كتب ـ إسماعيل الحجي ويحيى العمري:بالريشة والألوان افتتحت وزارة الثقافة بالأمس المعرض الـ39 للفنون التشكيلية، شرعت نوافذ للحب والأمل، جمعت 60 مبدعاً وحشداً غفيراً من المهتمين بالفن تقدمهم رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، واختصرت الفعالية كلها بجملة واحدة «البحرين بلد السياحة الثقافية ومن لا يصدق فليزرها». ضمن تظاهرة المنامة عاصمة للسياحة العربية وفي فصل «السياحة الثقافية»، اختارت البحرين ألوان قوس قزح لفرح من نوع آخر، لأبواب مفتوحة لتيارات الإبداع ومدارسها، لمبدعين بحرينيين جسدوا آمالهم صوراً ومجسمات.. رسم المعرض حكاية التاريخ ألواناً.. دلمون وتايلوس ولؤلؤ المحرق وحواري المنامة وفرجانها كلها كانت حاضرة، في مشهد اعتادت المملكة احتضانه، تأكيداً لدورها الحضاري والثقافي والفني ليس في المنطقة فحسب بل على المستوى العالمي أيضاً.على أنغام الموسيقى وبقلوب مفتوحة على المحبة، دشنت منامة السياحة معرضها السنوي لهذا العام، تتنقل بين اللوحات من مدرسة فنية لأخرى، في إبداعات غلُب عليها الطابع التجريدي، هناك تجد الفسحة عريضة للتأمل، والآمال والأحلام مشرعة حد النهاية، قبل أن تمر بمدرسة الواقع، بتفاصيلها ومنحنياتها الجميلة، لتحكي قصة الإنسان، وتاريخ الحضارة، وتراث البحرين، ولتصب كل هذه الإبداعات في بوتقة واحدة اسمها «بحرين الحضارة والتاريخ والفن المتألق».في بهو المسرح الوطني الكبير نظمت «الثقافة» معرضها، كان اجتماعاً للبحرين ومسؤوليها وفنانيها ومبدعيها، كان لقاءً حميماً جمع كل محب للبحرين، لماضيها وحاضرها ومستقبلها، لشوارعها وأزقتها المحفورة في الذاكرة، لدروبها المتعرجة المتربة، كان المعرض رسالة للعالم أجمع «البحرين واحة خضراء نضرة وستبقى كذلك».بذراعين مفتوحين ضمت منامة السياحة أبناءها المبدعين، أفسحت المجال لأحلامهم لتتحقق واقعاً، والبحرين ـ كما هو حالها دوماً ـ اختزلت احتفاءها بالمبدعين والفنانين في معرض أقيم «كُرمى لعيونهم» وعيون كل شغوف ببلد طالما أجزل العطاء ولم ينتظر مقابلاً.في ردهات المعرض، شممنا عبق التاريخ.. تعرفنا على حكاية اللؤلؤ، سمعنا أغاني البحارة والصيادين، استحضرنا تاريخ أوروبا وأميرات القرون الوسطى، وهن يرتدين قلائد ومجوهرات أبدعتها أيادٍ بحرينية خبيرة. المعرض نال إعجاب سمو رئيس الوزراء وقال «المعرض جميل، سرني ما رأيته، نفخر ونعتز بأبنائنا وبناتنا المشاركين بالمعارض طوال السنوات الماضية، واليوم يأتي هذا المعرض نتاجاً لتجارب سابقة مروا بها».ووصف سموه مستوى المعرض واللوحات المشاركة «المستوى جيد واسمه عالمي، وكله من إبداعات أبناء شعب البحرين الوفي، والقادرين على تولي الأعمال والمسؤوليات التي يتحملونها».وأضاف سموه «المعرض يشهد كل عام تقدماً كبيراً، ومزيداً من الإقبال على زيارة المعرض، والشكر له واجب وإسناده واجب ونحن على أتم الاستعداد»، لافتاً إلى أن الإسناد يشمل جميع من يعمل لخير البلد وشعبه. وطلب سموه لوحة نالت إعجابه بالمعرض وقال «هي لوحة جميلة ومعبرة وألوانها متناسقة جداً، لوحة لواحد من أبنائنا.. الجميع لديهم ذوق فني وأبناؤنا يتحملون المسؤولية بكفاءة وخبرة ونتمنى لهم التوفيق».