تحدى رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي، الشخصية البارزة في الحركة الإسلامية التونسية معسكره، كي لا تعم «الفوضى» البلاد، مجازفاً باحتمال انقسام حزبه، حركة النهضة التي عانى من أجلها في سجون الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. ودفع الاغتيال المدوي للمعارض اليساري شكري بلعيد في 6 فبراير الجاري بالجبالي، أمين عام حزب النهضة، إلى الوقوف في وجه المتشددين في حزبه بقيادة رئيس الحزب وزعيمه راشد الغنوشي. وفاجأ الإسلامي البرغماتي، الطبقة السياسية بإعلانه تشكيل حكومة تكنوقراط، رغم معارضة النهضة، لكن التوتر يسود علاقاته مع محافظي حزبه منذ زمن طويل. وقال مراقب أوروبي إن «الجبالي اكتسب الشعور بحقائق الواقع من خلال ممارسته السلطة، وتجاوز هواجسه وبدا يتحرك كرجل دولة بانسجام مع المعتدلين في معسكره». وينتمي الجبالي بذقنه الصغير الذي غزاه الشيب ونظاراته الرفيعة و»الطابع» إثر السجود على جبينه، إلى الشخصيات التاريخية في التيار الإسلامي التونسي. ورداً على منتقديه في النهضة يقول إنه يعمل على ضمان المصلحة الوطنية ويريد أن يجنب تونس «السقوط في الفوضى» وقال لهم «إذا أفشلتم هذه المبادرة ماذا ستفعلون بتونس؟ ما هو البديل؟ قانون الغاب؟ شرعية الشارع؟ أم ماذا؟» ولد حمادي الجبالي سنة 1949 في سوسة التي تلقب بـ»جوهرة الساحل» على الساحل الشرقي التونسي وتخرج كمهندس متخصص في الطاقة المستدامة من فرنسا وكان أحد مؤسسي «حركة الاتجاه الإسلامي» في 1981 التي تحولت إلى «حركة النهضة» الإسلامية في 1989. وحكم عليه بالإعدام في 1987 قبيل الإطاحة بالرئيس الحبيب بورقيبة، ففر إلى إسبانيا. وفي 1989 استفاد من عفو عام وعاد إلى تونس وأسس صحيفة «الفجر» لسان حال الحركة. وفي ديسمبر 1989 حكم عليه بالسجن 12 شهراً لمقال انتقد فيه القضاء العسكري. وفي 1991 وبينما كان قمع الإسلاميين على أشده في عهد بن علي، حكم عليه بالسجن 17 سنة منها 10 في العزلة. وفي 2006 استفاد من عفو، لكنه وضع رهن الإقامة الجبرية في سوسة. ويقول المحلل والكاتب الصحافي سفيان بن فرحات إن الجبالي، الرجل البشوش الذي يحسن الكتابة ويتقن اللغة الفرنسية وهو أب لـ3 بنات، «تربطه علاقات جيدة بالصحافة ويتمتع بشبكة واسعة من العلاقات». ويظل الرجل رمز إسلام سياسي يوحي بالطمأنينة رغم الأخطاء التي ارتكبها منذ فوز حزبه في أول انتخابات نزيهة في 23 أكتوبر 2011. ومن تلك الهفوات حديثه عن إقامة «خلافة سادسة» الذي كان له وقع الصدمة وعزز مخاوف العلمانيين الذين ينتقدون «ازدواجية الخطاب» الإسلامي.غير أن الجبالي يظل مع ذلك محسوباً على التيار المعتدل في حزب النهضة الذي يواجه خطر الانقسام. وأكد مصدر دبلوماسي أن الجبالي «معروف جيداً لدى الأمريكيين» مضيفاً أنه «أعجب به كثيراً». وأضاف أنه يتميز «بثقة في النفس ولديه خطاب منسجم. لكنه ليس من الضعفاء لأن سنوات السجن أثرت على طباعه». وبإصراره على تشكيل حكومة غير مسيسة فإن الجبالي فاز أيضاً بتأييد قسم كبير من الطبقة السياسية المعارضة.وأعلن الجبالي، أنه سيعلن غداً السبت نجاح أو فشل مبادرته.وقال «أنا ذاهب في هذه المبادرة إلى آخرها. اليوم بعد العصر سألتقي كل الأحزاب التي وافقت أو لم توافق على المبادرة، وأطرح عليها صيغتها النهائية». وأضاف أنه سيعلن غداً عن تشكيلة الحكومة «وإن لم تقبل سأذهب إلى رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي لأقدم له استقالتي».«فرانس برس»
حمادي الجبالي.. يتحدى حزبه الإسلامي من أجل تونس
15 فبراير 2013