كتب - محرر الشؤون المحلية:تعاني مملكة البحرين منذ 33 عاماً هي عمر «الثورة الإسلامية» من تطور التدخلات الإيرانية في الشأن البحريني، بدءاً من السعي لتصدير عقيدة سياسية حسب المفهوم الإيراني من خلال البوابة الدينية، لمد النفوذ في دول الخليج والمنطقة العربية عبر خطة طويلة الأمد، وانتهاءً بالتدخل لعرقلة جهود الحوار الوطني البحريني في محطات عديدة. ودأبت إيران منذ عام 1979 على محاولاتها التأثير في الهوية البحرينية لتغيير سلوك المواطن البحريني نحو العدوانية والعنف، من خلال مجموعات تتبنى أجندة طهران بعدما قضى أفرادها فترات سابقة هناك وعادوا إلى البحرين مستفيدين من العفو الشامل مع انطلاقة المسيرة الإصلاحية. وتعددت أشكال التدخلات الإيرانية في المملكة دبلوماسياً وإعلامياً ومالياً، معتمدة لعبة توزيع الأدوار بين المؤسسة الرسمية الحاكمة في إيران وشخصيات ومؤسسات غير رسمية إيرانية تعد جزءاً لا يتجزأ من النظام، حيث عمدت الجهات الأخيرة على تكرار تأكيدات مفادها أن البحرين جزء من إيران ويجب استعادتها، فيما تنفي الجهات الرسمية لاحقا أن تكون تلك التصريحات معبرة عن موقف طهران الرسمي. وأصبح الغطاء السياسي والإعلامي أبرز أوجه التدخل الإيراني المكشوف في شؤون البحرين الداخلية بشكل يصعب إخفاؤه أو التستر عليه، حيث لعبت تصريحات المسؤولين الإيرانيين والماكينة الإعلامية الضخمة دوراً كبيراً في تأجيج الوضع الداخلي في البحرين خلال الأزمة، فضلاً عن الدعم القديم لمحاولات قلب النظام منذ أواخر الثمانينات وبداية التسعينات، كشفت عنها أجهزة الأمن البحرينية، وظهر أيضاً في اعترافات متورطين في عدد من قضايا العنف عملت إيران على تجنيد بعضهم وتدريبهم في لبنان عن طريق سوريا على أعمال الإرهاب والتخريب، ومثال ذلك كشف المخطط الإرهابي في عام 1989، المتعلق باتصال خلايا مع إيرانيين في لبنان وسوريا.ويبدو للمتابع لتصريحات المسؤولين الإيرانيين عن الأحداث في مملكة البحرين أنهم يتحدثون عن محافظة إيرانية لا عن دولة مستقلة ذات سيادة، ورصد لمسؤول إيراني واحد هو وزير الخارجية صالحي أكثر من 15 تصريحاً خلال فترة وجيزة منذ بداية الأزمة في فبراير 2011، ساهمت في التأزيم، إضافة إلى عدد من القنوات الفضائية سخرت للتحريض المستمر على تقويض الاستقرار في البحرين، أبرزها فضائية «العالم» صاحبة السمعة المعروفة في قلب الحقائق وترويج الأكاذيب وفبركة الأخبار.ولم تتوقف تدخلات إيران عند الدعم السياسي والإعلامي إذ يعتقد على نطاق واسع وقوف إيران وراء المعارضة الراديكالية المسلحة التي نفذت عدداً من جرائم التفجيرات في المنامة، وأعمال الشغب والتخريب اليومية ضد رجال الشرطة والمواطنين والمقيمين، لاسيما أن كثيراً من تلك الأعمال احترافية لا تصدر إلا عن عناصر مدربة.وفي السياق نفسه، حاولت إيران مراراً تهريب أسلحة للبحرين خلال العقود الثلاثة الماضية ومنذ الثمانينيات بطرق مختلفة، مستغلة التبادل التجاري بين البلدين، وذلك بحسب تأكيدات بعض المصادر.وتدور شكوك خلال الفترة الراهنة حول مدى تأثير الدور الإيراني في مواقف المعارضة في جلسات الحوار الوطني القائم حاليا، خاصة أن المعارضة سبق أن انسحبت من جلسات سابقة لحوار التوافق الوطني في 2011 بعد تلقي أعضاء الوفاق المشاركين في الحوار مكالمة من إحدى الجهات توصيهم بالانسحاب، وذلك بحسب تقارير صحافية.يذكر أن إيران سبق لها اتباع سياسة التدخل نفسها مع دول أخرى مثل لبنان، وهو ما أفرز أعمال القتل ومظاهر التخريب وقطع الطرق واحتلال الميادين وفرض الأمر الواقع، وصولاً إلى تفجيرات طالت الحريري وشخصيات ذات دور مهم في الواقع البناني، وترجح بعض الأطراف أن يكون وراء تلك الممارسات جهاز الأمن الإيراني والحرس الثوري.