كتب ـ حسين التتان:الصورة الأولى.. باص طويل يعج بالركاب، أكياس البطاطا والبندورة والخس تملأ الممر، الحركة بين الكراسي شبه مستحيلة، رائحة العرق تزكم الأنوف، وأغنية «عاهدير البوصطة» تنبعث من مسجل قديم، والباص لا يتوقف ليُقل راكباً حتى «يهدي» ليُنزل آخر.. صورة من ماضٍ ولى ولن يعود..!.الصورة الثانية.. مجموعة شباب بمقتبل العمر يركبون سيارة «سبورت»، يلاحقون سيارة تقودها فتاة برفقة صديقتيها، ينتهي سباق السيارات المحموم عند سور الجامعة، ينزل الجميع ويركب كل سيارته ويتفرقون.. يتجه كل واحد لمقصد مختلف. الباص.. الشبح محمد عبداللطيف نشأ بكنف أسرة لكل فرد منها سيارته الخاصة «ما أن حصلت على رخصة القيادة حتى اشتريت واحدة»، سمع محمد عن باص النقل العام ولم يُجرب أن يُقله يوماً «لم أستخدمه ولم أره أبداً.. ما الداعي للباص ما دامت السيارات أكثر من الهم على القلب..!»..ويجزم مصطفى عبدالحسن أن كل البحرينيين لا يستخدمون النقل العام «يخدم فقط شريحة المقيمين الأجانب، ومحدودي الدخل منهم خاصة».ويرى قاسم عبدالعزيز أن النقل العام انتهى زمانه وولى دون رجعة «تستخدمه الطبقة الفقيرة جداً وكبار السن والنساء اللاتي لا يملكن سيارة أو الأرملة والمقطوعة من شجرة» ويقول «البحريني لا يركب الباص إلا للضرورة القصوى».يرفض قاسم أن يقل الباص حتى لو كان لديه موعد بغاية الأهمية «لا يليق بمستوى البحريني من الناحية الاجتماعية».عبدالرضا جعفر لا يستخدم النقل العام «قبل حيازتي رخصة قيادة، استخدمته عند الحاجة فقط، ومن يقلون الباص اليوم، هم بأمس الحاجة للتنقل لقضاء حاجاتهم الضرورية».ويقول «ربما يركب البحريني الباص، ولكن هؤلاء من الطبقات الفقيرة والنساء وكبار السن تحديداً، يقلونه في ذهابهم إلى المستشفى أو السوق»، ويضيف «وربما يزداد الضغط على النقل العام في أيام الإجازات، لأن الآسيويين يملؤنها في ذهابهم إلى المنامة للنزهة والتسوق».انتظرنا فترات طويلة عند محطات النقل العام، وجدناها خالية، وفي المناطق المزدحمة وجدناها تغص بالأجانب، ولكن لم نجد بحرينياً واحداً ينتظر الباص..!.