كتب ـ جعفر الديري: يرى البعض في «جمعيات النقود» اختراعاً جنبهم فوائد القروض المهلكة، فيما ينظر إليه آخرون على أنه فخ من أفخاخ الحاجة للمال، خاصة عندما يدخل موظف 12 جمعية مثلاً وراتبه لا يتعدى بضع مئات من الدنانير. علي عباس اشترك في 7 جمعيات ولا يمانع في الاشتراك بضعفها «طالما هي حل متاح أفضل من القروض»، فيما تصف فاطمة خليل ظاهرة تعدد الجمعيات بـ»الجنون الحقيقي».سميرة يوسف تجد مبرراً للدخول بأكثر من جمعية، وتحكي قصة صديقة لها اشتركت بـ12 جمعية، بينما يعتقد حسن فاضل أن المبالغة بعدد الجمعيات مرده تأمين رفاهية العيش و»الفشخرة» لا ضغط الحاجة.أفضل من البنوك علي عباس شاب يناهز الثلاثين من العمر، دخل في 7 جمعيات حتى الآن، ولا يمانع من الاشتراك بضعفها، طالما أنها حل أفضل من قروض البنوك المدمرة. يقول عباس «لا أعرف من ابتدع فكرة الجمعيات، إلا أني أنحني إكباراً له! خلق أمراً جنبنا الدخول في معمعة قروض البنوك، وفوائدها الفاحشة، ولا يمكن بحال من الأحوال المقارنة بين جمعية دون فوائد، وبين قرض تتضاعف فوائده كل شهر». ويضيف «لا أحد ينكر أن البنوك أتاحت خيارات أكثر، وساهمت في صنع حياة أفضل، لكنها تأخذ أكثر مما تعطي، بينما الجمعيات تمكننا من تأمين حياة أفضل دون أن نضطر لدفع ثمن ما أخذناه أضعافاً مضاعفة!». قلق يومي وتشكو فاطمة خليل من وجع تعدد الجمعيات، وترى فيها جنوناً حقيقياً، وتنصح الجميع بعدم الدخول فيها، بعد أن ذاقت مراراتها ولا تزال، وبعد أن أصبحت أمراً ضرورياً وقلقاً يومياً ليس سهلاً أن تتخلص منه. وتقول فاطمة «الرغبة في اقتناء الجديد والجميل، تدفع الإنسان خاصة النساء إلى الدخول في الجمعيات، أنا لا أنكر أن هناك متطلبات أساسية، يضطر معها الناس للدخول في الجمعيات، كخيار أفضل من القروض، لكن من يضمن أن الفرد لن ينساق وراء القروض من أجل رفاهية لا مبرر لها؟!». ويرجح حسن فاضل فرضية الرفاهية على الحاجة، والقصة في رأيه لا تخص جمعية يشترك فيها زوجان من أجل بناء بيت مثلاً، أو تأمين المال لعلاج يطول «جمعيات هذه الأيام غايتها شراء سيارة جديدة، أو سفر لبلد تحتاج مالاً كثيراً لقضاء شهر واحد». ويضيف «لكي أكون منصفاً يمكنني القول إن هناك صنفين من المتعاملين مع الجمعيات، مضطرين وراغبين، فأما المضطرين فليجأون للجمعيات كونها خيار أفضل من فوائد القروض، وهم يشتركون فيها عادة لأنهم لا يجدون بديلاً عنها، وإلا فمن أين يمكن توفير المال؟! أما الصنف الآخر فهم الباحثين عن الرفاهية والفشخرة». مصروف جيب ولا تشك سميرة يوسف في أن جميع من يدخل الجمعيات من المضطرين «لا خيار اليوم سوى الجمعيات»، لكنها تشدد على مسألة تجدها في غاية الأهمية وهي الجمع بين أكثر من جمعية في وقت واحد. وتحكي سميرة قصة زميلتها في العمل «تثير عجبي كثيراً، لا يمضي أسبوع واحد دون أن تدعونا للدخول في جمعية جديدة، وعندما سألتها عن عدد الجمعيات الداخلة فيها أجابت بأنها 12 جمعية!، وعندما قلت لها إن 12 جمعية كثير جداً، فماذا يتبقى من راتبك؟ أجابت بابتسامة مصروف الجيب».