تستعيد عاصمة السياحة العربية اليوم ملامح حياتها الاجتماعية والاقتصادية، تعيد توضيب حراكها الإنساني في موقع باب البحرين حيث سوق المنامة. تبدو البيئة المدنية بهيئتها الطبيعية والأزقة تسترد موضوعاتها المعيشية الاعتيادية، ولكن بطريقة حداثية ومعاصرة، تحتفي من خلالها وزارة الثقافة بالمنامة عاصمة للسياحة العربية 2013، وتستعين بالإرث الحياتي والحراك الطبيعي داخل المكان لرصد الثقافات الإنسانية والحيوية عبر سوق مفتوح، يفسح للمنتجات البحرينية والسلع المبتكرة دكاكين ومحطات عديدة، ويحول الفضاء الشاسع إلى مباشرة ثقافية تهتم باستحضار ورش العمل، والمشاهد الثقافية والموسيقية، والصناعات التراثية والحديثة وغيرها من الفعاليات والأنشطة.في الأسبوع الأول للسوق المستمر حتى أواخر مارس، خططت وزارة الثقافة ابتداءً من اليوم وحتى السبت ما بين الرابعة والعاشرة مساءً، لتقصي الابتكارات والمنتجات المختلفة في 16 كشكاً، كل واحد منها يقدم صياغة عملية أو حرفية مميزة، إلى جانب 5 محطات غذائية تقدم ابتكارات منزلية، مخبوزات، أغذية عضوية، حلويات وغيرها. وحول طبيعة الأكشاك والدكاكين الصغيرة، يتمكن الجمهور في الأسبوع الأول من التوقف أمام مجموعة فريدة من المعروضات، بينها ما يتعلق بنشر الوعي البيئي والتغيرات المناخية كما في محطة «المواطن العالم»، فيما تختصر محطة «لمعلوماتك» العديد من الالتقاطات بصورة بصرية عبر جدار فني مشكل من مجموعة منتجات مختلفة كالقمصان والوسائد واللوحات وغيرها، فيما يقدم كشك «بابوشكا» لغة فريدة في عرض الأثاث القديم المجدد بطرق مغايرة ومعالجات فنية دقيقة. على الطرف الموازي، ثمة إبداعات أخرى تختص بتقديم الإكسسوارات، المجوهرات، المشغولات اليدوية، البطاقات الفنية، الملابس، الأدوات المنزلية، أدوات القرطاسية، دمى ولعب الأطفال وغيرها، إضافة إلى ركن «جي دي بي» الذي يمثل أستوديو تصوير لالتقاط الصور التذكارية والاحترافية.خارج سياق العمليات التجارية واللقاءات الاقتصادية، يتمكن العابرون والزوار والسياح من معايشة فضاءات ثقافية متصلة، تفصح فيها العناصر الاعتيادية عن وجهات نظر مختلفة ومنظورات فريدة، تتجسد في المرة الأولى داخل معرض «إن تحدثت الجدران» ويقدمه 11 فناناً شاباً يعيدون اكتشاف عنصر الجدار على اختلاف مواده ووظائفه وعلاقاته بالتكوين البنائي والفراغي ولكن بصورة فنية مدهشة، ويستمر المعرض حتى 6 مارس المقبل، ويفكك اللغة السر التي تحملها الجدران باعتبارها موجوداً حياتياً يحيط بالإنسان ويومياته. وتنسل في ذات الفضاء اشتغالات مباشرة وتدريبات مبسطة على شكل مجموعة من الورش العملية، بينها «دراجات أبريغو الهوائية»، ويقدم فيها الفنان جورج راهي مشروعه الغريب، معتمداً على إعادة استخدام المواد الخام والمستخدمة في تصنيع الدراجات الهوائية لاختراع آلات موسيقية، انطلاقاً من فكرة أن الموسيقى الحية تسكن كل الأشياء، وإنه بالإمكان إعادة تدوير الموسيقى في الأشياء المحيطة. أما الفنانة زيي كسلر فلها طريقتها الموسيقية الخاصة في «الحديقة الموسيقية»، وينطلق فيها المشاركون لبحث الأشياء واكتشاف أصواتها، وإعادة هندستها وتركيبها كأداة موسيقية، اعتماداً على الأدوات والمعدات المتوفرة في السوق، فيما تقدم كسلر ورشة «دمى الظل» التي تصنع فيها العرائس الورقية وتعيد إيجاد ظلالها في حكايات فريدة. ومن واقع مشاركته، يندمج كشك «بابوشكا» مع الجمهور عبر ورشتي عمل، في الأولى منهما يلف المشاركون في السوق لبحث الأفكار قبل التوقف في محطة ما لتزيين صناديق المجوهرات وصناعة الأساور والأطر، فيما يصنعون في الثانية قطع أثاث وديكور من المواد غير المستعملة والقديمة، وأخيراً تقدم جنة وحمرا علم ورشة للأطفال لتعليمهم مهارات نقل المعرفة لأقرانهم.