كتبت – مروة العسيري: كشف رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية حسن الجلاهمة «عن إحالة 8-10 قضايا فساد مالي بجنحة جنائية إلى النيابة العامة»، إلا أنه لم يذكر تفاصيلها من مبدأ أن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته». وقال الجلاهمة في رده أمس على مداخلات نواب أثناء مناقشة تقرير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بشأن تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية للعام 2011: «إذا لم تتخذ الجهة أي إجراء تجاه المخالفة ولم تحلها إلى النيابة سيحيلها الديوان»، موضحاً أن «دور ديوان الرقابة كما هو موضح في أولى صفحات كل تقرير فهو اكبر بكثير من مجرد اكتشاف لمخالفات وإحالة المتورطين إلى النيابة (..) بل إن دوره يتعدى ذلك ويصل إلى التأكد من وجود أنظمة فعالة في تلك الجهات تمنع حدوث السرقات».وحول المادة (11) من قانون الديوان قال الجلاهمة «هذه المادة متصلة بمواد كثيرة من القانون نفسه ويجب عدم فصلها عن غيرها من المواد لتتضح الصورة أكثر»، مشيراً إلى أن «الديوان يتولى إبلاغ الجهات بالمخالفات وهذا ما يحدث ويطلب الديوان من الجهة اتخاذ ما يلزم، أما بشأن التحقيق وتحويل القضايا إلى النيابة العامة فتترك للجهة المراقبة نفسها، وأجاز المشرع في هذه المادة للديوان متى ما توفرت لديه أدلة جدية إحالة القضية إلى الجريمة الجنائية إلي النيابة العامة».وأعلن الجلاهمة «عن وجود 8-10 حالات تمت إحالتها إلى النيابة العامة، ولكن لا يمكن ذكرها فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته»، وشكر الجلاهمة مجلس النواب على البادرة الطيبة في مناقشة التقرير بعد صدوره بشهور»، مشيراً إلى أن «موظفي الديوان يتعاملون مع أوراق وأرقام ومعلومات في تقارير، فالكشف عن المخالفات بغض النظر أن كانت متعلقة بملايين أو 18 جهاز حاسوب مفقود هذا ما يظهره الأوراق وجميعها تجاوزات على اختلاف حجمها». وقال: «في عام 2005 وجد الديوان في شركة ألبا تفاوتاً في أسعار بيع الألمنيوم من زبون إلى آخر، ولم يستطع الديوان اتهام شخص معين في ذلك التفاوت، وطلب من الشركة التحقيق وتعاونت الشركة مع شركة (كول) وتم إحالة موظفين إلى النيابة وإدانتهم»، مؤكداً أن «الديوان إذا ما وجد أدلة جدية لن يتردد في رفعها إلى النيابة العامة، أما إذا وجد شبهات فيلزمه القانون بطلب الجهة المعنية بالتحقيق وإذا لم تتخذ الجهة أي إجراء ولم تحيله إلى النيابة يحيله الديوان».من جانبه قال النائب أحمد الساعاتي إن «من صميم عمل هذا المجلس هو الرقابة على أداء السلطة التنفيذية»، مشيراً إلى أن «هناك جهات أخرى هي الأجدر والأولى بأن تتعامل مع توصيات ديوان الرقابة المالية».وأضاف أن «الديوان نفسه اقتصر دوره على إعداد التقرير دون متابعة تقديم المخالفين للنيابة، والحكومة تتسلم التقرير كل عام دون أن تحاسب مسؤوليها على التجاوزات والمخالفات المالية والإدارية الموثقة والمدعومة بالأدلة القاطعة»، مشيراً إلى أن «النيابة العامة هي سلطة قضائية موكل لها بموجب القانون أن تحرك دعاوي الفساد المالي بحق المهتمين الواردة تجاوزاتهم في تقرير ديوان الرقابة المالية». وتساءل الساعاتي «لماذا ترمى الكرة في ملعب مجلس النواب الذي لا يستطيع بتركيبته الحالية