كتب ـ جعفر الديري:لا جدال في أن التواضع صفة محمودة لدى بني البشر، تدفع الناس للتعرف على صاحبها والأنس بقربه، والثقة بقلبه الكبير، لكن السؤال هل للإنسان المتواضع مكان في عالم اليوم؟ هل يحظى باحترامهم؟ أم أنه بنظرهم ديناصور انقرض؟.البعض ينظر للمتواضع نظرتهم لشخص لئيم لو ملك القوة لتجبر، شأنه شأن قطة ضعيفة مسالمة، لكنها متى وجدت فرصة سانحة أظهرت طباعها الشرسة وأنبتت مخالبها، مقابل آخرين يؤمنون أن الإنسان نبيل بطبعه والتواضع صفة لازمة فيه. عملة نادرة لا تخفي خاتون سلمان دهشتها عندما تقابل إنساناً متواضعاً، خاصة متى تأكدت أنه يحمل في قلبه طيبة تسع الناس جميعاً «المتواضع عملة نادرة صحيح.. ولكنه ليس ديناصوراً منقرضاً». تقول خاتون إن أمثال هؤلاء يستحقون التكريم «الحياة المدنية لم تترك للناس فرصة سوى الجري وراء مطالبهم، وتأمين لقمة عيشهم، ولم يتبق للمحبة والتعاون والتواضع مكان بقلوب الناس»، وتضيف «ألتقي بأمثال هؤلاء في لحظات نادرة، وتعجبني أخلاقهم كثيراً». قناع زورو المزيف بدوره يستشهد أحمد خليل بقول الشاعر العربي «والظلم من شيم النفوس فإن تجد... ذي مرة فلعلة لا يظلم»، ويؤكد أنه لا وجود للإنسان المتواضع «انتهى هذا الإنسان، مات ولا مكان لأمثاله في عالم اليوم». وبرأي أحمد أن «جميع من يبدون متواضعين يرتدون أقنعة زورو المزيفة، وتخفي وراءها قلوبهم السوداء المليئة كبراً وغروراً».ويزعم أن أمثال هؤلاء يستخدمون التواضع مطية لنيل مآربهم «لكنهم متى شعروا أن الناس يحتاجونهم وبالإمكان الترفع عليهم دون أن ينالهم الأذى، كشفوا قناعهم وظهرت حقيقتهم». ويعتقد خليل أن أمثال هؤلاء أخطر من المتكبرين «أنت تعرف أن هذا الرجل أو تلك المرأة متكبرة متغطرسة، لذلك تأمن شرها ولا ترجو منها خيراً» ويواصل «لكن المشكلة في وجود أناس تحسبهم متواضعين وتعاشرهم على هذا الأساس، وقد يبلغ بك الحمق أحياناً أن تعقد معهم الصداقات، حتى إذا توثقت علاقتك بهم، كنت أول من يلتهمونه في سبيل تحقيق مطامعهم». التواضع فطرة سليمة وتأسف فاطمة عباس لقصر نظر البعض تجاه صفة التواضع «الإنسان ولد على الفطرة السليمة، والله سبحانه تعالى خلقه في أحسن تقويم، وأودع فيه من الطيبة والحنان ما يسع الكون كله.. فكيف ينظر للمتواضع أنه منافق وذئب في لباس حمل؟!». وتضيف «هناك متواضعون كثر وفي كل مكان، ولا أبالغ إن قلت إن أكثر الناس متواضعين، حتى إن الناس المتكبرين متى أحسوا بحب الناس الصادق تجاههم يعودون إلى طبيعتهم الخيرة لا العكس». صورة الإنسان العربي ويعقد إبراهيم موسى مقارنة بين الإنسان العربي المسلم ونظيره الغربي «الصورة النمطية للإنسان العربي ألقت بظلالها على حياة الناس في المجتمعات العربية أيضاً.. وهذا خطأ كبير». وبحكم قضائه أكثر من 5 سنوات في الدراسة بالخارج، يقول إن الغربي «قد يبدو متواضعاً لكنه في حقيقته ذئب، المصلحة دينه الذي يدين به، في العالم العربي لا أجد من يحمل هذه النفسية، الجميع متواضع». ويعلل إبراهيم النظر القاصرة تجاه المتواضع إلى افتقار الإنسان العربي للخبرة وقلة احتكاكه بالجنسيات «متى اختلط بهم عرف أنه في جنة مع أناس يجمعهم التواضع والمحبة والأخلاق الفاضلة».