تسترجع مسرحية «أربع ساعات في شاتيلا» للمخرج الفرنسي ستيفان أوليفييه بيسون، التي تعرض ابتداء من امس الخميس على خشبة مسرح «مونو» في بيروت، انطباعات الكاتب والشاعر الفرنسي الراحل جان جينيه حين دخل مخيم شاتيلا بعد المجزرة التي شهدتها العام 1982، في نص يعتبره المخرج «يحقق العدالة» للضحايا. وسبق لبيسون أن قدم هذه المسرحية في العام 1998 في مسرح بيروت الذي كان يومها بادارة الكاتب اللبناني الياس خوري، وتولت بطولتها ممثلة فرنسية. ويقول بيسون لوكالة فرانس برس إن إعادة تقديم المسرحية التي تقع في ساعة وعشر دقائق «هي مجرد مصادفة وليست مرتبطة بالذكرى الثلاثين للمجزرة». ويضيف «قدمتها للمرة الأولى قبل 14 عاماً وكنت يافعاً جداً ولم تكن لدي الخبرة التي اكتسبتها عبر السنين، وقدمتها يومها في عمان والأراضي المحتلة والقدس الشرقية بمناسبة مرور 50 عاماً على النكبة». وابتكر بيسون شخصية امرأة تفقد ذاكرتها وتدخل الموقع بعد المجزرة، وتستعيد صوراً من المرحلة التي أمضاها جينيه في مخيمات الفدائيين الفلسطينية في الأردن في السبعينات من القرن المنصرم، ومن الحاضر حيث تتحدث مع جثث الموتى المشوهة والبشعة والمخيفة، وكانها تحاول أن تخلق جوا معهم وأن تصلح باهتمامها بهم ما تم اقترافه بحق أرواحهم وأجسادهم. وتتطور الشخصية مشهداً إثر مشهد لتستعيد تلك المرأة تدريجاً ذاكرتها متحدثة عن مأساة عايشتها . وتتولى الممثلة اللبنانية كارول عبود دور هذا المرأة، ويعتبر بيسون أن عبود «تغني العرض لأنها عاشت الحرب وخبرتها». ويقول بيسون إن «أربع ساعات في شاتيلا» ليست نصاً مسرحياً بل «حالة مسرحية قوية وحتمية»، يروي من خلالها الكاتب الفرنسي جينيه ما حدث في المخيم البيروتي من العاشرة إلى الثانية بعد ظهر يوم الأحد 19 سبتمبر 1982، علماً أنه «كان أول أوروبي دخل المخيم» بعد المجزرة، وفق المخرج. ويعتبر بيسون أن جينيه (1910-1986) في «أربع ساعات في شاتيلا»، «تجرد في كتابته من كل شيء»، واصفاً نصه بأنه «نهضة في مسيرته الأدبية، بعد أن كان توقف عن الكتابة». ويرى بيسون أن «النص مدهش، ويصف مجازر شاتيلا بلغة صافية وصادقة ويعود إلى الفترة التي أمضاها جينيه في مخيمات التدريب الفلسطينية في الأردن العام 1970». ويصف بيسون نص «أربع ساعات في شاتيلا» بأنه «يحقق العدالة للذين سقطوا في المخيم، في وقت يعمل البعض على محو الذاكرة». ويضيف «أنها وسيلة تعزية ومواساة بالضحايا الذين لم تنصفهم العدالة منذ 30 عاماً». ورداً على سؤال عما إذا كان الجمهور اللبناني لا يزال يرغب في استعادة ماضي الحرب وذكرى المجزرة، يقول بيسون «ثمة ضرورة لذلك، ويجب ألا نحجب الماضي رغم آلامه». ويضيف «الحرب اللبنانية هي حروب أهلية متتالية. إحدى الممثلات اللبنانيات التي كانت مرشحة للمشاركة في المسرحية، قالت لي إنها لا تريد تولي الدور لأن ثمة مجازر أخرى شهدها لبنان». ويضيف «نعم ثمة مجازر أخرى ولكن هذا لا يعني أننا يجب ألا نتحدث عنها». ويقول بيسون إن نقاشات ستعقب عروض المسرحية، ويشير إلى أن 50 شخصاً من بينهم ناجون من المجرزة ومختصون وصحافيون ومؤرخون، سيشاركون مساء الأحد في لقاء لعرض آرائهم حول الموضوع.