قبل مائة عام، ألف الأمريكي ذو الأصول الأفريقية وليام كريستوفر هاندي، مقطوعة موسيقية اكتسحت الولايات المتحدة مثل العاصفة وملأت أثير البث الإذاعي والتلفزيوني، وصاحبت الكثير من لقطات الأفلام والمسلسلات الأمريكية.كانت المقطوعة بداية انتشار موسيقى البلوز كثقافة موسيقية في العالم، في عام 1903 كان هاندي يقود فرقة ''فرسان بيثياس الملونين'' الموسيقية في كلاركسديل بريف المسيسبي.وفي سيرته الذاتية المنشورة عام 1941 تحت عنوان ''ذا فاذر أوف ذا بلوز'' كتب هاندي ''بدأ زنجي رشيق الحركة العزف مستخدماً سكيناً في اللعب على أوتار الجيتار، بنفس طريقة عازفي الجيتار في هاواي، ولكنهم يستعملون قضباناً حديدية.. أعاد المغني ذات المقطوعة ثلاث مرات.. كان اللحن غريباً وجديداً''.وأصبحت موسيقى البلوز ''وسيطاً مشتركاً شائعاً يساعد أي شخص في التعبير عن مشاعره الشخصية، كنوع من مناجاة النفس عبر الموسيقى'' حسبما يقول في كتابه.كان هاندي ينتمي لعالم مختلف للغاية، حيث كان موسيقياً ماهراً متعلماً من ولاية ألاباما، ولكنه رأى إمكانات في هذا النوع من الموسيقى.وحينما انتقل للعيش في ممفيس بولاية تينيسي 1909، اقتبس بعض الموسيقى التي سمعها في المسيسبي وراح يدخل بعض التعديلات عليها لتعزفها فرقته. قاد هاندي فرقة ''فرسان بيثياس الملونين'' الموسيقية عام 1903 بريف المسيسبي، ويصف هاندي تأثير هذه الأنغام الجديدة في مسامع الجماهير بقوله ''جنيت الكثير من الأرباح جراء هذه الموسيقى، كان الناس مولعون بها لحد كبير''، وفي عام 1912، بينما ما زالت صناعة التسجيلات في مهدها، أصدر هاندي مقطوعته ''ممفيس بلوز'' على ورقة موسيقية، ولاقت رواجاً كبيراً.موسيقى البوب في بريطانياعصر جديد يحيي أسطورتي الخنافس و»سبايس غيرلز».. هل هو عصر جديد للبوب البريطاني؟ كانت سبعة من بين أكثر عشر ألبومات مبيعاً في بريطانيا العام الماضي من أعمال أشخاص بريطانيين. وفي المحصلة فإن البريطانيين شكلوا 62% من أعلى 100 ألبوم، وهو أفضل رقم مسجل منذ 1997، عندما كانت فرقتا سبايس جيرلز وأواسيس في ذروتهما، وكان توني بلير يدخل إلى «داوننغ ستريت» وهو يدندن لحن «لا يمكن للأمور إلا أن تتحسن».رغم وجود زوج من بقايا أواسط التسعينات في قائمة 2006، مثل فرقة تايك ذات الشبابية في المرتبة الثانية بألبوم أعلن عودتهما، وفرقة أواسيس في المرتبة السادسة، إلا أن هناك فروقات كبيرة بين الماضي والحاضر.البوب البريطاني في التسعينات كان بريطانياً واعياً لذاته، حيث أعد نفسه كتكرار للندن المتمايلة، مع وجود فرقتي بلر، وأواسيس لتكملا مشوار البيتلز ونيو لابور ومنافسة الرولنغ ستونز، ومواصلة تعهد هارولد ويلسون نحو التجديد.وحولت جيري «جنجر سبايس» هاليويل علم الاتحاد الذي كانت الفرقة ترتديه سابقاً إلى فستان قصير، وصُورت ليام جالاجير وهي ممدة تحت علم على غلاف مجلة فانتي فير.