ودعا سموه إلى استغلال أكبر للرسالة الفنية في الشأن الوطني وأن تطوع بشكل يدعم الخطاب الإعلامي، مؤكداً أن الفن بمختلف وسائله أحد أوجه التواصل الاجتماعي ولا يقل في تأثيره -إن أحسن توجيهه- عن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة السائدة.وحث سموه الفنان البحريني إلى تطويع فنه في خدمة القضايا الوطنية، وإيصال الحقيقة عبر لوحاته إلى العالم بدوله ومنظماته المختلفة، وأن يشمر عن ساعديه لتصحيح محاولات التشويه والتزوير والإساءة المتعمدة التي يستهدف بها البعض الصورة الجميلة لوطنه، وقال «الثقة عالية في مواطنينا كل في موقعه ومهنته من أنه لن يتردد في الذود عن بلاده وإبراز حضاريتها وإنسانيتها وتطورها، فهذا ما دأبنا عليه من أبناء شعبنا ونحن واثقون من ذلك». وأكد سموه أن معرض البحرين للفنون التشكيلية في عامه التاسع والثلاثين حافظ على بريق وتألق إبداعات الفنان البحريني الذي ارتاد حقولاً فنية عديدة، وهو يحمل معه النور والحياة لوطنه ومجتمعه.وعبر سموه عن إعجابه بالجماليات التي احتواها معرض هذا العام، وما وظفه الفنانون من أدوات فنية انعكست على مساحات أعمالهم، ومنحتها وضوحاً وحيوية، مضيفاً «ما شاهدناه اليوم من أعمال فنية فذة تنم عن تعبير فني رائع ونتاج جمالي صادق من حيث المضمون والموضوع، ما ظهر واضحاً في بناء وتكوين اللوحات الفنية التي احتواها المعرض».وأكد سموه أن معرض اليوم مفعم بالحضور والحركة وفسحة للتفاعل بين الفنانين عبر مدارسهم الفنية المختلفة، وقال «إن الفن التشكيلي أداة تعكس ثقافة الشعوب، وترسم أطيافه الفكرية والفنية على لوحات تشكل قيمة فنية تحمل بصماتها للأجيال المقبلة».وطاف سموه في أرجاء المعرض واطلع على ما يتضمنه من أعمال فنية أبدعها 60 فناناً بحرينياً ينتمون لمختلف المدارس الفنية، واستمع إلى شرح حول الرؤى والأفكار التي تتضمنها الأعمال الفنية المشاركة بالمعرض، لافتاً إلى أن اهتمام الحكومة بدعم المبدعين من الفنانين البحرينيين، وتعزيز وجودهم بقوة في كافة المحافل محلياً وإقليمياً ودولياً، يأتي انطلاقاً من إيمانها برسالة الفن وقدرته على تقديم صورة مشرفة للعالم تعكس مدى حضارة الإنسان البحريني ورقيه وتقدمه في المجالات كافة.وأكد سموه أن تشجيع الفنانين المبدعين من أبناء الوطن يأتي تقديراً لعطاءاتهم وإسهاماتهم في تشكيل الوجدان الشعبي والسمو به إلى آفاق أوسع تنطلق من أصالة هذا الشعب وتاريخه.وعبر سموه عن حرص الحكومة على دعم الأنشطة والمؤسسات الثقافية والفنية التي تساهم في بناء وعي المجتمع والارتقاء به، والعمل على دعم الحراك الفني والثقافي بمختلف أنواعه بما يمنح مزيداً من الزخم لحالة النهضة التي يشهدها الوطن في كافة الأوجه. بعدها، تفضل سموه بتسجيل كلمة في سجل المعرض، أعرب فيها عن سعادته واعتزازه بحضور وافتتاح معرض البحرين للفنون التشكيلية، مؤكداً أن المعرض يشكل فرصة للالتقاء مع هذه النخبة المميزة من أبناء البحرين المبدعين والفنانين، والاطلاع على تطور مستمر تشهده حركة الفن التشكيلي في المملكة. وقال سموه «من حسن الطالع أن يتزامن معرض هذا العام مع احتفاء البحرين والأوساط العربية بالمنامة عاصمة للسياحة العربية 2013»، مضيفاً «ما شاهدناه اليوم من أعمال فنية هي منجز متجدد يعكس المهارات الإبداعية والجمالية لفناني البحرين».