قال وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة الوزير المشرف على شؤون النفط والغاز إن دول الخليج العربي وفرت 7 ملايين فرصة عمل للمواطنين والوافدين خلال العقد الماضي، مشيراً إلى أن "التحدي اليوم هو استخدام البنية الأساسية والصناعات القائمة لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وذلك من خلال الاستثمار في التعليم وتعزيز فرص المواطنين على استثمار الفرص العديدة المتاحة أمامهم، خاصة الأجيال الجديدة”.وأضاف وزير المالية، في كلمة له أمام مؤتمر نظمته مؤسسة "Chatham House” البريطانية حول الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن "الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد شهدت عملية تحول جوهرية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وذلك في ضوء الطفرة الناجمة عن موارد النفط والغاز، وأن إدارة هذه التحولات كانت أكثر نجاحاً مما تحقق العديد من الدول الأخرى الغنية بالموارد”.وأوضح أن "الفترة بين عامي 1971-2011 شهدت ارتفاعاً في أسعار النفط من أقل من 15 دولار أمريكي للبرميل إلى أكثر من 110 دولار، أي بأكثر من 7 أضعاف، الأمر الذي أتاح وجود عوائد مجزية رغم فترة الجمود في الأسعار حول مستوى 30 دولاراً للبرميل خلال التسعينات”، مشيراً إلى أن "حجم الفوائض في الميزانيات في دول مجلس التعاون الست بلغ خلال العقد الماضي وحده حوالي 1.1 تريليون دولار”.وأشار وزير المالية إلى أن "الاستخدام الرشيد لهذه الفوائض أدى لإرساء الدعائم والأركان الأساسية لدول الخليج عبر الاستثمار في جوانب، بينها المطارات والموانئ والمناطق اللوجستية وشبكات الطرق، الأمر الذي يسهل حركة التجارة الإقليمية والمحلية ويتيح لدول المجلس تكريس موقعها كمفترق طرق في مسارات التجارة العالمية، والمؤسسات التعليمية الحكومية في مختلف المراحل التعليمية، والتي توفر التعليم للجنسين على نحو ساهم في ارتفاع نسبة المتعلمين من 70% خلال الثمانينات إلى 90% اليوم”.وتابع أن من بين الاستثمارات "الإسكان وخدمات الرعاية الصحية المجانية التي ساهمت في تحسين المستوى المعيشي للمواطنين وزيادة متوسط الأعمار من 60 سنة عام 1971 إلى حوالي 75 سنة اليوم، والتنقيب عن النفط والغاز وعمليات التكرير ومد خطوط الإمداد، وعلى نحو يزيد من الطاقة الإنتاجية والعوائد، ولكنه أيضاً –وهو الأهم- يكفل توفير موارد الطاقة بمستويات أسعار مستقرة، حيث إن تقلب مستويات الأسعار لا يفيد أي طرف”.وقال وزير المالية إن "هذه الاستثمارات بالإضافة إلى المزايا النسبية لدول المجلس التعاون مثل الانخفاض النسبي في تكلفة العمالة وتكلفة الوقود والكهرباء والموقع المتوسط أدت إلى تحولات جوهرية للهياكل الاقتصادية لهذه الدول، حيث أصبحت اليوم قوة في قطاع الطيران على المستوى العالمي وتحتضن العديد من الموانئ البحرية والمناطق الحرة الكبرى، كما تحتضن ثلاثة من أكبر مصاهر الألمنيوم في العالم وتمتلك قطاعاً قوياً للبتروكيماويات، وهو ما أتاح وجود صناعات مستقرة بغض النظر عن مبيعات النفط الخام ونمو ملحوظ في الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 4% سنوياً خلال العقود الثلاثة الأخيرة، أي أكثر من المتوسط العالمي الذي يدور حول 3% أو معدلات النمو التي حققتها دول أخرى غنية بالموارد، هذا إلى جانب إيجاد فرص عمل ذات جودة عالية للمواطنين والوافدين بلغ حجمها حوالي 7 ملايين فرصة عمل خلال العقد الماضي وحده، الأمر الذي أدى إلى تدفق أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية المدربة إلى المنطقة وإسهامها في زيادة تنافسية العمالة الوطنية والمنطقة ككل”.