لعب الاتحاد العام التونسي للشغل الذي نظم ثالث إضراب عام في تاريخ تونس الجمعة الماضي تنديداً باغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد، دوراً حاسماً في تاريخ تونس المعاصر ويقيم علاقات متوترة مع الإسلاميين الذي يحكمون البلاد. وقد أسس الزعيم الوطني فرحات حشاد الاتحاد العام التونسي للشغل في 20 يناير 1946 قبل أن تغتاله سنة 1952 منظمة شبه عسكرية كانت تنشط في عهد الحماية الفرنسية بين 1881 و1956. وتقول النقابة الوحيدة في تونس حتى قيام ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، أن لديها نصف مليون منتسب وأنها متجذرة في مجمل أنحاء البلاد بفروعها الجهوية الأربعة والعشرين وفيدرالياتها التسع عشرة ونقاباتها العامة الواحدة والعشرين. وانتخب أمينها العام حسين عباسي في أول مؤتمر عقده الاتحاد العام التونسي للشغل فيما بعد بن علي. ويرى محللون ومؤرخون أن الاتحاد كان دائماً حركة مسيسة شاركت في الحكومة غداة استقلال تونس في 1956 قبل أن تعارض أول رئيس جمهورية الحبيب بورقيبة. وكان الاتحاد في عهد بن علي بين 1987 و2011، القوة الوحيدة التي تحظى بتنظيم وطني مع الحزب الحاكم السابق، التجمع الدستوري الديمقراطي. وفي عهد بن علي كان الاتحاد العام التونسي للشغل ينتهج سياسة «التوافق» حتى أنه غالباً ما كانت قيادته تشيد بالرئيس المخلوع إلى حد إقالة زعيم حركة الاحتجاج الاجتماعي عدنان الحجي التي قمعت بشدة في حوض قفصة المنجمي سنة 2008. وقد تأخرت قيادة الاتحاد في الالتحاق بالانتفاضة الشعبية ضد بن علي بينما كانت قاعدتها ميدانيا تواكب الثورة وتؤطرها. لكن منذ فوز إسلاميي حركة النهضة في أول انتخابات حرة في 23 أكتوبر 2011، يقيم الاتحاد علاقة متوترة معهم تحولت إلى نزاع مفتوح في ديسمبر الماضي عندما هاجم عناصر ميليشيا موالية للحكومة مقر النقابة في تونس. ودعت النقابة حينها إلى إضراب عام قبل أن تتراجع لعدم زعزعة استقرار البلاد. وتقود المنظمة منهجياً التحركات الاجتماعية والتظاهرات والإضرابات التي تتعالى فيها شعارات مناهضة للحكومة في تونس منذ الصيف الماضي احتجاجاً على الفقر والبطالة إلى حد أن حركة النهضة اتهمت الاتحاد بتأجيج التوترات. ولم ينظم الاتحاد العام التونسي للشغل في تاريخه إلا إضرابين، الأول في 1978، أسفر قمعه عن سقوط عشرات القتلى والثاني دام ساعتين في 14 يناير 2011 يوم سقوط بن علي.«فرانس برس»