكررة إلى السعودية قبل افتتاح جسر الملك فهد، وعندما افتتحت أسواق مماثلة في البحرين سعدت كثيراً، وأنا حريصة على زيارتها باستمرار».بين اليوم والأمس جلال السيد موظف يؤمن بما تشكله أسواق 200 فلس من مزايا فريدة لا توفرها الأسواق الأخرى، وأكثر ما يلفت انتباهه من بضائعها القرطاسية واللوازم المدرسية بأنواعها. ويتذكر السيد أيام دراسته الأولى «كنا نذهب غالباً إلى مكتبات بعينها أو لأسواق معروفة تتوفر فيها القرطاسية، ولم نكن نجد بضائع متنوعة تناظر الموجودة حالياً، نشتريها دون رغبة ونغادر».ويضيف «حين نذهب إلى المدرسة نجد جميع زملائنا اشتروا البضائع ذاتها، فالدفاتر والأقلام والأدوات الهندسية متطابقة الألوان والصور، وتحمل العلامات التجارية ذاتها، ولا يختلف في ذلك إلا التلاميذ الأغنياء، ممن يتباهون أمامنا بما يقتنونه من قرطاسية رائعة الأشكال والألوان، يثيرون حسدنا وحسرتنا».ويواصل «مع افتتاح أسواق 200 فلس تغير الحال، واكتشف أطفالنا إمكانية شراء قرطاسية جميلة ترضي جميع الأذواق وبأرخص الأثمان». نهاية لجشع التاجر ويجد رب الأسرة محمد إسماعيل أسواق 200 فلس دليل وعي وحسن فهم، فالتجار حسب رأيه كانوا يستغلون الناس، بشراء بضائع رخيصة الثمن، ويبيعونها بأثمان مرتفعة مضاعفة للأرباح. ويقول «بضائع عادية كنا نشتريها بأغلى الأثمان، ولا خيار لدينا، لكن مع دخول أسواق 200 فلس البحرين، تنبهنا لوجود بضائع ممتازة بأسعار معقولة، نشتريها اليوم لأبنائنا ولا تكلفنا الكثير». رخص بالأثمـان وتردٍّ بالجودة بالمقابل لا يجد الشاب سعيد جعفر الرغبة بزيارة هذه الأسواق، إلا لشراء أشياء بسيطة مثل مكملات جهاز الآيفون، ولا يشجع على زيارتها لأن «بضائعها من المتردية إلى النطيحة ولا يمكن الوثوق بها» على حد تعبيره. ويتذكر جعفر زيارته مع والدته لإحدى هذه الأسواق «أعجبت «بالمواعين» جداً، واشترت مجموعة منها، وفي اليوم نفسه عملت لنا معكرونة وضعتها بأحد الصحون من ذوات الـ200 فلس، وقبل أن نمد أيدينا للطعام وجدنا الصحن ينشق لنصفين»، ويضيف «هذه مشكلة البضائع رخيصة الثمن».
الجيوب المثقوبة تجد ضالتها بأسواق 200 فلس
08 يناير 2013