كتب ـ علي الشرقاوي:كل شاعر.. كل فنان.. كل إنسان منغمس بأحلام الوطن حتى النخاع، لا يؤدي دوره فقط إنما يؤدي أدواراً أخرى، واضعاً في اعتباره أهمية أن يعطي المجتمع ما أعطاه سلفاً ودون مقابل، هواء يتنفسه وخبزاً يأكله ومسكناً يأوي إليه. وإذا كان الشعر أحد أشكال النشاطات الذهنية والروحية الفردية، فإن الشعر وحده لا يشبع روح الشاعر كإنسان متعطش إلى الآخرين، أكثر من عطش النخيل، إضافة إلى ما يملك من تجارب وأفكار، وهنا تأتي الثقافة كفعل اجتماعي إنساني، مرافق طبيعي لمن يريد أن يرى كل جميل فيما حوله. الشاعر الكبير علي عبدالله خليفة، لم يكتف بدوره شاعراً له أسلوبه الشعري الخاص فقط، وله درايته في اختيار المفردة، وخلق الصورة الشعرية المبتكرة، وله نكهته الخاصة في الإلقاء أيضاً، وإيصاله إلى الجمهور بعذوبة اللهجة البحرينية الغاية قي العذوبة والسلاسة والتدفق، لذلك انخرط في العمل الثقافي العام، باذلاً ما يملك من معرفة وجهد، لإعطاء المجتمع جزءاً مما أعطاه في سنوات التكوين والتحصيل المعرفي.عمل على تأسيس الكثير من المشاريع الثقافية، بعضها استمر والبعض الآخر توقف نتيجة لظروف موضوعية. علي عبدالله خليفة أصدر مجموعة من الدواوين الشعرية الفصيحة والعامية، وهو لا يهدأ ولا يكل ويواصل مشواره الحياتي، وأينما يحط رحاله يترك بصمة واضحة فيمن حوله.تأسيس لا يتوقف مع بداية ظهور جريدة الأضواء، بدأ علي خليفة بالنشر محرضاً الآخرين للدخول في التجربة الغنية بالعطاء والجديدة بموضوعاتها ولغتها وتراكيبها، وأسس مع مجموعة من رفاق الكلمة أسرة الأدباء والكتاب عام 1969، ليكون ثاني رئيس لمجلس إدارتها لأكثر من دورة. ولعدم وجود دار نشر للكتاب البحريني، غامر خليفة مغامرة غير مدروسة، فأسس عام 1974 دار الغد للنشر والتوزيع، هذه الدار لم تستمر لأسباب مالية استطاعت أن تصل بالنتاج الأدبي الجديد لآفاق لم تصلها قبلاً، وأتبعها بمغامرة أخرى بتأسيس المجلة الأدبية الفصلية «كتابات» عام 1976، وتولى رئاسة تحريرها. كانت المجلة بمثابة منبر التف حوله الأدباء والنقاد والقراء، وشكل حالة من الحراك الثقافي دخلت الروح البحرينية بعد غياب طويل عن التعامل مع الثقافة المحلية.تولى خليفة وضع وثائق تأسيس مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية عام 1982، وأشرف على تأسيسه وتولى إدارته 5 سنوات، وأسس في قطر عام 1984 المجلة العلمية المتخصصة «المأثورات الشعبية» ورأس تحريرها 3 سنوات، وأسس عام 1989 الأمانة العامة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالبحرين وعين أميناً عاماً مساعداً للمجلس من 1989 ـ 1997. - أسـس فـي البحرين عام 1994 مجلة «البحرين الثقافية» الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وتولى إدارة تحريرها، وتولى إدارة الثقافة والفنون بوزارة الإعلام، ومهام تأسيس إدارة البحوث الثقافية بالديوان الملكي وتولى إدارتها حتى 2004. أسس مجلة الثقافة الشعبية الصادرة عن أرشيف الثقافة الشعبية للدراسات والبحوث والنشر في البحرين بالتعاون مع المنظمة الدولية للفن الشعبي «آي أو في» ورأس تحريرها، وتضم بين دفتيها موضوعات علمية متخصصة في الثقافة الشعبية باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية وتصدر كل 3 أشهر.الأعمال الشعرية أصدر علي خليفة مجموعة دواوين شعرية باللغة العربية الفصحي «أنين الصواري» 1969، «إضاءة لذاكرة الوطن» 1973، «في وداع السيدة الخضراء» 1992، «حورية العاشق» 2000، «يعشب الورق» مختارات شعرية 2005، «لا يتشابه الشجر» 2005، ومجموعتين باللهجة العامية «عطش النخيل» 1970 و»عصافير المسا» 1983.وله أوبريتات غنائية «صانع المجد» أوبريت غنائي مسرحي من ألحان الفنان جاسم الحربان 1996، و»انتظرناك طويلاً» و»على قلب واحد» أوبريتات غنائية ممسرحة من ألحان الفنان خالد الشيخ. واختيرت نماذج من قصائده وأدرجت ضمن المقررات الدراسية لطلبة الإعدادية والثانوية بمدارس البحرين وقطر والإمارات، وترجمت مختارات من أشعاره إلى الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والبولندية، ومنحته جامعة جوسيبي سيكلونا الدولية درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب عام 1987، فيما منحته البحرين وسام الكفاءة من الدرجة الأولى، ونال درع الإبداع في يوم الشعر العالمي 2004 من أسرة الأدباء والكتاب بالبحرين. دراسات بأعماله الشعرية وتناولت عدة دراسات الأعمال الشعرية لعلي خليفة منها «صيادو اللؤلؤ في شعر علي خليفة»، رسالة ماجستير بالفرنسية لجاكلين هوفر، و»الشاعر علي خليفة في ضوء اتجاهات الشعر العربي المعاصر» رسالة ماجستير د.عودة الله منيع القيسي.«علي عبدالله خليفة من أنين الصواري إلى إضاءة لذاكرة الوطن» د.ماهر فهمي، و»قيثارة المعاصرة بين الذات والموضوع» د.سليمان العطار، و»أفكار في إبداعات الشاعر البحريني المعاصر علي خليفة» المستشرقة البولندية بربارا ميخالاك بيكولسكا ود.يوسف شحادة، و»زهرة اللوتس.. دراسة بلاغية في شعر علي خليفة» د.وجدان الصائغ. «ما قالته النخلة للبحر» رسالة ماجستير د.علوي الهاشمي، و»السكون المتحرك» رسالة دكتوراه علوي الهاشمي، «قلق النص.. محارق الحداثة» غالية خوجة.
علي خليفة.. الشاعر عندما يعطي
28 فبراير 2013