وأشاد سموه بجهود وزيرة الثقافة وكافة العاملين بالوزارة على ما قاموا به من إعداد وتنظيم لهذا المعرض وخروجه بهذا المستوى الراقي والرفيع»، بعدها تسلم سموه هدية تذكارية من وزيرة الثقافة.وكان سموه شمل برعايته الكريمة أمس حفل افتتاح المعرض، بالتزامن مع اختيار المنامة عاصمة للسياحة العربية 2013، وبحضور عدد من الوزراء والنواب وكبار المسؤولين ورجال السلك الدبلوماسي ورجال الصحافة والإعلام والأعمال والمثقفين والفنانين والمهتمين بالحركة التشكيلية.وحازت الفنانة وحيدة مال الله جائزة الدانة فيما حصل الفنانون علي خميس وكمال عبدالله وبلقيس فخرو وفؤاد البنفلاح على جوائز تقديرية بالمعرض.وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، قالت إن الفن والثقافة كانا دوماً رأسمال البحرين وجاء المعرض ليكرس هذه الفكرة، لافتة إلى أن افتتاح سمو رئيس الوزراء للمعرض أكبر دعم للفنانين والحركة الفنية في البلاد ولأول أنشطة المنامة عاصمة للسياحة العربية. وأضافت «خصصنا الفصل الأول من المنامة عاصمة للسياحة العربية للسياحة الثقافية، وقسمناه لأربع ثيمات، ويأتي المعرض ليستقطب المتلقين والمحبين للفن والثقافة، ويشهد المسرح الوطني بعد يومين عرضاً هو الأول من نوعه في البحرين الأوبرا الإيطالية، إلى جانب الاحتفاء بالبحرين كوجهة للسياحة الثقافية».وأعربت وزيرة الثقافة عن خالص شكرها وتقديرها لسمو رئيس الوزراء على ما يوليه من اهتمام ودعم لمختلف الفنون، مؤكدة أن رعايته لمعرض البحرين للفنون التشكيلية سنوياً وحرصه على افتتاحه شخصياً تضفي مزيداً من الزخم للمعرض، فضلاً عن أن ذلك يمثل أفضل تقدير للفنانين التشكيليين البحرينيين كونه يحفزهم نحو مزيد من الإبداع والتألق.وأكدت أن معرض البحرين للفنون التشكيلية في دوراته المتعاقبة استطاع أن يحجز مكانته المميزة على الخارطة الثقافية والفنية ليس في المملكة وحسب ولكن في المنطقة ككل، وأصبح يشكل علامة مضيئة في سجل الفعاليات الثقافية التي تشهدها المملكة، لافتة إلى أن رعاية سمو رئيس الوزراء المتواصلة للمعرض جعلت منه حدثاً مهماً يتطلع إليه الفنانون بشغف عاماً تلو آخر.ونبهت إلى أن اختيار المنامة عاصمة للسياحة العربية 2013 جاء تقديراً لحراك سياحي وثقافي نشط تشهده المملكة، وتكليلاً لجهود الوزارة في تنظيم العديد من الفعاليات تؤكد جدارة المملكة بهذا الاختيار، وتجسد ما وصلت إليه من مستوى راق على صعيد الفكر والإبداع.وكيل وزارة الداخلية لشؤون الجنسية والجوازات والإقامة الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة شارك بالمعرض بلوحة فنية تجريدية ثلاثية رسمها بأسلوبه الفني الخاص أسماه بـ»أسلوب اللوحات المحدبة»، ليمنح اللوحة منظوراً جديداً أبعد من المنظور التقليدي، يأخذ الناظر إلى داخل لوحة استخدم فيها أدوات متعددة كالقماش والخشب والورنيش الياباني. وقال إنه لشرف كبير أن يفتتح سمو رئيس الوزراء المعرض مضيفاً «هي عادة كريمة لسموه على مدى 40 عاماً تقريباً، واستضاف معرض العام الحالي فنانين جدد، ويبلع عدد الأعمال المشاركة 100 عمل تنوعت بين المدرسة الانطباعية والتجريدية والفن الحديث.