وحينما خرب جارفيس كوكير أداء مايكل جاكسون في حفل توزيع جوائز «BritAwards « الموسيقي 1996، بدا ذلك وكأن بريطانيا المقدامة وموسيقى البوب المنبعثة فيها لا يظهران الاحترام للولايات المتحدة الجبارة.لا يوجد هناك أي شعور بالانتصار حالياً، فالفرق مثل آريكتيك مونكيز، والكوكس وريزولايت موجودة بشكل واضح في تقاليد البوب البريطاني، لكنها لا تلف نفسها بالعلم.في التسعينات، فشلت فرق البوب البريطانية في ترك انطباع كبير في الولايات المتحدة حيث كانت تركز على بريطانيا، أو أنها كانت بغيضة جداً حيث ألغى ليام جالاهار فيما مضى رحلة أمريكية على أساس أنه لا يرغب في الغناء أمام «أمريكيين سخفاء».في المقابل فإن المحصول الحالي للبريطانيين أثبت أنه قابل للتصدير بصورة أكبر، حيث تعتبر فرقة سنو باترول التي تصدر ألبومها آيز أوبن قائمة أفضل المبيعات في بريطانيا العام الماضي، وهي فرقة الروك الأولى في بريطانيا التي تحقق مرتبة في قائمة أفضل خمس أغانٍ في الولايات المتحدة خلال 13 عاماً.العام الماضي كان ألبوم جيمس بلنت، «باك تو ذا بيدلام»، واحد من الألبومات التي حققت أعلى المبيعات في الولايات المتحدة.تعتبر هذه المنتجات الحديثة بريطانية بوضوح ولكن ليس بموضة نزقة أو نعرة قومية، إنها بوب بريطانية لعصر معولم، وهو منتج يتلاعب بقوى موسيقية بريطانية معينة، مثل ألحان البيتلز، وموسيقى الروك على جيتار تثير الحنين، وكلمات الأغاني الذكية دون أن تكون محدودة للغاية، وربما بدل أن نسميها بوب بريطانية عليها أن تحذو حذو شركات مثل BT التي كانت تسمى سابقاً بريتيش تيليكوم يونيكاشين، وأن نختصر اسمها إلى شيء أقل حدة من كونه بريطانياً مثل بي بوب، أو لنقل بوب، ومن المؤسف أن اختصار BP مأخوذ أصلاً.* يعود هذا الشهر مغني البوب البريطاني الشهير دايمون آلبارن من فرقة بلر بمشروع ثانوي جديد «الجيد، السيء، والملكة» الذي خصص ألبوماً يحمل الاسم نفسه للندن، تماماً كما خصصت فرقة بلر البوم باركلايف في 1994.وفي حينها كان البوب البريطاني ينتقد في أوساط يمينية معينة لتشجيع وجهة نظر ضيقة جداً في بريطانيا، هي أبيض جداً، ويشبه دافيد بوي جداً - ومبني على البيتلز، ومحافظ جداً.ولكن هذا لن ينفع هذه المرة حيث إن ألبوم «ذا جود، ذا باد، أند ذا كوين» ينفخ الحياة في لندن متعددة ثقافات تقلد موسيقى الريغيه الجاميكية، وآلات النقر الإفريقية، موسيقى البوب البطيئة المعزوفة على الجيتار.ولكن الأمر الذي يجعله ألبوم لندن هو أنغام سوداوية تغطي موسيقى البارن، وهو نفس المزاج ذاته السائد في أغاني كثيرة نفخت لندن فيها الروح، مثل أغنية «ذا ديد إند وورلد» لبيتشوب بوب، وأغنية «ويست إند جيرلز»، وراي ديفيس وهو يغني «لا أحتاج إلى أصدقاء طالما أني أحدق في غروب وترلوو»، وليلي آلين وهي تراقب صورة ذهنية مدنية سعيدة تتفتت إلى عنف وجريمة في «إل دي أن».فهل هناك مدينة واحدة نفثت الروح في مثل هذا المزيج من الجمال والكآبة مثل لندن؟.