يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتجه للاحتفاظ بمنصبه رئيساً للحكومة المقبلة بعد الانتخابات التشريعية المقررة في 22 الجاري، في ولاية ثالثة حافلة بالمخاطر، من ملفي الاقتصاد وإيران إلى تشكيل ائتلاف حكومي متين يرضي فيه اليمين المتطرف ويجذب إليه أيضاً التيار الوسطي. وعلى الرغم من أن نتيجة الانتخابات لن تكون مفاجئة بعد حملة وصفت بأنها «الأكثر مللاً» في تاريخ الانتخابات الإسرائيلية فإن حجم النجاح الذي سيحققه «بيبي» نتنياهو، زعيم حزب «الليكود» اليميني، لايزال غير واضح المعالم في مواجهة معارضة دون قائد ومتصارعة. وقبيل أيام من الاستحقاق تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن التحالف بين حزبي «الليكود» و»إسرائيل بيتنا» القومي اليميني المتطرف بزعامة افيغدور ليبرمان سيحصل على ما بين 33-35 مقعدأ في الكنيست مقابل 42 مقعداً حالياً من أصل 120.وكتب رئيس تحرير صحيفة «هآرتس» اليسارية الصحافي الوف بن «هل من المعقول أن يواجه مخضرم مثل نتنياهو صعوبات في هذه الحملة، الوحيدة التي يبدو فيها فوزه بأنه تحصيل حاصل حيث لا يوجد له منافس على قيادة الدولة؟». وأضاف «نتنياهو لا يقدم للإسرائيليين أي أمل بمستقبل أفضل بل نفس الشيء القديم». وفي الواقع يبدو أن تصريحات اليمين المتطرف النارية تغوي الجمهور الإسرائيلي الذي يمثله الزعيم الجديد لحزب «البيت اليهودي» الشاب نفتالي بينيت مدير مكتب نتنياهو السابق والذي صنع ثروة من عمله في مجال التكنولوجيا. ولكن افرايم انبار وهو مدير مؤسسة بحثية محافظة يعتقد بأن بينيت «ليست لديه مقومات رئيس وزراء حتى الآن». ويرغب بينيت، الطفل المدلل للمستوطنين، في أن يضم 60% من الضفة الغربية إلى إسرائيل، وهو يطمح في أن يؤثر في الائتلاف الحكومي المقبل، مؤكداً «نريد أن نمسك أيضاً بعجلة القيادة». ويستطيع نتنياهو الليبرالي أن يتباهى باقتصاد يتمتع بصحة جيدة نسبيا، ولكن الآفاق ليست منفرجة بالكامل فهناك غيوم تتلبد متمثلة في بلوغ عجز الميزانية العامة ضعفي ما كان متوقعاً بعد وصول هذا العجز إلى 39 مليار شيكل «أكثر من 10 مليار دولار» في 2012. وفي هذا السياق حذرت صحيفة «يديعوت احرونوت» من أنه «من الواضح حالياً بأن القنبلة السياسية الأولى التي ستقوم الحكومة المقبلة بنزع فتيلها هي ميزانية عام 2013 تحت طائلة أزمة ائتلافية جديدة». وكتبت الصحيفة محذرة «بات الآن جلياً أن القنبلة السياسية الأولى التي سيتعين على الحكومة المقبلة تفكيكها هي ميزانية 2013 التي تهدد بأزمة في الائتلاف الحكومي المقبل». وقد حاول معارضو «بيبي»، وفي مقدمهم زعيمة حزب «العمل» شيلي يحيموفيتش، ركوب موجة الاحتجاجات الاجتماعية الضخمة التي شهدتها البلاد في صيف 2011، وقد استندوا إلى أرقام الموازنة المقبلة تحديداً للتنديد «بالفوضى الاقتصادية» التي تنتظر إسرائيل، ولكن يبدو أن الأوان فات بالنسبة إليهم لتغيير الوضع. ودولياً أيضاً يواجه نتنياهو وضعاً صعباً فهو لم ينجح حتى الآن في إقناع حلفاء إسرائيل، وفي طليعتهم الولايات المتحدة، بضرورة شن عملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. وسيتعرض رئيس الوزراء، المناصر القوي للحركة الاستيطانية في الضفة الغربية، إلى ضغوط من المجتمع الدولي، وبخاصة من الأوروبيين، لاستئناف محادثات السلام المتعثرة منذ سبتمبر 2010 مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. والأسوأ من ذلك، فإن علاقاته المتوترة مع الرئيس الأمريكي المعاد انتخابه باراك أوباما الذي سبق له وأن اتهمه بـ»الجبن السياسي»، تهد بالمزيد من العزلة الدبلوماسية على تل أبيب. وبحسب الوف بن فان نتنياهو «حتى لو خرج منتصراً فإن الصعوبات الحالية تشكل نزهة بالمقارنة مع الجحيم السياسي الذي ينتظره بعد الانتخابات». ولهذا يعتقد عدد من المحللين أن نتنياهو سيسعى لتشكيل ائتلاف حكومي يتمتع بأغلبية واسعة في «الكنيست» تضم أكبر عدد ممكن من النواب، بما في ذلك التحالف مع الأحزاب الأكثر اعتدالاً مثل حزب «كاديما» بزعامة تسيبي ليفني التي تفضل إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين، ومع العلماني يائير لابيد، وحتى مع حزب «العمل» بزعامة يحيموفيتش. وقال البرفسور انبار «أعتقد أنه سيحاول دعوة الجميع. فكلما كانت هناك أحزاب أكثر في الائتلاف كلما خضع لابتزازات أقل».«فرانس برس»