وعبر عن أمله أن يرى أبناء الوطن يتصدرون هذه الظاهرة الفنية بمستويات فنية راقية، داعياً المشاركين إلى افتتاح معارض فردية لإبراز مواهبهم وإطلاق العنان لفنهم بشكل أوسع. الفنانة التشكيلية مايسة بنت سلطان السويدي الحاصلة على الجائزة الثانية في ملتقى الإبداع الخليجي الثالث بدولة الكويت وعلى ماجستير إدارة الأعمال، قالت إن تخصصها لم يثنها عن المشاركة بقوة في العديد من المحافل التشكيلية تتعمد فيها ملامسة الشعر والأدب في متوازيين ثقافيين كما حدث في مشاركتها بمعرض «إيماءات داخلية» بنصوص حول روح اللون.واعتمدت التجريد أسلوباً للوحتها المشاركة بالمعرض، فقط لأنه يجرد الأشخاص من تفاصيلهم وألوانهم وملامحهم وتطلق العنان لنظرات المتلقين حتى وإن اختلفوا في تلقيها، وقالت «لكل منا نظرته الشخصية في قراءة تفاصيل اللوحة ووضع عنوان يناسبها». الفنان علي خميس اختار المشاركة بلوحات الحفر على الخشب والطباعة على ورق «الآرتش»، وحاز على درع تذكاري ومكافأة مالية قدرها ألف دينار.هدير البقالي رأت أن أجمل ما في المعرض مشاركة الفنانين الشباب، وقالت إن الفنان بشكل عام يحتاج أن يدفع نفسه ويثقف نفسه فنياً قبل أن يطلب الدعم من الآخرين، واختار إبراهيم خليفة المزج بين التجريد والواقع في لوحته، رسم امرأة بألوان بيضاء على خلفية شديد السواد، قال إنها تمثل حرية المرأة وسط تناقضات الحياة وما يلفها من سواد.رقصات تراثية بحرينية على خشبة المسرح الوطني قريباًكشفت وزيرة الثقافة عن تشكيل فرقة بحرينية من عناصر شابة، تؤدي بالقريب العاجل رقصات تعبيرية تراثية على مسرح البحرين الوطني، بتدريب عالمي عالي المستوى، إلى جانب عناصر الإضاءة والصوت ومكملات العرض الأخرى، بحيث تقدم الفرقة عملاً فنياً راقياً مكتمل العناصر وبخبرات عالمية.ولفتت إلى أن المسرح الوطني مفتوح للنوعية الراقية من الأعمال الفنية وقالت «الأعمال الجيدة تؤدى وتحجز مكانها على خشبة المسرح الوطني» عادة ذلك وسيلة لتحفيز المشتغلين بالمسرح وغيرها من الفنون. وأضافت الوزيرة رداً على سؤال حول استراتيجية الوزارة لتحويل البحرين لمقصد سياحي دائم بعد انتهاء عام السياحة «نكرس البنية التحتية ونستقطب السواح ونسعى لتكون البحرين وجهة للخليجيين ووجهة لنوعية خاصة تجذب سواحاً من أنحاء العالم، حين تزور موسكو أو فرنسا أو سانت بطرسبورغ مثلاً بمعرض لتايلوس تلفت الأنظار لحقب مهمة من تاريخ البحرين، هذا البلد الصغير الغني بآثاره الممتدة لـ5 آلاف عام، هذا بحد ذاته يكرس سياحة نوعية ويجعل من البحرين مقصداً سياحياً». وقالت الوزيرة إن فبراير المقبل يشهد افتتاح مركز معلومات طريق اللؤلؤ، حيث تنطلق سفن من متحف البحرين الوطني إلى قلعة أبو ماهر، وتشكل الرحلة متحفاً مفتوحاً للزوار والمهتمين. وأضافت أن الوزارة تدشن أيضاً مركزاً للمعلومات في باب البحرين يقصده كل زائر للمملكة ليصل للمعلومات التي يطلبها عما يدور فيها من أنشطة وفعاليات، إضافة إلى افتتاح متحف البريد في مبنى البريد القديم.