كتب ـ علي الشرقاوي: أغنية يا مصطفى من أكثر الأغاني التي شاعت وراجت في الستينات، وكما يقولون «ضربت» ودخلت كل بيت، إن لم أقل سكنت لفترة قلب كل من سمعها، وأثارت من الحوار والجدل الشعبي ما لم تثره أغنية أخرى.«يا مصطفى» أشهر أغنية «فرانكو آراب» طبعت ملايين النسخ منها وتوزيعها، وظلت شركة الإنتاج الفرنسية تطبع منها نسخاً لمدة شهرين متواصلين لسد طلبات لا تتوقف. شخصياً كنت أتصور أنها أحد الأغاني التركية الداخلة لعالمنا الغنائي، عبر الأغاني المشتركة، إلا أن الصديق الروائي أمين صالح، أرسل لي إيلافاً صحح معلوماتي التي بقت على حالها أكثر من نصف قرن من الزمن، وعرفت من الإيميل إن الأغنية من الفلكلور الإسكندراني، وأعاد تلحينها بشكل عصري الموسيقار المبدع محمد فوزي، غناها المصري بوب عزام «جورج وديع عزام»، مواليد الإسكندرية سنة 1925 وتوفي في موناكو سنة 2004.وغناها بعد ذلك المطرب اليوناني الذي كان يعيش في مصر آنذاك برونو موري، وظهرت الأغنية في فيلم «الحب كده» عام 1961، من بطولة صباح وصلاح ذو الفقار، وأيضاً عام 1962 في فيلم الفانوس السحري الذي أدى ببطولته إسماعيل ياسين. وهناك من قال إن الأغنية قديمة جداً، وكانت موجهة ضد الاستعمار الفرنسي الذي كان يحتل مصر سنة 1798، في ذلك الوقت منع الفرنسيون المصريون من استخدام اسم النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وكان البديل اسم مصطفى، وتم تعديل الأغنية بعد ذلك حيث وجهت لشخص عادي.ونذكر أن قوة تأثير الأغنية كان كبيراً، لدرجة أن منعها مجلس قيادة الثورة في مصر عام 1960 لفترة بسيطة، وربما أيضاً الإذاعات العربية.وقتها نجيب محفوظ كان مدير التصنيف والرقابة السينمائية في عهد وزير الثقافة ثروت عكاشة، قبل أن يتقدم باستقالته في نفس العام.وعن سبب منع الأغنية.. قالوا إن «أنا بحبك يا مصطفى» المقصود بها الزعيم مصطفى النحاس، «سبع سنين في العطارين» المقصود بها سبع سنوات مرت على إسقاط الملكية وقيام الجمهورية. وغناها بعده الفنان برونو موري شقيق الفنانة العالمية داليدا بتوزيع مختلف، وفي وقت لاحق من ظهور الأغنية في السينما، انطلقت نسخ لا حصر لها من الأغنية مترجمة إلى العديد من اللغات، بداية من الإنجليزية والإيطالية والتركية، ووصولاً إلى اللغة الأوردية.وظلت الأغنية ضمن أفضل 20 أغنية في انجلترا وفرنسا لمدة تزيد عن 14 أسبوعاً، كما وصلت للمركز الأول في فرنسا عدة مرات، ورقصت على أنغامها فاتنات إيطاليا.تقول كلمات الأغنية يا مصطفى يا مصطفىيا مصطفى يا مصطفىيا مصطفى يا مصطفى أنا بحبك يا مصطفىسبع سنين في العطارين بين الحبيب واللئيمينيا مصطفى يا مصطفى أنا بحبك يا مصطفى سبع سنين في العطارين بين الحبايب واللايمينيا مصطفى يا مصطفى أنا بحبك يا مصطفى سبع سنين في العطارين وأنت حبيبي يا مصطفىإن أي عمل فني يسكن في قلب الإنسان، أي إنسان، سواء كان كلمة، نغمة، صورة، شكل، هو عبارة عن ذبذبات، قد تذهب بعيداً لبعض الوقت، تدور في الكون، وإذا تم استدعاؤها، بأي شكل من الأشكال، تعود إلى مستقرها الدائم في قلب الكائن البشري، وأغنية مصطفى يا مصطفى أحد الأغاني التي لا يمكن لها أن تغادرنا، أو كما قلت تبقى ما بقت الطفولة تلعب في ساحات الذاكرة.
«يا مصطفى».. تسرح بمرابع الطفولة
13 يناير 2013