بقلم: د. عبدالرحمن الحميدان النجدي :بعد أحداث 11 سبتمبر التي حصلت في الولايات المتحدة الأمريكية العام 2001، اتخذت هذه الأخيرة على الفور قراراً صعباً وخطيراً على المستوى الداخلي وبشكل أكبر على المستوى الخارجي، فبموجبه تغير الوجه الأمريكي الذي اعتاد العالم والشعب الأمريكي نفسه أن يراه، فتبدلت الأولويات السياسية والاستراتيجية ليتصدر الأمن مرتكزات سياستها الداخلية والخارجية، وأصبح الشأن الاقتصادي الذي استمر لفترة طويلة أهم الأولويات، من ضمن مستوى الشؤون الأخرى التي تقع خلف الشأن الأمني. وعندما شعرت الدول الأوروبية هي الأخرى بأنّ أمنها بات مهدداً، حذت حذو الولايات المتحدة في هذا الاتجاه، وهكذا فعلت الدول الديمقراطية في العالم، وكرّست أيضاً الدول المتخلفة فيه، وذات النظم الشمولية هذه المفاهيم. فما حصل في تلك الفترة وما زال، يُعد دليلاً قاطعاً على أنّ الأمن ضرورة قصوى، وضرورته تكتسب أولوية بالنسبة للوطن والمواطنين، فهو كما معلوم لكافة البشر بمختلف أجناسه وجنسياته، يعني الحياة والنمو والتطور، وهو أيضاً يعني الصحة والتعليم والسكن، وكذلك التواصل والمحبة والتواد بين مكونات الشعب. ومن منطلق هذه الحقيقة، - بعد أن حدث الجلل - تسارعت وتيرة اهتمامات الدول في كل ما يتعلق بالأمن سواء جوانبه القانونية والتشريعية، وجوانبه العسكرية والعملياتية، وجوانبه السياسية والدبلوماسية. ولم تعد مملكتنا الصغيرة البحرين، بمنأى عما يحدث في العالم الذي بات يمثل قرية صغيرة، فحينما حدثت الأزمة الأخيرة فيها العام 2011، وأراد من أراد مدفوعًا بذاك السبب أو هذا السبب، أن يصيب أمنها واستقرارها في مقتل، ويجعلها تعيش فوضى ودمار، وكراهية ومواجهة بين الطائفتين المكونتين لها، لترتدي ثوباً غير ثوبها، وتدور في فلك غير فلكها المعتاد، تأكّد عمليًا أنَ أمنها ليس مطلباً أولياً لها ولشعبها فقط، وإنما مطلباً ملحاً لشقيقاتها دول مجلس التعاون وشعوبها، فتوجّب مباشرةً أن تقوم المؤسسة العسكرية البحرينية بواجبها المقدّس، فهذا دورها ومجالها لتتصدى وتواجه التحديات الخطيرة المفروضة عليها، وتمنع أحداثاً كانت بالفعل في غير مصلحة الوطن ولا مصلحة أيّ من مواطنيه من كلتا الطائفتين، اللّتين تملكهما الخوف والهلع منذ بداية الأزمة، بعد أن زهقت أرواح وجُرحت أنفس وحُرقت أملاك عامة وخاصة، وقطعت الطرق والممرات، ومُنع الناس من الذهاب إلى أعمالهم وقضاء مصالحهم، حتى شعر الجميع بأنّ حياتهم وحياة أبنائهم ومستقبلهم في خطر حاذق، وضرر متوقع، فكانت قوة دفاع البحرين على رأس المتولين للمهمة الجسيمة والنبيلة، وبكفاءة وقدرة استطاعت بتعاون مع الأجهزة الأمنية، السيطرة على الموقف، وسد أبواب الفوضى وإغلاق منابع الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار، وإرجاع الأمور إلى ما كانت عليه، فاطمأن الجميع، وهدأت الأنفس، وباتت الساحة مهيّأة لكل الأطراف الوطنيين والمخلصين لتدلي بدلوها. وبمناسبة يوم قوة الدفاع الذي يصادف 5 فبراير نقول لها، شكراً على ما قامت به، وعلى ما قام به رجال الأمن في أجهزة الدولة الذين مازالوا يضحون بأنفسهم من أجل الواجب والوطن والمواطنين، وتحيّة لراعيها وقائدها الأعلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى وقادتها البواسل.