وأشاد الوزير بـ”تراجع نسبة البطالة في البحرين من 16% عام 2006 إلى 4% عام 2012، وذلك بفضل الإصلاحات الكبرى التي شهدها سوق العمل في المملكة بالإضافة إلى معدلات النمو الإيجابية، وكذلك بتطور المجتمع المدني نتيجة للنمو الاقتصادي وفرص العمل في القطاعين العام والخاص واتساع قاعدة العملية التعليمية ومظلة الرعاية الاجتماعية”.واستعرض التعديلات الدستورية التي تمت عام 2002 بهدف تعزيز النهج الديمقراطي في المملكة، والعمل الجاري حالياً لتكريس ثقافة الحوار والتوافق الوطني، مشيراً إلى أنه "على الرغم من الأحداث المؤسفة التي شهدتها المملكة مؤخراً فإن الممارسة الديمقراطية تسير في الاتجاه الصحيح، حيث تم إدخال تعديلات دستورية جديدة بعد حوار شامل، كما تم تنفيذ ما انتهى إليه تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق”.وأكد وزير المالية أن "برنامج التنمية الخليجي سيتيح تنفيذ نطاق واسع من المشاريع في قطاعات مهمة كالإسكان والتعليم والبنية الأساسية والكهرباء والماء، إضافة إلى تعزيز التنمية الاجتماعية وبرامج رعاية الشباب، حيث سيكون لهذه المشاريع انعكاس مباشر على الحياة اليومية للمواطنين وستوفر بيئة أفضل لاستقطاب مزيد من الاستثمارات وستزيد من تنافسية الاقتصاد الوطني وتوفر المزيد من فرص العمل”.وأشار إلى أهمية استراتيجية التخصيص الجاري تطبيقها بهدف تعزيز دور القطاع الخاص في عملية التنمية وتكريس الطابع التنظيمي والإشرافي للدور الحكومي في إطار الرؤية الاقتصادية 2030 والمؤسسات العديدة التي تقوم بدور مهم في هذا الشأن مثل بنك البحرين للتنمية وتمكين، منوهاً باستثمار "تمكين” حوالي 185 مليون دولار في البرامج التدريبية والمساعدات المالية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي تمثل أكثر من 90% من مشاريع القطاع الخاص في المملكة، وأكد كذلك على الدور المهم للمرأة في مسيرة التنمية في مختلف دول مجلس التعاون واحتلالها مراكز متقدمة في مختلف المجالات.واستعرض الوزير مشاريع تطويرية يجري تنفيذها في قطاع النفط والغاز في المملكة مثل عملية التطوير الشامل لحقل البحرين وتوسيع نطاق عمل مصفاة التكرير لتوفير المزيد من المنتجات عالية الجودة لأغراض التصدير مع الاستمرار في التماشي مع المعايير البيئية الدولية، والعمل على زيادة موارد المملكة من الغاز الطبيعي لتغطية النمو الصناعي المتزايد، كما تطرق إلى تنويع مصادر الطاقة في دول مجلس التعاون برامج الطاقة البديلة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والسياسات الخاصة بكفاءة استخدام الطاقة.وخلص إلى أن دول المجلس شهدت تغيرات جوهرية منذ اكتشاف النفط وواصلت العمل لتحويل الثروة النفطية إلى نمو اقتصادي يفيد المواطنين والوافدين، مشيراً إلى أن المستقبل يحمل العديد من الفرص والتحديات ومعرباً عن تفاؤله بالاستمرار في تحقيق معدل نمو عالية ومضي عملية التنمية قدماً، لا بفضل العوائد النفطية فقط ولكن نتيجة للنمو في مختلف القطاعات.