ولوائحه الداخلية أن يستجوب أو يحاسب الوزراء بسهولة ويسر لأسباب يعلمها الجميع» . وأكد الساعاتي «أن تكرار رصد ديوان الرقابة للمخالفات في أجهزة الدولة عاماً بعد عام دون تصحيح لهذا الخلل من شأنه الإساءة إلى سمعة البحرين الدولية في مقاييس مكافحة الفساد وكذلك من شأنه أن يفقد المواطن الثقة والمصداقية والاحترام تجاه حكومته التي لم تبادر أبداً بمحاسبة المتجاوزين»، مضيفاً «أن استمرار حالات الفساد الإداري والمالي يؤدي إلى الإضرار بعملية التنمية والاستقرار التي تعاني أصلاً من تحديات جسيمة نتيجة محدودية الموارد المالية والطبيعة لمملكة البحرين». وفي مداخلة للنائب أحمد الملا، قال إن «هذا تاسع تقرير لديوان الرقابة، يتضمن بعض التوصيات الجوهرية، ولكن عدم توجيه الاتهام لأصحاب المخالفات والتجاوزات السابقة، وبقاءها دون محاسبة آو إجراء، هو ما ساهم في تكرارها ومن نفس الجهات التي تكرر ذكرها في كل تقرير، ومن دون إصلاح حقيقي ملموس، لأن كل الإجراءات المتاحة مازالت حبراً على ورق، مع أن حماية المال العام أمر يوجبه الدستور على كل مواطن، وقد وضع عقوبات رادعة له».وطالب الملا «بالتفرقة بين الإجراءات الإدارية، وبين ما يرقى لجريمة، لكي لا يظلم أحد ولا يفلت أحد من العقاب»، داعياً الحكومة لاتخاذ إجراءات لمن تورط في هدر المال العام، وإعداد خطة متكاملة للسنوات القادمة لمنع تكرار التجاوزات». من جهته، اعتبر النائب سمير الخادم تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية «قرقعة» تسكت وتوضع في الإدراج ويتم طيها في صفحات النسيان «، ممتعضاً من الملايين التي تضيع، ومن رفض الحكومة بالمقابل زيادة المواطنين «روبيتين» عندما يطلبها النواب، على حد قوله، فيما أكد النائب علي زايد أن «اللجنة خرجت بـ34 توصية، يجب على الحكومة الأخذ بها بدون أي استثناء، مستفسراً من رئيس الديوان على عدم وجود أي حالات أوجدها الديوان وقام بإحالتها إلى النيابة العامة»، مضيفاً: «نحن كنواب محاسبتنا للجهات المخالفة تكون محاسبة سياسية ولكن إجراءات الديوان تكون محاسبة جنائية».وقال النائب عيسى القاضي «ليس من المعقول التركيز على المخالفات الإدارية البسيطة وترك الجسيمة التي تسبب الإضرار في المال العام»، مضيفاً «يجب إعطاء أولوية للمخالفات التي تعتبر في درجات الخطورة أكبر». واقترح «آلية تصنيف لتستخدمها اللجنة المالية لتصنيف التجاوزات التي أوجدها تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية بحسب خطورتها في قانون العقوبات الجنائية في مملكة البحرين». وتحدى القاضي أي نائب يستطيع رفع تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية بيد واحدة لمدة خمس دقائق متواصلة دون أن يتعب»، في إشارة منه إلى ثقل التقرير لكثرة الملاحظات فيه. وشرح المستشار القانوني لمجلس النواب صالح الغثيث» أن رئيس الديوان ليس بجهة يمكن للنواب مساءلتها وأن مشاركته مناقشة التقرير بمجلس النواب على حسب رغبته فهو يشارك بالتوضيح في بعض المسائل وغير ملزم بهذا التوضيح، كونه جهة محايدة مستقلة تتبع الملك مباشرة». وطالبت النائب سوسن تقوي «أن يتحرك الديوان تحت مظلة المادة 11 من قانونه، وأن تكون هناك خطوة شجاعة لتحاسب من جاء مخالفاً وستكون خطوة سباقة أسوة بالدول المجاورة».